رحيل
06-11-2022, 09:23 AM
من الفوائد الحديثية (3): الرجوع في الهبة أو الصدقة
وحيد بن عبدالله أبوالمجد
قُرئ علينا ونحن نستمع بإسناد شيخِنا العربيِّ زغلول حفظه الله إلى إمام أهل السُّنَّةِ والجماعة الإمام أحمدَ بنِ حنبل رحمه الله في مسنده من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: ((حملتُ على فرس في سبيل الله، فأضاعه صاحبُه، فأردتُ أن أبتاعه وظننتُ أنه بائعُه برخصٍ، فقلت: حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا تَبْتَعْهُ وإن أعطاكَهُ بدرهم؛ فإن الذي يعود في صدقته، كالكلب يعود في قيئه))، وفي رواية: ((الذي يعود في هِبته))؛ [وقد رواه أيضًا البخاري ومسلم وغيرهم].
♦ الأصل تحريم الرجوع في الهبة:
وينبغي للواهب أن يعلم أن العائدَ في هِبتِه قد شبَّهه الرسول صلى الله عليه وسلم بالكلب الذي يقيء، ثم يعود فيأكل منه، وهذا مَثَلُ سوء، فلا ينبغي للمسلم أن يتمثل بهذا الفعل.
قال البهوتي الحنبلي رحمه الله: "(ولا) يصح (رجوع واهب) في هبته (بعد قبض)، ولو نقوطًا، أو حمولة في نحو عرس، كما في الإقناع للزومها به، (ويحرُم) الرجوع بعده؛ لحديث ابن عباس مرفوعًا: ((العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه))؛ [متفق عليه]"؛ [انتهى].
♦ وهذا باستثناء في هبة الوالد لولده، فيجوز الرجوع فيها؛ لِما رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، من حديث بن عمر وابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالا: (((لا يحِلُّ للرَّجُلِ أن يُعطِيَ عَطيَّةً ثمَّ يَرجِعَ فيها، إلَّا الوالِدَ فيما يُعطي وَلَدَه ...)).
وفي رواية عند أحمد والترمذي: ((لا يحل لمسلم أن يعطِيَ العَطِيَّة ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده)).
نعم، فهذا الحديث يخصص عموم حديث: ((العائد في هبته))؛ قال ابن قدامة في المغني: "فيخرج الوالد فيما يعطي لولده"؛ [انتهى].
وهنالك ضوابط للرجوع؛ منها: أن تكون الهبة باقية في ملك الولد، فإن خرجت من ملكه ببيع أو هبة لغيره، فلا رجوع.
قال ابن قدامة رحمه الله: "وللرجوع في هبة الولد شروط؛ منها: أن تكون باقية في ملك الابن، فإن خرجت عن ملكه، ببيع أو هبة، أو وقف أو إرث، أو غير ذلك، لم يكن له الرجوع فيها؛ لأنه إبطال لملك غير الوالد ...".
♦ وهنا مسألة:
أن قوله صلى الله عليه وسلم: ((إلَّا الوالِدَ فيما يُعطي وَلَدَه))، فهل يشمل كل والدٍ، فتدخل فيه الأم؟
ذهب أبو حنيفية وأحمد إلى أنها لا تملك الرجوع.
وفصَّل مالك، فقال: تملك الرجوع في حياة الأب، فلا يكون الابن يتيمًا، ولا تملك إن كان الأب ميتًا.
وذهب الشافعي إلى أن لها الرجوع، كالأب، وهو قول بعض الحنابلة، وأيضًا ابن حزم، وعليه أكثر الفقهاء.
فنقدم الأمر الشرعي في بِرِّ الوالدين، وعدم عقوقهما، والإحسان إليهما وطاعتهما.
هذا، وأسأل الله العظيم أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا.
وحيد بن عبدالله أبوالمجد
قُرئ علينا ونحن نستمع بإسناد شيخِنا العربيِّ زغلول حفظه الله إلى إمام أهل السُّنَّةِ والجماعة الإمام أحمدَ بنِ حنبل رحمه الله في مسنده من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: ((حملتُ على فرس في سبيل الله، فأضاعه صاحبُه، فأردتُ أن أبتاعه وظننتُ أنه بائعُه برخصٍ، فقلت: حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا تَبْتَعْهُ وإن أعطاكَهُ بدرهم؛ فإن الذي يعود في صدقته، كالكلب يعود في قيئه))، وفي رواية: ((الذي يعود في هِبته))؛ [وقد رواه أيضًا البخاري ومسلم وغيرهم].
♦ الأصل تحريم الرجوع في الهبة:
وينبغي للواهب أن يعلم أن العائدَ في هِبتِه قد شبَّهه الرسول صلى الله عليه وسلم بالكلب الذي يقيء، ثم يعود فيأكل منه، وهذا مَثَلُ سوء، فلا ينبغي للمسلم أن يتمثل بهذا الفعل.
قال البهوتي الحنبلي رحمه الله: "(ولا) يصح (رجوع واهب) في هبته (بعد قبض)، ولو نقوطًا، أو حمولة في نحو عرس، كما في الإقناع للزومها به، (ويحرُم) الرجوع بعده؛ لحديث ابن عباس مرفوعًا: ((العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه))؛ [متفق عليه]"؛ [انتهى].
♦ وهذا باستثناء في هبة الوالد لولده، فيجوز الرجوع فيها؛ لِما رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، من حديث بن عمر وابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالا: (((لا يحِلُّ للرَّجُلِ أن يُعطِيَ عَطيَّةً ثمَّ يَرجِعَ فيها، إلَّا الوالِدَ فيما يُعطي وَلَدَه ...)).
وفي رواية عند أحمد والترمذي: ((لا يحل لمسلم أن يعطِيَ العَطِيَّة ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده)).
نعم، فهذا الحديث يخصص عموم حديث: ((العائد في هبته))؛ قال ابن قدامة في المغني: "فيخرج الوالد فيما يعطي لولده"؛ [انتهى].
وهنالك ضوابط للرجوع؛ منها: أن تكون الهبة باقية في ملك الولد، فإن خرجت من ملكه ببيع أو هبة لغيره، فلا رجوع.
قال ابن قدامة رحمه الله: "وللرجوع في هبة الولد شروط؛ منها: أن تكون باقية في ملك الابن، فإن خرجت عن ملكه، ببيع أو هبة، أو وقف أو إرث، أو غير ذلك، لم يكن له الرجوع فيها؛ لأنه إبطال لملك غير الوالد ...".
♦ وهنا مسألة:
أن قوله صلى الله عليه وسلم: ((إلَّا الوالِدَ فيما يُعطي وَلَدَه))، فهل يشمل كل والدٍ، فتدخل فيه الأم؟
ذهب أبو حنيفية وأحمد إلى أنها لا تملك الرجوع.
وفصَّل مالك، فقال: تملك الرجوع في حياة الأب، فلا يكون الابن يتيمًا، ولا تملك إن كان الأب ميتًا.
وذهب الشافعي إلى أن لها الرجوع، كالأب، وهو قول بعض الحنابلة، وأيضًا ابن حزم، وعليه أكثر الفقهاء.
فنقدم الأمر الشرعي في بِرِّ الوالدين، وعدم عقوقهما، والإحسان إليهما وطاعتهما.
هذا، وأسأل الله العظيم أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا.