تذكارُ...!
06-08-2022, 02:45 PM
خليفة الفقاعي رجل البحر طيب الذكر
إذا كان للبَر رجاله، فللبحر رجاله أيضاً، وكان النوخذا خليفة محمد الفقاعي من رجال البحر البارزين المبرّزين في الإمارات .
تقول المصادر الرسمية أن الوالد خليفة الفقاعي من مواليد دبي عام ،1921 إلا أن "أبا علي" رحمه الله تعالى كان إذا سمع هذا التاريخ ضحك وقال: مسكين من كتبه، وكأنه كان يشير إلى تاريخ أقل من هذا بكثير .
على كل، فإن رجلاً مثل خليفة الفقاعي، سواء عاش فوق التسعين أو دون التسعين، فإن أيامه مليئة بالإنجازات والمغامرات، فهو رجل جاور البحر منذ طفولته، ورغم أنه عمل في التجارة إلا أن حنينه للبحر كان أكثر، لأنه عاش مع الماء المالح حتى غرق فيه عدة مرات، وشاهد بعينه كيف يلتهم سمك القرش رفاقه .
تنقل "أبوعلي" بين موانئ الإمارات منطلقاً من رأس الخيمة، وبين البصرة ومسقط وبومباي ولانجور وزنجبار وممباسا ومقديشو، فاكتسب من البحر خبرة طويلة، لدرجة أنه صار ينقذ الآخرين من الغرق أو الضياع في عرض البحر .
تحدث النوخذا خليفة الفقاعي عن نفسه كثيراً، فهو وإن كان متفائلاً بالحياة في أواخر حياته، إلا أنه لم يكن كذلك في بدايات حياته، لأنه عاش حياة الجوع والحرمان، ولذلك هاجر أهله من دبي إلى رأس الخيمة التي في تلك الأيام كانت تتميز بالزراعة والتجارة والبحر .
ولا ينسى "أبوعلي" فضل النوخذا إبراهيم السامان وسفينته المسماة "فتح الخير"، إذ كان خليفة يعمل عليها كمساعد في أعمال بسيطة، ثم انتقل إلى النوخذة إبراهيم، ليعمل معه على سفينته المسماة تيسير، فعمل معه عدة سنوات، إلا أنه لم يستفد مالاً قدر ما استفاد خبرة، رغم أنه عمل وليداً ضمن طاقم السفينة .
نعم . . . حياة البحر صعبة، والبحر يتحكم فيه اتجاه الريح، لذلك فإن رحلة ما بين رأس الخيمة والشارقة كانت تستغرق سبعة أيام إذا كانت الرياح معاكسة .
يقول خليفة: أنا راعي البحر، واشتغلت تاجر أقمشة عندما كلفني الشيخ محمد بن سالم القاسمي حاكم رأس الخيمة آنذاك، فسافرت إلى الهند واشتريت الأقمشة المطلوبة، وبعتها له فكسبنا 25% من قيمتها .
واشتغلت تاجر سلاح أيضاً، عندما كلفني الشيخ السفر إلى عدن عام 1941 لشراء الأسلحة، وإلى ذلك اليوم لم أكن أعرف شيئاً عن السلاح، غير أن فلاناً عنده مسدس، وفلاناً عنده تفق (بندقية) أم عشر، ولم نكن نعرف الرشاشات .
يضيف: نجحت في شراء الأسلحة، وأرسلتها إلى رأس الخيمة، إلا أن الإنجليز قبضوا عليّ واتهموني بالاتجار في السلاح فسجنوني، لكن الله تعالى أنقذني فصدرت براءتي وعدت إلى رأس الخيمة .
يقول خليفة: هنا اشتقت إلى البحر مرة أخرى، فاشتريت سفينة بحمولة 30 طناً، فصرت أخرج بها إلى موانئ بنادر فارس، لكني تركت تلك السفينة لأخي محمد، وصرت أشتغل على سفينة لخليفة حمرعين .
وفي سفرة من سفراتي التقيت بالشيخ سلطان المرزوقي في مغوه، واشتريت منه سفينة حمولتها 100 طن، وسميتها "فتح الخير"، وكانت فاتحة خير فعلاً .
ثم اشتريت سفينة أخرى حمولتها 200 طن من حسن بوعساف من الكويت، ومنذ ذلك اليوم صرت أسافر إلى الهند ودول إفريقيا، وبدأت أغامر وأدخل المحيطات كما فعلت مع " هاكونا مرابو"، حيث خرجت بمحملي من مسقط إلى رأس الرجاء الصالح، واستغرقت الرحلة 73 يوماً بدلاً من 20 يوماً بسبب الأمواج العاتية .
بالمناسبة "هاكونا مرابو" باللغة السواحلية معناها أنتم لستم عرباً، قالها أهل ممباسا عندما شاهدوا وصول خليفة بسفينته بعد هذه الرحلة الشاقة .
وذكر لي النوخذة "بوعلي" أشياء كثيرة عن مغامراته التي شملت ما بين مسقط وعدن والهند وممباسا ومقديشيو والمكلاّ وزنجبار، وحدثني عن مواجهته لأسماك القرش في عام 1966 .
والتقى في أسفاره بشخصيات عدة في عدن والدول الإفريقية، وهنالك تعرفوا إلى شخصية خليفة الفقاعي النوخذة، لذلك فإنه تكريما لدوره، استحق بندقية شيخ المهرة في المكلاّ، ورشاش سياد بري رئيس جمهورية الصومال .
وتعلم خليفة الفقاعي خلال سفراته عدة لغات، منها السواحلية والأوردو والملباري والفارسية، ورغم أنه كان النوخذا الذي يضرب به المثل، فإنه يذكر رفاقاً له في الدرب نفسه من أمثال: عبدالله بن سالم، وعبدالعزيز بن عبدالله، وجاسم بن كلبان، وعلي بن سالم، وعلي البزي، وعلي بن سعيد، ومحمد بن حميد بن دلموك، ويوسف الحسن، وعبدالكريم الحسن، ويوسف غريب .
إذن هؤلاء كانت لديهم "أبوام وسنابيك" للرحلات الطويلة، غير المحامل والمراكب الصغيرة و"الجالبوت" للسفر والرحلات القصيرة داخل موانئ الدولة .
وذكر لي خليفة أسماء رجالات آخرين مثل الشيخ القاضي أحمد بن حجر، وإبراهيم السامان، والمناعي، وحمرعين، وبن مويزه، ومحمد المطر،وبن رايوي، والكيت، وبن دسمال، وبن سيفان، والشرهان، وعبدالله الميرزا، والقريدي، وأسماء كثيرة لا يتسع المقام لذكرها .
وكان الوالد خليفة، رحمه الله تعالى، شديد الاعتزاز بشيوخ الإمارات، وعلى رأسهم المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والشيخ صقر بن محمد القاسمي، وشيوخ آخرين من الأسر الحاكمة الكريمة، حيث إنهم كانوا خير عون له في تلك الأيام العصيبة .
ثم ذكر عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وحكام الإمارات، ودورهم في نشر الرخاء والرفاهية وإسعاد الشعب، وقال عن الماضي: الله لا يعيد تلك الأيام الصعبة .
نعم . . والوالد خليفة الفقاعي بما أنه رجل البر والتقوى أخبرني أنه ساهم في الكثير من المساجد خارج دولة الإمارات، وكان رحمه الله تعالى من المواظبين على حضور صلاة العيد في الراشدية وند الحمر، حيث أنا خطيب المصلى .
كما أنه كان يتردد على مجلسي في الخوانيج، وأهل المجلس يستمتعون بسوالفه عن الماضي، وما زلت أحتفظ في مجلسي بمجسم لمحمله "فتح الخير" الذي أهداني إياه، وكان يتصل بي أسبوعيا إذا لم يستطع الحضور، وكنت أداعبه إذا غاب عني ولا سيما في الأيام الأخيرة أقول له: مارأيتك من زمان لايكون سافرت الهند أو زنجبار تبغي تعرس، فيرد علي قائلا: مغرز خربان تواير مبنجرة .
الوالد خليفة الذي عاش 90 سنة أو أقل أو أكثر، كان من نواخذة البحر في الإمارات، وكان رمزاً من رموز الماضي الجميل .
وإنني لا يسعني في نهاية القول إلا أن أقول لأبنائه التسعة: علي، وعبدالله، وإبراهيم، ويوسف، وعمر، وجمعة، وحسن، وأحمد، وسعيد، وأقول لبناته الست: أحسن الله عزاءكم وغفر لميتكم، وأبقاكم ذرية صالحة بررة به بعد وفاته، كما كنتم بارين به في حياته .
وإنني أوصيكم بأن تبقوا متآلفين متعاونين سائرين على منهجه وإن كنتم من أمهات شتى، حيث إنه أخبرني في حياته بأنه خصص يوماً في الأسبوع على الأقل للقاء أولاده، وقال لي: أجبرتهم أن يحضروا هذا اليوم ولو بقوة التفق ولا تهاون فيه، فرحم الله الطيب الذكر خليفة الفقاعي .
إذا كان للبَر رجاله، فللبحر رجاله أيضاً، وكان النوخذا خليفة محمد الفقاعي من رجال البحر البارزين المبرّزين في الإمارات .
تقول المصادر الرسمية أن الوالد خليفة الفقاعي من مواليد دبي عام ،1921 إلا أن "أبا علي" رحمه الله تعالى كان إذا سمع هذا التاريخ ضحك وقال: مسكين من كتبه، وكأنه كان يشير إلى تاريخ أقل من هذا بكثير .
على كل، فإن رجلاً مثل خليفة الفقاعي، سواء عاش فوق التسعين أو دون التسعين، فإن أيامه مليئة بالإنجازات والمغامرات، فهو رجل جاور البحر منذ طفولته، ورغم أنه عمل في التجارة إلا أن حنينه للبحر كان أكثر، لأنه عاش مع الماء المالح حتى غرق فيه عدة مرات، وشاهد بعينه كيف يلتهم سمك القرش رفاقه .
تنقل "أبوعلي" بين موانئ الإمارات منطلقاً من رأس الخيمة، وبين البصرة ومسقط وبومباي ولانجور وزنجبار وممباسا ومقديشو، فاكتسب من البحر خبرة طويلة، لدرجة أنه صار ينقذ الآخرين من الغرق أو الضياع في عرض البحر .
تحدث النوخذا خليفة الفقاعي عن نفسه كثيراً، فهو وإن كان متفائلاً بالحياة في أواخر حياته، إلا أنه لم يكن كذلك في بدايات حياته، لأنه عاش حياة الجوع والحرمان، ولذلك هاجر أهله من دبي إلى رأس الخيمة التي في تلك الأيام كانت تتميز بالزراعة والتجارة والبحر .
ولا ينسى "أبوعلي" فضل النوخذا إبراهيم السامان وسفينته المسماة "فتح الخير"، إذ كان خليفة يعمل عليها كمساعد في أعمال بسيطة، ثم انتقل إلى النوخذة إبراهيم، ليعمل معه على سفينته المسماة تيسير، فعمل معه عدة سنوات، إلا أنه لم يستفد مالاً قدر ما استفاد خبرة، رغم أنه عمل وليداً ضمن طاقم السفينة .
نعم . . . حياة البحر صعبة، والبحر يتحكم فيه اتجاه الريح، لذلك فإن رحلة ما بين رأس الخيمة والشارقة كانت تستغرق سبعة أيام إذا كانت الرياح معاكسة .
يقول خليفة: أنا راعي البحر، واشتغلت تاجر أقمشة عندما كلفني الشيخ محمد بن سالم القاسمي حاكم رأس الخيمة آنذاك، فسافرت إلى الهند واشتريت الأقمشة المطلوبة، وبعتها له فكسبنا 25% من قيمتها .
واشتغلت تاجر سلاح أيضاً، عندما كلفني الشيخ السفر إلى عدن عام 1941 لشراء الأسلحة، وإلى ذلك اليوم لم أكن أعرف شيئاً عن السلاح، غير أن فلاناً عنده مسدس، وفلاناً عنده تفق (بندقية) أم عشر، ولم نكن نعرف الرشاشات .
يضيف: نجحت في شراء الأسلحة، وأرسلتها إلى رأس الخيمة، إلا أن الإنجليز قبضوا عليّ واتهموني بالاتجار في السلاح فسجنوني، لكن الله تعالى أنقذني فصدرت براءتي وعدت إلى رأس الخيمة .
يقول خليفة: هنا اشتقت إلى البحر مرة أخرى، فاشتريت سفينة بحمولة 30 طناً، فصرت أخرج بها إلى موانئ بنادر فارس، لكني تركت تلك السفينة لأخي محمد، وصرت أشتغل على سفينة لخليفة حمرعين .
وفي سفرة من سفراتي التقيت بالشيخ سلطان المرزوقي في مغوه، واشتريت منه سفينة حمولتها 100 طن، وسميتها "فتح الخير"، وكانت فاتحة خير فعلاً .
ثم اشتريت سفينة أخرى حمولتها 200 طن من حسن بوعساف من الكويت، ومنذ ذلك اليوم صرت أسافر إلى الهند ودول إفريقيا، وبدأت أغامر وأدخل المحيطات كما فعلت مع " هاكونا مرابو"، حيث خرجت بمحملي من مسقط إلى رأس الرجاء الصالح، واستغرقت الرحلة 73 يوماً بدلاً من 20 يوماً بسبب الأمواج العاتية .
بالمناسبة "هاكونا مرابو" باللغة السواحلية معناها أنتم لستم عرباً، قالها أهل ممباسا عندما شاهدوا وصول خليفة بسفينته بعد هذه الرحلة الشاقة .
وذكر لي النوخذة "بوعلي" أشياء كثيرة عن مغامراته التي شملت ما بين مسقط وعدن والهند وممباسا ومقديشيو والمكلاّ وزنجبار، وحدثني عن مواجهته لأسماك القرش في عام 1966 .
والتقى في أسفاره بشخصيات عدة في عدن والدول الإفريقية، وهنالك تعرفوا إلى شخصية خليفة الفقاعي النوخذة، لذلك فإنه تكريما لدوره، استحق بندقية شيخ المهرة في المكلاّ، ورشاش سياد بري رئيس جمهورية الصومال .
وتعلم خليفة الفقاعي خلال سفراته عدة لغات، منها السواحلية والأوردو والملباري والفارسية، ورغم أنه كان النوخذا الذي يضرب به المثل، فإنه يذكر رفاقاً له في الدرب نفسه من أمثال: عبدالله بن سالم، وعبدالعزيز بن عبدالله، وجاسم بن كلبان، وعلي بن سالم، وعلي البزي، وعلي بن سعيد، ومحمد بن حميد بن دلموك، ويوسف الحسن، وعبدالكريم الحسن، ويوسف غريب .
إذن هؤلاء كانت لديهم "أبوام وسنابيك" للرحلات الطويلة، غير المحامل والمراكب الصغيرة و"الجالبوت" للسفر والرحلات القصيرة داخل موانئ الدولة .
وذكر لي خليفة أسماء رجالات آخرين مثل الشيخ القاضي أحمد بن حجر، وإبراهيم السامان، والمناعي، وحمرعين، وبن مويزه، ومحمد المطر،وبن رايوي، والكيت، وبن دسمال، وبن سيفان، والشرهان، وعبدالله الميرزا، والقريدي، وأسماء كثيرة لا يتسع المقام لذكرها .
وكان الوالد خليفة، رحمه الله تعالى، شديد الاعتزاز بشيوخ الإمارات، وعلى رأسهم المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والشيخ صقر بن محمد القاسمي، وشيوخ آخرين من الأسر الحاكمة الكريمة، حيث إنهم كانوا خير عون له في تلك الأيام العصيبة .
ثم ذكر عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وحكام الإمارات، ودورهم في نشر الرخاء والرفاهية وإسعاد الشعب، وقال عن الماضي: الله لا يعيد تلك الأيام الصعبة .
نعم . . والوالد خليفة الفقاعي بما أنه رجل البر والتقوى أخبرني أنه ساهم في الكثير من المساجد خارج دولة الإمارات، وكان رحمه الله تعالى من المواظبين على حضور صلاة العيد في الراشدية وند الحمر، حيث أنا خطيب المصلى .
كما أنه كان يتردد على مجلسي في الخوانيج، وأهل المجلس يستمتعون بسوالفه عن الماضي، وما زلت أحتفظ في مجلسي بمجسم لمحمله "فتح الخير" الذي أهداني إياه، وكان يتصل بي أسبوعيا إذا لم يستطع الحضور، وكنت أداعبه إذا غاب عني ولا سيما في الأيام الأخيرة أقول له: مارأيتك من زمان لايكون سافرت الهند أو زنجبار تبغي تعرس، فيرد علي قائلا: مغرز خربان تواير مبنجرة .
الوالد خليفة الذي عاش 90 سنة أو أقل أو أكثر، كان من نواخذة البحر في الإمارات، وكان رمزاً من رموز الماضي الجميل .
وإنني لا يسعني في نهاية القول إلا أن أقول لأبنائه التسعة: علي، وعبدالله، وإبراهيم، ويوسف، وعمر، وجمعة، وحسن، وأحمد، وسعيد، وأقول لبناته الست: أحسن الله عزاءكم وغفر لميتكم، وأبقاكم ذرية صالحة بررة به بعد وفاته، كما كنتم بارين به في حياته .
وإنني أوصيكم بأن تبقوا متآلفين متعاونين سائرين على منهجه وإن كنتم من أمهات شتى، حيث إنه أخبرني في حياته بأنه خصص يوماً في الأسبوع على الأقل للقاء أولاده، وقال لي: أجبرتهم أن يحضروا هذا اليوم ولو بقوة التفق ولا تهاون فيه، فرحم الله الطيب الذكر خليفة الفقاعي .