تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التكبر على الناس


Şøķåŕą
06-26-2022, 05:06 PM
التكبُّر على الناس


الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك، وخلق كل شيء فقدَّره تقديرًا، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله ربُّه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد:

فإن التكبُّر هو سبيل هلاك الإنسان، وله أضرار كثيرة على المسلم في الدنيا والآخرة؛ ولذلك أردتُ أن أحذر نفسي وأحبائي طلابَ العلم الكرام من أخطار التكبر، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

تعريف التكبُّر: عدمُ قَبولِ الحقِّ، واحتقارُ الناس وعدمُ احترامهم.



الفرق بين العُجْب والتكبُّر:

العُجْب بالشيء: شدةُ السرور به حتى لا يعادله شيء عند صاحبه. تقول هو معجب بفلانة: إذا كان شديدَ السرور بها، وهو معجب بنفسه: إذا كان مسرورًا بخصالها؛ ولهذا يقال: أعجبه، كما يُقال: سُرَّ به، فليس العُجْب من الكبر في شيء؛ (الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري، صـ352).



الله تعالى يحذرنا من التكبُّر:

لقد حذَّرنا الله تعالى من التكبر وسوء عاقبته في مواضع عديدة في القرآن الكريم:

(1) قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34].



قال قتادة: حسد عدوُّ اللهِ إبليسُ آدمَ عليه السلام على ما أعطاه الله من الكرامة، وقال: أنا ناري وهذا طيني، وكان بدء الذنوب الكبر، استكبر عدوُّ الله أن يسجد لآدم عليه السلام؛ (تفسير ابن كثير، جـ1، صـ 231).



(2) وقال سبحانه: ﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ﴾ [الأعراف: 88].



(3) وقال جل شأنه: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 146].



قوله: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ ﴾؛ أي: سأمنع فهم الحجج والأدلة على عظمتي وشريعتي وأحكامي قلوب المتكبرين عن طاعتي، ويتكبرون على الناس بغير حق؛ أي: كما استكبروا بغير حق أذلهم الله بالجهل؛ (تفسير ابن كثير، جـ3، صـ 475).



(4) وقال سبحانه: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 21].



(5) وقال عز وجل: ﴿ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 72].



قوله: ﴿ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾؛ أي: فبئس المصير وبئس المقيل لكم، بسبب تكبُّركم في الدنيا وإبائكم عن اتباع الحق، فهو الذي صيركم إلى ما أنتم فيه، فبئس الحال وبئس المآل؛ (تفسير ابن كثير، جـ7، صـ 119).



(6) وقال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].



قوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ﴾؛ أي: عن دعائي وتوحيدي، ﴿ سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾؛ أي: صاغرين حقيرين؛ (تفسير ابن كثير، جـ7، صـ 155).



نبينا صلى الله عليه وسلم يحذرنا من الكِبْر على الناس:

لقد حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من الكِبْر في كثير من أحاديثه المباركة، وسوف نذكر بعضًا منها:

(1) روى مسلم عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخُل الجنةَ مَنْ كان في قلبه مثقال ذَرّة من كِبْر))، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبُه حسنًا، ونَعْلُه حسنةً، قال: ((إنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجمال، الكِبْرُ بَطَرُ الحقِّ وغَمْطُ الناس))؛ (مسلم، حديث 91).



قوله: ((بَطَرُ الحقِّ))؛ أي: ردُّ الحق.

قوله: ((وغَمْطُ الناس))؛ أي: احتقار الناس.



(2) روى الشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((احتجَّتِ النارُ والجنةُ فقالت هذه: يدخلني الجبَّارون والمتكبِّرون، وقالت هذه: يدخلني الضعفاءُ والمساكين، فقال الله عز وجل لهذه: أنتِ عذابي أُعَذِّبُ بكِ مَنْ أشاء، وقال لهذه: أنتِ رحمتي أرحم بك من أشاء، ولكل واحدة منكما مِلْؤُها))؛ (البخاري، حديث 7449/ مسلم، حديث 2846).



(3) روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهم اللهُ يومَ القيامةِ ولا يُزكِّيهم: (قال أبو معاوية: ولا ينظُر إليهم، ولهم عذابٌ أليمٌ) شَيْخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كذَّاب، وعائلٌ مُسْتكبِرٌ))؛ (مسلم، حديث 107).



((وعائل مستكبر))؛ أي: فقير مستكبر.



(4) روى البخاري عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بينما رجل يمشي في حُلَّةٍ تُعْجِبُه نفسُه مُرَجِّلٌ جُمَّتَه (شعره) إذ خَسَفَ اللهُ بهِ، فهو يَتَجَلَّل إلى يوم القيامةِ))؛ (البخاري، حديث 5789).



(5) روى أبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله عز وجل: الكِبْرياءُ رِدائي، والعظمةُ إزاري، فمن نازعني واحِدًا منهما قذفتُه في النار))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني، حديث 3446).



(6) روى الشيخان عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يطوي اللهُ عز وجل السماوات يومَ القيامة ثم يأخذهن بيده اليُمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟))؛ (البخاري، حديث 7412 / مسلم، حديث 2788).



(7) روى الترمذي عن عبدالله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يُحشَر المتكبرون يومَ القيامة أمثال الذَّرِّ في صُوَرِ الرِّجالِ يغشاهم الذُّلُّ من كل مكان، فيُساقُون إلى سجن في جهنم يُسمَّى بُولُس، تعلوهم نارُ الأنْيَارِ، يُسقَون من عُصارة أهل النار طينة الخَبالِ))؛ (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني، حديث 2025).



(8) روى البخاري عن عبدالله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما رجلٌ يجُرُّ إزارَه من الخُيلاء خُسِفَ به، فهو يَتَجَلْجَل في الأرضِ إلى يومِ القيامةِ))؛ (البخاري، حديث 3485).



أقوال السلف الصالح في التحذير من التكبُّر

ذكر أهل العلم كثيرًا من أقوال السلف الصالح عن الكبر، سوف نذكر بعضًا منها:

(1) قال أبو بكر الصديق: لا يحقرن أحد أحدًا من المسلمين؛ فإن صغير المسلمين عند الله كبير. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ524).



(2) قال الأحنف بن قيس: عجبًا لابن آدم يتكبر وقد خرج من مجرى البول مرتين. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ524).



(3) قال وهب بن منبه: لما خلق الله جنة عدن نظر إليها فقال: أنت حرام على كل متكبر. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ524).



(4) قال محمد بن الحسين بن علي: ما دخل قلب امرئ شيء من الكِبْر قَطُّ إلا نقص من عقله بقدر ما دخل من ذلك أو أكثر. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ524).



(5) رأى عبدالله بن عمر بن الخطاب رجلًا يختال في مشيته ويجُرُّ إزاره، فقال: إن للشيطان إخوانًا. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ526).



(6) رأى محمد بن واسع ولده يختال فدعاه وقال: أتدري من أنت؟ أما أمك فأشتريها بمائتي درهم، وأما أبوك فلا أكثر الله في المسلمين مثله. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ526).



(7) رأى مطرف بن عبدالله المهلب وهو يتبختر في جُبّة خَزٍّ (حرير) فقال: يا عبدالله، هذه مشية يبغضها الله ورسوله، فقال له المهلب: أما تعرفني؟ فقال: بلى أعرفك، أوَّلُكَ نطفة مذرة، وآخرتك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة. فمضى المهلب وترك مشيته تلك. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ526).



(8) قال مسروق بن الأجدع: كفى بالمرء علمًا أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلًا أن يعجب بعلمه. (الدر المنثور للسيوطي، جـ7، صـ20).



(9) قال عبدالله بن هبيرة: سئل سلمان الفارسي عن السيئة التي لا تنفع معها حسنة؟ قال: الكبر. (نضرة النعيم جـ11 صـ5378).



(10) قال مالك بن دينار: إذا طلب العبد العلم ليعمل به كسره، وإذا طلبه لغير العمل زاده فخرًا. (اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي، رقم 33).



(11) حج عمر بن عبدالعزيز قبل أن يستخلف فنظر إليه طاوس بن كيسان، وعمر يختال في مشيته فغمز جنبه بأصبعه ثم قال: ليست هذه مشية من في بطنه خراء. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ526).



(12) قال ابن قيم الجوزية: أركان الكفر أربعة: الكِبْر، والحسد، والغضب، والشهوة. (الفوائد لابن الجوزي، صـ157).



