المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الولاء والبراء في الإسلام


رحيل
07-14-2022, 09:21 AM
الولاء والبراء في الإسلام



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإنَّ الله افترض على المؤمنين عداوةَ المشركين وبُغْضَهُم، وهذه هي مِلَّةُ إبراهيم - عليه السَّلام - وهي مِلَّةُ نبيِّنا ومِلَّتُنا، وقُدْوَتُه وقُدْوَتُنا؛ قال - تعالى -: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 123]، وقال - تعالى -: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [البقرة: 130].

وهو مبنيٌّ على أصلَيْن:
الأوَّل: إخلاصُ العبادة لله - سبحانه - قال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 161 - 163].

الثاني: البراءةُ مِن الشِّرْك والمشركين، وإظهارُ عداوتِهم؛ قال - تعالى -: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ} [الممتحنة: 4].

وإذا كان واجبًا على المسلم أن يقول هذا لقومه، الذين هو بين أَظْهُرِهِم، فكونُه واجبًا مع الكفار الأَبْعَدِينَ عنه، المُخالِفين له في جميع الأمور - أَبْيَنُ وأَبْيَنُ، فمَنْ لم يُحقِّق هذين الأصلَيْن، لا يَصِح له أن ينتسبَ إلى إبراهيمَ ومِلَّتِهِ.

قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الممتحنة: 1].

بل لقد حُرِّم على المؤمن مُوالاةُ الكافرينَ، ولو كانوا مِن أَقْرَبِ النَّاس إليه؛ قال - تعالى -: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22].

وذكر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهَّاب صُوَرًا لموالاة الكفَّار في رسالته: "أَوْثَقُ عُرَى الإيمان"، فقال:
"أحدها: التولِّي العامُّ.
الثاني: المودَّةُ والمحبَّةُ الخاصَّة.
الثالث: الرُّكُون القليل؛ قال - تعالى -: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء: 74، 75]، فإذا كان هذا الخطاب لأَشْرَفِ مخلوقٍ - صلاة الله وسلامه عليه - فكيف بغيره؟

الرَّابع: مُدَاهَنَتُهُم ومُدارَاتُهم؛ قال - تعالى -: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9].

الخامس: طاعتُهم فيما يَقولون وفيما يُشِيرون، كما قال - تعالى -: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]، وقال - تعالى -: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} [القلم: 10].

السادس: تقريبُهم في الجلوس والدخول على أُمَراء الإسلام.
السابع: مشاورتُهم في الأمور.
الثامن: استعمالُهم في أمرٍ مِن أمور المسلمين؛ أيِّ أمرٍ كان؛ إمارة، أو عمالة، أو كتابة، أو غير ذلك.
التاسع: اتخاذُهم بطانةً مِن دُونِ المؤمنين.
العاشر: مجالستُهم، ومزاوَرَتُهم، والدُّخول إليهم.
الحادي عشر: البَشاشة لهم والطَّلاقَة.
الثاني عشر: الإكرام العامُّ لهم.
الثالث عشر: استئمانُهم وقد خوَّنهم اللهُ.
الرابع عشر: معاونتُهم في أمورهم، ولو بشيءٍ قليلٍ، كَبَرْيِ القلمِ، وتقريبِ الدواةِ لِيَكتبوا ظُلْمَهم.
الخامس عشر: مُناصَحتُهم.
السادس عشر: اتِّباع أهوائهم.
السابع عشر: مصاحبتُهم ومعاشرتُهم.
الثامن عشر: الرِّضا بأعمالهم، والتشبُّه بهم، والتَّزيِّي بزِيِّهم.
التاسع عشر: ذِكْرُ ما فيه تعظيمٌ لهم، كتسميتِهم ساداتٍ وحكماءَ، كما يُقال للطَّاغوت: السيِّد فلان، أو يُقال لمَنْ يدَّعي علمَ الطبِّ: الحكيم، ونحو ذلك.
العشرون: السَّكَنُ معهم في ديارهم، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جامَع المشرِكَ وسَكَنَ معه، فهو مثْلُه»[1]"[2].

وكما حَرَّمَ - سبحانه - مُوالاة الكفَّارِ أعداءِ الدِّين، فقدْ أوجَبَ مُوالاةَ المؤمنين ومحبَّتَهم؛ قال - تعالى -: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 55، 56]، وَقَالَ - تَعَالَى -: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].

ومِن مَظاهر مُوالاة المؤمنين:
أولًا: الهجرة مِن بلاد الكفَّار إلى بلاد المسلمين؛ لأجل الفرار بالدِّين، فقد تبرَّأ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن كلِّ مسلمٍ يُقيم بيْن أَظْهُرِ المشركين؛ قال - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72].

