تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة عن الإحسان


Şøķåŕą
08-26-2022, 12:17 PM
خطبة عن الإحسان


المقدمة:

الحمد لله الذي أحاط بكل شيء خبرًا، وجعل لكل شيء قدرًا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترًا، الحمد لله شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، الحمد لله الذي جعل للمحسنين نصيبًا من رحمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى الحق، والمنقذ بإذن ربه من الضلال، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل، أما بعد:



الخطبة الأولى

أنواع الإحسان:

فالعطاء والبذل ارتبط بالإيمان والتقوى، وأهل الإحسان في الدنيا لهم مقامات الشرف في الآخرة، والإحسان من العبد له ثلاث قنوات من الخير:

الأولى: إحسان العبد مع خالقه فيتمثل في حديث سؤال جبريل العظيم؛ حيث قال: ((ما الإحْسَانُ؟ قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ))[1]، وهذه المراقبة مع استشعار الرقيب أعلى درجات مراتب الدين.



الثانية: إحسان خاص، وأعلاه وأحلاه وأكرمه إحسان المرء لوالديه، قال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، اقتران متين بين حق العبودية لله الذي خلق فأوجد، وبين حق الوالدين سببَي الوجود الذري.



الثالثة: الإحسان العام، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة: 83]، فأنت ليس لك في كل حال القدرة على الإحسان بالمال والأعيان، فجعل الله لك طريق اللسان بالدعوة، والبيان من أعظم أنواع الإحسان.



تجسيد الإحسان:

ومن أجمل صور الإحسان وأحبها إلى الرحمان وأقربها إلى العيان ليتخذ منها القدوة أن تتجسد في إنسان، وهذا في لفتة قرآنية رائعة في سورة يوسف؛ حيث قال تعالى: ﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 36]، فيوسف وهو في ضيق السجن وظلم السلطان وجور القرار إلا أنه لم يتخلَّ عن دعوته وتجسيد الإحسان في كل الأحوال حتى أصبح رأي العين من قبل أصحاب السجن والسجَّان؛ بل وصل وواصل الحال بعد الخروج من السجن ونيل المنصب والقيادة والحكم، فلم يقطع دعوته ولم يغيره تغيُّر الأيام، فقال تعالى على لسان أخوته: ﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 36] رؤيا مشتركة، سواء مع كثرة المعاشرة للسجناء أو قلتها مع الإخوة الفقراء، فسبحان من أعطى الأنبياء!



دقة الإحسان:

ــ ثم اعلم أيها المبارك أن الإحسان ليس بكثرة العطاء والإنفاق، فكم من عظيم العطايا ليس لها قبول عند الله؛ ولذا حذر الله من قضية تدخل على المعطي وتسري في جسده كسريان الماء، فقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [البقرة: 264]، فيصبح الإحسان سيئة ليس لذاته؛ ولكن بما قام في قلب المعطي من المنِّ في الأعطية وأذية المعطي؛ وهنا نفهم دقة الإحسان، فقليل العطاء مع صدق المعطي يرفع الله ذكر المعطي، ويشكر له عمله ويغفر له ذنبه، فعن أبي هريرة أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ((بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ، وجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ، فأخَذَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ له، فَغَفَرَ له))[2]، فالمرائي أحبَّ نفسَه وآذى الناس؛ فأبعده الله، وصاحب الغصن أحب الناس جميعًا وأبعد عنهم الأذى؛ فأحبَّه الله وأبعَدَ عنه أذى الذنوب والخطايا.



الإحسان المتصل:

ثم اعلم - رحمك الله- أنه ليس لأحد في إحسانه فضل، فالفضل لله الذي أعطاك أسبابه ووفقك لسلوك هذا الطريق، فهذا قارون في حوار مع العلماء قالوا له: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77]؛ أي: كما أنعم الله عليك من غير حول منك ولا قوة، وأحسن إليك بالإنعام، فأحسن إلى الناس بالعطاء، فالملك المطلق لله ونحن عبيد لله، فنعطي مما رزقنا الله ونستغفر الله، إن الله غفور رحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه سبحانه، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، الداعي إلى رضوانه، صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، أما بعد:



أهم فوائد الإحسان:

فلو أردنا استقصاء ما للإحسان من فضائل لطال المقام؛ ولكن نأخذ من ذلك طرفًا يعين على فهم ما ترك اختصارًا، ومن ذلك:

أولًا: المحسن يكون في معيَّة الله عزَّ وجلَّ تأييدًا ونصرة وتوفيقًا، ومَن كان الله معه فإنَّه لا يخاف بأسًا ولا رهقًا، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128].



ثانيًا: الإحسان يجعلك في دائرة الرحمة الربانية، وكلما أحسنتَ ازدَتَّ قربًا منها، قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56] قال ابن القيِّم: "مِفْتاح حصول الرَّحمة الإحْسَان في عبادة الخالق، والسَّعي في نفع عبيده"[3].