أنواع التكبُّر:

ذكر بعض أهل العلم أن التكبر على ثلاثة أنواع هي:

أولًا: التكبُّر على الله تعالى:

يعتبر التكبُّر على الله تعالى من أسوأ أنواع الكبر، وذلك بأن يتكبر هذا الإنسان الضعيف، الذي لا حول له ولا قوة على خالقه عز وجل، فيدَّعي أنه ربٌّ لهذا الكون من دون الله، وقد ذكر الله لنا نماذج لهذا النوع من الكبر.



النمروذ بن كنعان:

قال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 258].



قال ابن كثير: يقال إن النمروذ بن كنعان بقي في ملكه أربعمائة سنة. (تفسير ابن كثير، جـ2، صـ451).



وعاقبه الله بأنْ أمرَ بعوضةً دخلت في أنفه، فكان يُضرَب بالمرازب على رأسه حتى تسكُن، ثم أهلكه الله تعالى بها. (تفسير ابن كثير، جـ2، صـ452).



فرعون:

كان فرعون يسير على نهج النمروذ بن كنعان وذلك بتكبره عن عبادة الله تعالى وادِّعائه أنه إله وربٌّ من دون الله عز وجل، وقد بيَّن الله تعالى ذلك في كتابه العزيز:

قال تعالى: ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 38، 39].



قال سبحانه: ﴿ قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ﴾ [الشعراء: 29].



وقال جل شأنه: ﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24].



وقال تعالى: ﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الزخرف: 51].



قال وهب بن منبه: قال موسى لفرعون: آمن ولك ملكك، قال: حتى أشاور هامان، فشاور هامان، فقال هامان: بينما أنت ربٌّ تُعبَد، إذا صِرْتَ عبدًا تَعْبُد، فاستنكف عن عبودية الله، وعن اتِّباع موسى عليه السلام. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ535).



قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ﴾ [الفرقان: 60].



وقال سبحانه: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].



ثانيًا: التكبُّر على أنبياء الله تعالى:

إن النفس البشرية قد تمتنع أن تنقاد لرسل الله الكرام من حيث إنهم بشر، وقد يمتنع العبد أن ينقاد لرسول الله تارة وهو يعتقد أنه محق، وتارة وهو يعلم أن الرسول على حق ولكن يمنعه الكبر عن طاعة هذا الرسول الكريم، وقد تحدَّث القرآن الكريم عن تكبُّر الناس على رسل الله الكرام في مواضع شتى.



(1) فرعون وقومه:

يقول الله تعالى حكاية عن فرعون وقومه مع موسى وهارون عليهما السلام: ﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ * فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ * فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ ﴾ [المؤمنون: 45 - 48].



(2) أصحاب القرية:

يقول الله تعالى: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ * قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ * قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ [يس: 13 - 19].



(3) نوح مع قومه:

يقول الله تعالى: ﴿ قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [هود: 32].



(4) شعيب مع قومه:

يقول سبحانه: ﴿ قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ﴾ [هود: 91].



(5) نبينا صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة:

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 31].



قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 7 - 9].



(6) نبينا صلى الله عليه وسلم مع المنافقين:

يقول الله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المنافقون: 5].



ثالثًا: التكبر على الناس:

التكبُّر على الناس يكون بأن يستعظم الإنسان نفسه، ويحتقر غيره من المخلوقين، وتأبى نفسُه الانقيادَ إلى غيرها من البشر، وتدعوه إلى الترفُّع عليهم، وهذا النوع من التكبر وإن كان دون النوعين؛ الأول والثاني، إلا أنه عظيم من وجهين:

الوجه الأول: أن الكبر والعز والعظمة لا يليق إلا بالله الملك الجبار، فأما العبد فهو ضعيف لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، ولا يملك موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، فعندما يتكبر العبد، فقد نازع الله في صفة لا تليق إلا به سبحانه وتعالى.



ومثال ذلك: أن يأخذ العبد قلنسوة الملك فيضعها على رأسه، ويجلس على كرسي الملك، فما أعظم استحقاقه للمقت! وما أشد تجرُّؤه على سيده ومولاه! فمن تكبَّر على عبد من عباد الله تعالى، فقد نازع الله تعالى في حقه.



الوجه الثاني: أن التكبر على الناس يدعو العبد إلى مخالفة أوامر الله تعالى؛ لأن المتكبر إذا سمع الحق من عبد من عباد الله تعالى، استكبر عن قبوله. فكل من يناظر من أجل الغلبة والإفحام، وليس من أجل الوصول إلى الحق، يتكبر على حجج وآراء من يناظره من الآخرين حتى لو كان الحق مع خصومه الآخرين.



والتكبر على الناس يحمل الإنسان على رفض الوعظ؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 206].



قال عبدالله بن مسعود: كفى بالمرء إثمًا إذا قيل له: اتقِ الله، قال: عليك نفسك. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ535: صـ537).



قال الحسن البصري: السجود يذهب بالكبر، والتوحيد يذهب بالرياء. (نضرة النعيم، جـ11، صـ5377).



وقال أيضًا: من خصف نعليه، ورفع ثوبه، وعفر وجهه لله عز وجل، فقد برئ من الكبر. (نضرة النعيم، جـ11، صـ5377).



درجات الكبر:

قال ابن قدامة: اعلم أن العلماء والعباد في آفة الكبر على ثلاث درجات:

(1) الدرجة الأولى:

أن يكون الكبر مستقرًّا في قلب الإنسان منهم، فهو يرى نفسه خيرًا من غيره، إلا أنه يجتهد ويتواضع، فهذا شجرة الكبر مغروسة، إلا أنه قد قطع أغصانها.



(2) الدرجة الثانية:

أن يظهر لك بأفعاله من الترفع في المجالس، والتقدم على الأقران، والإنكار على من يقصر في حقه، فترى العالم يُصعِّر خده، (أي: يميله من الكبر) للناس، كأنه معرض عنهم، والعابد يعيش ووجهه كأنه مستقذر لهم، وهذان قد جهلا ما أدَّبَ الله به نبيه صلى الله عليه وسلم حين قال: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215].



(3) الدرجة الثالثة:

أن يظهر الكبر بلسانه؛ كالدعاوى والمفاخر وتزكية النفس، وحكايات الأحوال في معرض المفاخر لغيره، وكذلك التكبر بالنَّسَب، فالذي له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك النسب، وإن كان أرفع منه عملًا. (مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة، صـ292).



قال عبدالله بن عباس: يقول الرجل للرجل: أنا أكرم منك، وليس أحد أكرم من أحد إلا بالتقوى. قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].



وكذلك التكبُّر بالمال، والجمال، والقوة، وكثرة الأتباع، ونحو ذلك، فالكبر بالمال أكثر ما يجري بين الملوك والتجار ونحوهم، والتكبر بالجمال أكثر ما يجري بين النساء، ويدعوهن إلى التنقص والغيبة وذكر العيوب، وأما التكبر بالأتباع والأنصار، فيجري بين الملوك بالمكاثرة بكثرة الجنود، وبين العلماء بالمكاثرة بالمستفيدين، والحاضرين في مجلسه.



وفي الجملة فكل ما يمكن أن يعتقد كمالًا، فإن لم يكن في نفسه كمالًا، أمكن أن يتكبر به، حتى إن الفاسق قد يفتخر بكثرة شرب الخمر، والفجور، لظنه أن ذلك كمالًا. والتكبر يظهر في شمائل الإنسان، كنظره احتقارًا للآخرين، وإطراق رأسه، وجلوسه متربعًا ومتكئًا، وفي أقواله، حتى في صوته ونغمته، وصيغة إيراده الكلام. ويظهر ذلك أيضًا في مشيته وتبختره، وقيامه وقعوده وحركاته وسكناته وسائر تقلباته. (مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة، صـ292: صـ293).



أسباب التكبر:

ذكر أهل العلم أن للتكبر أربعة أسباب؛ هي: العُجْب، والحقد، والحسد، والرياء.



أولًا: العُجْب:

العجب يورث الكبر الباطن، والكبر يثمر التكبر الظاهر في الأعمال والأقوال والأحوال.



ثانيًا: الحقد:

الحقد يحمل على التكبُّر من غير عجب كالذي يتكبَّر على من يرى أنه مثله أو فوقه ولكن قد غضب عليه بسبب سبق منه فأورثه الغضب حقدًا، ورسَّخ في قلبه بغضه، فهو لذلك لا تطاوعه نفسُه أن يتواضع له وإن كان عنده مستحقًّا للتواضع.



ثالثًا: الحسد:

الحسد يوجب البغض للمحسود وإن لم يكن من جهته إيذاء وسبب يقتضي الغضب والحقد، ويدعو الحسد أيضًا إلى جحد الحق، ويمتنع الإنسان عن قبول النصيحة نتيجة لحسده للغير، فلا يقبل من الغير شيئًا من الخير أبدًا؛ لأنه يحسده ولا يتعلم منه علمًا، فكم من جاهل يشتاق إلى العلم ولكن يمنعه حسده لأهل العلم أن يقبل العلم والحق منهم. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ546: صـ547).



رابعًا: الرياء:

الرياء من أسباب الكبر. إن الرجل ليناظر من يعلم أنه أفضل منه وليس بينه وبينه معرفة ولا محاسدة ولا حقد؛ ولكن يمتنع من قبول الحق منه، ولا يتواضع له في الاستفادة، خيفة من أن يقول الناس إنه أفضل منه، فيكون باعثه على التكبر عليه الرياء المجرد، ولو خلا معه بنفسه لكان لا يتكبر عليه، وأما من يتكبر بالعُجْب أو الحسد أو الحقد فإنه يتكبر على الآخرين عند الخلوة بهم. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ547).



وسائل التكبر على الناس

يمكن أن نوجز وسائل التكبر على عباد الله تعالى في الأمور التالية:

(1) التكبر بالعلم:

ما أسرع الكبر إلى العلماء! فإن العالم قد يتعزز بعلمه، ويستعظم ويحتقر الناس، وينظر إليهم باعتبارهم جهلاء يحتاجون دائمًا إلى علمه، ويظهر هذا الكبر في سلوك بعض العلماء، فيرى بعضهم أنه يجب على الناس أن يبدءوه بالسلام، وأن يُفسحوا له المكان، وألا يتكلم أحد قبله، وأن يقوموا بخدمته وقضاء مصالحه، وإن قصَّروا في ذلك عاتبهم عتابًا شديدًا، ويرى أن حقَّه على الناس أن يقوموا بزيارته وتقديم الهدايا له، وهذا بالنسبة لأمور الدنيا، وأما بالنسبة لأمر الآخرة، فإن بعض العلماء يرى أنه أفضل من كثير من الناس عند الله تعالى، ويرجو لنفسه من الثواب عند الله أكثر مما للناس، ويظهر للناس أنه يخاف عليهم سوء الخاتمة وأليم العقاب يوم القيامة. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ538).



(2) التكبر بكثرة العبادة:

بعض الزهّاد والعُبَّاد قد يتكبرون على الناس بكثرة عبادتهم، ويرون أن الناس هلكى وهم ناجون، ويظهر ذلك في كلامهم فيقول بعضهم: إنني أختم القرآن كل كذا وكذا، وأصلي في اليوم كذا وكذا ركعة، وحججت كذا مرة، وأديت كذا عمرة، ولا يدري هؤلاء المساكين هل قبل الله عبادتهم أم لا؟! (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ538).



(3) التكبُّر بالنسب:

التكبُّر بالنسب شائع بين الناس؛ فترى صاحب النسب الشريف يتكبر بنسبه على الآخرين، فيقول: أنا فلان بن فلان، فيتكبر عليه وإن كان الآخر أرفع منه علمًا وعملًا، وأول من افتخر بنسبه هو إبليس؛ قال الله تعالى: ﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [ص: 71 - 78]. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ538).



(4) التكبر بالجمال:

التكبر بالجمال كثيرًا ما يكون بين النساء، وهذا يدعو إلى الغِيبة والنميمة، فالمرأة التي منحها الله تعالى قدرًا من الجمال ولكنها قليلة الإيمان تتكبر على غيرها من النساء بهذا الجمال، وأنها تستطيع أن تتزوج الرجل الذي تريده بجمالها، وإذا تزوجت فإنها يمكن أن تتكبر على زوجها أيضًا بأنها إذا طُلِّقَتْ منه فإن هناك الكثير من الرجال الذين يرغبون في زواجها.



(5) التكبر بالمال:

التكبر بالمال يجري بين الملوك في خزائنهم، وبين التجار في بضائعهم، وبين المتجملين في لباسهم وخيولهم ومراكبهم؛ فيستحقر الغني الفقير ويتكبر عليه ويقول له: أنت مكدٌّ ومسكين، وأنا لو أردت لاشتريت مثلك، واستخدمت من هو فوقك، ومن أنت؟! وما معك؟! وأثاث بيتي يساوي أكثر من جميع مالك، وأنا أنفق في اليوم ما لا تأكله في سنة، وكل ذلك لاستعظامه للغنى واستحقاره للفقر، وكل ذلك جهل منه بفضيلة الفقر وآفة الغنى. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ545).



تكبر قارون بماله:

قال تعالى: ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾ [القصص: 76 - 81].



صاحب الجنتين:

﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا * هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾ [الكهف: 32 - 44].



(6) التكبر بكثرة الأتباع:

التكبر بكثرة الأتباع يكون بين العلماء فيقول بعضهم: يحضر مجلسي الآلاف من الناس، وأنت لا يحضر لك إلا كذا وكذا، ويكون ذلك بين زعماء القبائل. (إحياء علوم الدين للغزالي، جـ3، صـ546).



وقفة للتأمل:

من تكبر بسبب الغنى، فإذا تأمل بعض اليهود، وجدهم أغنى منه، فأُفٍّ لشرف تسبق به اليهود، ويسرقه السارق في لحظة، فيعود صاحبه ذليلًا. ومن تكبر بسبب العلم، فليعلم أن حجة الله على العالم أكثر من الجاهل، وليتفكر في الخطر العظيم الذي هو بصدده، فإن خطره أعظم من خطر غيره كما أن قدره أعظم من قدر غيره.



وليعلم هذا العالم أن الكبر لا يليق إلا بالله سبحانه، وأنه إذا تكبر صار ممقوتًا عند الله تعالى بغيضًا عنده، وقد أحب الله منه أن يتواضع. (مختصر منهاج القاصدين، صـ297).



ومن تكبرت بجمالها، فلتعلم أن الجمال يزول أو تفقده صاحبته في حادث من الحوادث فتصبح لا قيمة لها بعد زوال هذا الجمال.



ختامًا:

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله ذخرًا لي عنده يوم القيامة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم.



وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

♥мs.мooη♥
06-26-2022, 10:57 PM
سلمت يمينك
ولك احترامي وتقديري

الحقوقي فيصل
06-26-2022, 10:59 PM
أثابكم الله ورزقك الاجر الوافي


يعطيك العافية على الاختيار


ودي وتقديري ..:861:

мя Зάмояч
06-27-2022, 12:04 AM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

♡ Šąɱąя ♡
06-27-2022, 12:09 AM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

:kf1::f15::kf1:

جَوآهر
06-27-2022, 05:31 AM
يعطيك الف عافيه على الطرح الجميل
سلمت :241:

مرفأ
06-27-2022, 08:34 AM
ماشاء الله ابداع
الله يعطيك العافية

غـُـلايےّ
06-27-2022, 10:29 AM
سلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ
ودي لك ولروحك

- سمَـا.
06-27-2022, 12:39 PM
-










بارك الله فيك
وجزاك عنا كل خير
تقديري.

سليدا
06-27-2022, 05:00 PM
جزاك الله خير
طرح يفوق الجمال
كعادتك إبداع في صفحآتك
يعطيك العافيه يارب:239:

سمارا
06-28-2022, 10:37 AM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

سمارا
06-28-2022, 10:51 AM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

روحي تبيك
06-28-2022, 11:11 AM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

رحيل
06-29-2022, 11:26 PM
جزاك الله خيرا ولاحرمك الاجر
بوركت وطرحك الطيب

خالد الشاعر
06-30-2022, 10:08 AM
جزاكى الله خير الجزاء
جعل يومكِ نوراً وَسروراً
وجبال من الحسنات تعآنقها بحورا
جعلها الله فى ميزان اعمالكِ
دام لنا عطائكِ

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:56 AM
عمر
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:56 AM
سمر
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:57 AM
مس
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:57 AM
سما
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:57 AM
اميره
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:57 AM
امير
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:58 AM
مرفأ
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:58 AM
ميراي
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:59 AM
الحقوني
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:59 AM
سمارا
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:59 AM
سليدا
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:59 AM
غرام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 08:59 AM
غلاي
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
08-04-2022, 09:00 AM
خالد
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

رحيل
12-26-2022, 07:33 PM
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما

رحيل
12-26-2022, 07:33 PM
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما

Şøķåŕą
03-27-2023, 02:53 PM
:ho12:

Şøķåŕą
03-27-2023, 02:53 PM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.