ثانيًا: مُناصَرةُ المسلمين، ومعاونتُهم بالنَّفْس والمال فيما يَحتاجون إليه في دِينهم ودُنياهم؛ قال - تعالى -: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71].

وقال - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِم مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال: 72].

ثالثًا: النُّصْح ومَحبَّة الخيرِ لهم، وعدَم غِشِّهم؛ فعن أنسِ بن مالِك - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يُؤْمِنُ أحدُكُم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يحبُّ لنَفْسِه»[3].

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] "سُنن أبي داود"، (3/93)، برقم (2787)، وحسَّنه الشيخ الألباني - رحمه الله - في "صحيح الجامع الصغير"، (2/1046)، برقم (6186).

[2] "مجموعة التوحيد"، (ص: 170 - 172).
[3] "صحيح البخاري"، (1/21)، رقم (13)، و"صحيح مسلم"، (1/67)، برقم (45).
__________________________________________________ ______________

الكاتب: د. أمين بن عبدالله الشقاوي

- سمَـا.
07-14-2022, 10:29 AM
-










جزاك الله الفردوس الأعلى
وَ نفع بطرحك الجميع ولا حرمك الأجر
لكِ من الشكر أجزله.

بنت الشام
07-14-2022, 10:52 AM
https://vb.jdael.net/images/smilies/(270).gif

мя Зάмояч
07-14-2022, 11:39 AM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

غـُـلايےّ
07-14-2022, 11:40 AM
طرحَ عَذب ..!!
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر لسموك

خالد الشاعر
07-14-2022, 12:30 PM
جزاكى الله خير الجزاء
جعل يومكِ نوراً وَسروراً
وجبال من الحسنات تعآنقها بحورا
جعلها الله فى ميزان اعمالكِ
دام لنا عطائكِ

الــوافــي
07-14-2022, 02:05 PM
*,

جزاك الله خير
طرح يفوق الجمال
كعادتك إبداع في صفحآتك
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الفيض
لقلبك السعادة والفرح
ودي لك

*

عُـِــِزلہُ
07-14-2022, 02:16 PM
الله يعطيك العآفيـه ,
وسلمت يدآك على النقـل ,
لقلبك السعآده والفـرح ..
|‘,

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
07-14-2022, 03:59 PM
,,~

جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..،
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْت بــِطآعَة الله ..~

,,~

♡ Šąɱąя ♡
07-14-2022, 08:45 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

:kf1::f15::kf1:

Şøķåŕą
07-15-2022, 05:33 AM
سلمت الايادي
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء
لروحك جنائن الورد .

Š₳ħββє
07-15-2022, 07:06 PM
،



















جَزَاك اَللَّه خَيْر الجزَاء . .
وَنفَع بِك على الطَّرْح القيم
وَجعلِه فِي مِيزَان حِسْناتْكَّك ي رب . .

رحيل
07-17-2022, 10:57 AM
جزاكم الله بالمثل على المرور الكريم

عُـِــِزلہُ
07-21-2022, 09:44 AM
__



















يعطيك ألف عافية :u11:
تحياتي وَ تقديري. :u11:

رحيل
07-21-2022, 03:53 PM
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم

رحيل
07-21-2022, 03:55 PM
عمر
.
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم

رحيل
07-21-2022, 03:56 PM
سكره
.
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم

رحيل
07-21-2022, 03:56 PM
صبا
.
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم

رحيل
07-21-2022, 03:56 PM
سمر
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم
..

رحيل
07-21-2022, 03:56 PM
فيصل
.
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم

رحيل
07-21-2022, 03:56 PM
وافي
.
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم

رحيل
07-21-2022, 03:56 PM
بنت الشام
.
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم

رحيل
07-21-2022, 03:57 PM
خالد
.
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم

رحيل
07-21-2022, 03:57 PM
روح
.
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم

رحيل
07-21-2022, 03:57 PM
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم:eq-34:

رحيل
07-21-2022, 03:57 PM
غزل
.
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم

رحيل
07-21-2022, 03:58 PM
غلاي
.
جزاكم الله بالمثل ..
على المرور الكريم

نور القمر
07-21-2022, 07:04 PM
شكراً يَ ألق
لـِ جمال هذا الانتقاء وَ التقديم
دمتم بخير

غـُـلايےّ
07-23-2022, 07:50 AM
طرحَ عَذب ..!!
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر لسموك

Şøķåŕą
12-07-2022, 05:07 PM
_



سلمت الأيادي ..
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء
لروحك جنائن الورد .