ثالثًا: الإحْسَان في عبادة الخالق يمنع عن المعاصي، فكلما أخذتْكَ نفسُك إلى فعل ما حرَّم اللهَ تذكَّرْتَ أن الله يراك ويسمع كلامك، ويعلم حركاتك وسكناتك، فرجعت إليه بالتوبة والمغفرة.



رابعًا: قد تضيق نفسك ويصعب عليك العطاء؛ لكن سرعان ما تجد نفسك بعده منشرح الصدر طيب النفس، فاليد العليا خير من اليد السفلى.



خامسًا: إن أعظم ما تقيم به بينك وبين الناس من الود للأحباب وكف الشر للأعداء هو الإحسان، قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34].



الدعاء:

اللهم اجعلنا من المحسنين، اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا واجعلهما الوارث منا، اللهم تقبَّل توبتنا، واغسل حوبتنا، وأجب دعوتنا، وثبِّت حجتنا، واهد قلوبنا، وسدد ألسنتنا، واسلل سخيمة قلوبنا، اللهم أمِّنَّا في أوطاننا، واحفظ اللهم ولاة أمورنا، ووفِّق بالحق إمامنا وولي أمرنا.



عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90] فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ، والله يعلم ما تصنعون.

- سمَـا.
08-26-2022, 01:24 PM
-


















جزاك الله الفردوس الأعلى
وَ نفع بطرحك الجميع ولا حرمك الأجر
لكِ من الشكر أجزله.

الحقوقي فيصل
08-26-2022, 04:28 PM
جزَاكِ اَللَّهُ خَيْر الجزاء
وأحسن اليكِ فِيما قدَّمت

يعطيكِ العافية ..

я α н ı ғ
08-26-2022, 05:04 PM
،/
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ,,
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته .

мя Зάмояч
08-26-2022, 05:37 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

نور القمر
08-26-2022, 06:05 PM
شكراً ع روووعة طرحك
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك
كل الود
.

البرنس مديح آل قطب
08-26-2022, 09:15 PM
https://www11.0zz0.com/2022/08/04/20/148191667.png




بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله
الاخت الغالية/ سكرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله وجزاكِ الله خير
واعطاك من فضله العميم
على الطرح المميز
تقديري لكِ
دُمتى في حفظ الرحمن ورعايته
مع باقات أنجونا
























يسلمواااااااااااااااااااااا

























https://www2.0zz0.com/2022/08/13/14/470511965.gif
القيصر العاشق
البــــــ مديح آل قطب ــــــــرنس

إِيزآبَيل♡
08-27-2022, 05:08 AM
_









جَزاك الله جنّةٌ عَرضهَا السموَاتِ والأَرض
وَ لا حَرمك الأجر يَارب.

عبد الحليم
08-27-2022, 10:29 AM
طرح يفوق الجمال لروعته
كعادتك إبداع في مواضيعك
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الجمال
لقلبك السعادة والفرح
ودي..

غـُـلايےّ
08-27-2022, 12:15 PM
طرحَ عَذب ..!!
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر لسموك

غلا الشمال
08-27-2022, 01:01 PM
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك :f15:

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
08-28-2022, 03:34 PM
,,~

جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..،
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْت بــِطآعَة الله ..~

,,~

رحيل
08-28-2022, 11:11 PM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته

جَوآهر
08-31-2022, 09:36 PM
-

يعطيك العآفية على الطرح الجميل
سلمت ~

الدكتور على حسن
09-01-2022, 01:19 AM
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع اكثر من رائع
اللهم اكرمك وأسعدك وبارك فيك
ربنا يجعل كل ما تقدمونه
في موازين حسناتكم
ويجازيك عنا خير الجــزاء
يااااااااااااااااارب
لك كل تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتــور علــى
https://v.3bir.net/3bir/2016/10/0_7729e_be71019f_L-1.jpg

خالد الشاعر
09-01-2022, 06:52 AM
جزاكى الله خير الجزاء
جعل يومكِ نوراً وَسروراً
وجبال من الحسنات تعآنقها بحورا
جعلها الله فى ميزان اعمالكِ
دام لنا عطائكِ

♡ Šąɱąя ♡
09-12-2022, 01:01 AM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

:kf1::f15::kf1:

Şøķåŕą
10-12-2022, 04:59 PM
عمر
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 04:59 PM
رهيف
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 04:59 PM
سما
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 04:59 PM
البرنس
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 04:59 PM
الحقوني
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 04:59 PM
الدكتور
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 05:00 PM
خالد
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 05:00 PM
خالد
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 05:00 PM
جواهر
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 05:00 PM
روحي
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 05:01 PM
غلا
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 05:01 PM
عبد الحليم
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 05:01 PM
غرام
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 05:01 PM
عشق
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 05:01 PM
غلاي
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 05:02 PM
نور
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 05:02 PM
سمر
شكرا للمرور

Şøķåŕą
10-12-2022, 05:03 PM
شكرا للمرور

كارا
05-26-2024, 04:54 PM
اسراب من الامتنان
لروحك عناقيد الورد

Şøķåŕą
05-28-2024, 03:30 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير