المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العاقبة للمتقين


Şøķåŕą
05-29-2022, 04:09 PM
والعاقبة للمتقين


وقَدْ عُلِمَ لِكُلِ ذي عقلٍ أريبٍ أنَّ معركةَ الحقِّ والباطل لا تخلو مِنْ ذلٍّ للباطلِ وإِنْ عَلا وتكبر وعِزَةٍ للحقِّ وإنْ حُوصِرَ وتَقَهْقَر. ومْنِ صوَرِ ذاك الذلِّ وتلك العزَّةِ أنَّك ترى أهلَ الباطلِ يُهَرْوِلُونَ إلى أهلِ الحقِّ في مَحْبَسِهِمْ واﻷيَادِي مُكَبَّلَةٌ والجراحُ نازِفَةُ، يسألونهم لينَ الموْقفِ وحُسْنَ المعْشَرِ، وقَدْ كَذَبُوا إذْ مَا يَطْلُبُونَهُ لا يَعْدُو كَوْنَهُ إذْعانًا للباطلِ وأًهْلِهِ. وهيهاتَ هيهاتَ أَنْ ينالوا منهم ذاك، وهيهاتَ هيهاتَ أَنْ يُزاحَ أهلُ الحقِّ عن الحقِّ قيدُ أنْمُلَة، وهل نالَ السوْطُ مِنْ الحرِّ إلَّا صوتَ آهاتٍ! وهل أخذَ السيفُ مِنْ الحرِّ إلِّا لَوْنَ دِماء!



وللهِ دُرَّكَ يا إمام، يوم المحنة والفرقان، يومَ ابْتُلِيَ العبادُ بفتنةِ خلقِ القرآن. فقام ـ رحمهُ الله ـ للحقِّ أسَدًا هَصُورًا، فكان في لَيْلِ المُعْتَزِلَةِ للسُّنَّةِ نُورًا مُبِينًا، فجزاهُ اللهُ عنَّا خيرًا وجنَّةً ونعيمًا. وهل تذكر معي يوم جاءه إمام الضلالِ، أحمد بن أبي دؤاد، يناظره في محْبَسِهِ والسيوفُ مسلولةٌ والرماحُ منصوبةٌ، عسى أَنْ ينالَ من ابن حنبلٍ ذلَّةِ لِسان، فانْدَحَرَ ابن أبي دؤاد بِذُلِّ الباطلِ خائبًا ذليلًا، رغمَ رفقةِ السلطانِ، وصار ابنُ حنبلِ بِعِزِّ الحقِّ حرَّا عزيزًا رغمَ سياطِ السَّجَّان.



ومن سننِ الله الماضية في خلقه أنَّه سبحانه جعل الجزاءَ من جنسِ العملِ، ومَنْ ظَلَمَ غيرَه ذاق مرارة هذا الظلمِ رغمًا عن أنفه. فكم مظلومًا وهنت كتفاه عن حمل ثقل مظلمته فرفعها إلى مولاه، فأبدله الله خيرًا منها عزةً وشرفًا، وكم ظالمًا بغى وطغى وتكبر حتى ظنَّ أنَّه في عنان السماء يحلق، فسقاه الله ذل ظُلمه وأسكنه في ردغة خبال فُجره يتنفس رهج عبثه ومجونه. ألم تر إلى الحميراء الصديقة بنت الصديق ـ رضي الله عنهما ـ في محنتها عندما رماها الفجار بالزور والبهتان عسى أن تصير طيب ذكراها نسْيًا مَنْسِيَّا، فأنزل الله من فوق سبع سماواتٍ براءتها تُتْلَى إلى يوم الدين، فرفع بذلك ذكرها وحطَّ مِنْ قدرِ مَنْ تولى كبْرَه فهو في لعنةٍ إلى يوم الدين، ﴿ إنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لكلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ۩ ﴾ [النور: 11].



وكم مِنْ عالم ٍجليلٍ وُصَفَ من خصومه الظالمين بأصنافٍ عدةٍ من ضروب المفاسد الشرعية والعقدية، لا لشيءٍ إلَّا لأنه على الحق المبين، فأبدله الله ذكرًا حسنًا إلى يوم الدين وجعل له لسان صدقٍ في الآخرين، وما خبرُ ابن تيمية عنك ببعيدٍ، وسبحان الملك الوهاب يَمُنُّ على من يشاء من عباده بالبلاءِ حتى يعلو في العالمين ذكره ويرتفع عند ربِّ العالمين في جنة الخلد اسمه.



وكم من أمةٍ بغت على أنبيائها وصالحيها فقتلوا الأنبياء وحَرَّقوا الصالحين وأسَرُوا المخبتين وأشاعوا عن المحسنين الفحشاء، فأبدلهم مولاهم من يسومهم سوء العذاب من بني جلدتهم أو من غيرها - ولو بعد حين - ﴿ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 88].



وهل رأيت أخوة يوسف عليه السلام لمَّا بغوا عليه ورموه في غيابات الجب، فألجأهم الله إليه أذلِّة بعد حين يسألون حفناتٍ معدواتٍ ببضاعةٍ مزجاة ﴿ قالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ۩ ﴾ [يوسف: 88].



وهل رأيت أحمد يوم إذ عُذِّبْ - ويا ليت شعري أيُعَذَبُ أحمد؟! - من بني العباس فصمت الناس على تلكم المظالم حتى ذاقوا الذلَّ والوبال تحت حوافرِ خيولِ المغولِ والتتار. واعلم بُنَيَّ أنَّ ما ظُلِمَ امرؤٌ على وجه تلك البسيطة وعَلِمَ بهذا الظلمِ أحدٌ - وكان في يده أن يغيره حتى ولو بقلبه - ولم يفعل إلَّا ذاق من هذا الظلم ظلمًا أشدُّ وأنكى، فما بالك بمن أعان على هذا الظلم، فمن أعان ظالمًا سلطه الله عليه، فانظر وتدبر.



وعلى أهل الحقِّ ـ حيثما كانوا ـ ألَّا ينظروا إلى آلامهم بعين الحسرة، بل عليهم أن يعلموا بعين اليقين أنَّ الألم في أهل الباطل أشد والعاقبة للمتقين، فلا يهنوا ولا يحزنوا، ﴿ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 104].



فأهلُ الباطل ـ عادةً ـ أصحاب مال ونفوذ، وسوف يلقوا بأموالهم في أتون الصراع بين الحق والباطل نصرةً لباطلهم، فلا يجزع أهلُ الحق لمَّا يروا هذه الأموال تتدفق فهي حسرة عليهم في الدنيا والآخرة، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36].



بل في الحقيقة يجب عليهم أنْ يستبشروا فهذا وَعْدُ الله ورسولِه، ﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].



وعليك أن تفْقَهْ وَلَدِي الحبيب، أنَّ للحقِّ أهلًا ورجالًا يصطفيهم المولى العزيز بحكمتِه ومنَّتِهِ، فيقذف في قلوبهم الحقِّ قذفًا وينير دروبهم بنوره فيسيل على ألسِنَتِهِمْ حُجَجُ الحقِّ سيلًا، فلا يجد الباطلُ محيصًا من الإنصهار تحت دكِّ حوافرِ الحقِّ المبين، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [سبأ: 13]، ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 18].

الحقوقي فيصل
05-29-2022, 05:39 PM
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْتِ بــِطآعَة الله ..~

♥мs.мooη♥
05-29-2022, 06:30 PM
بين مواضيعكم نجد
المتعة دائماً
وفقكم الله لقادم اجمل

ابو الملكات
05-29-2022, 06:43 PM
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب

خالد الشاعر
05-29-2022, 06:48 PM
جزاكى الله خير الجزاء
جعل يومكِ نوراً وَسروراً
وجبال من الحسنات تعآنقها بحورا
جعلها الله فى ميزان اعمالكِ
دام لنا عطائكِ

♡ Šąɱąя ♡
05-29-2022, 07:51 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

:kf1::f15::kf1:

мя Зάмояч
05-29-2022, 10:55 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

خاطري آضمـڪ
05-30-2022, 04:58 AM
جزاك اللهُ خير الجزاء..
جعل يومگ نورا وسرورا
وجبالا من الحسنات تعانقها بُحورا
جعلها آلله في ميزان آعمآلَگ
دام لَنآ عطائك

بنت الشام
05-30-2022, 10:13 AM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

تذكارُ...!
05-30-2022, 01:07 PM
شكراً يَ ألق
لـِ جمال هذا الانتقاء وَ التقديم
دمتم بخير

الدكتور على حسن
05-30-2022, 06:53 PM
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع اكثر من رائع
اللهم اكرمك وأسعدك وبارك فيك
ربنا يجعل كل ما تقدمونه
في موازين حسناتكم
ويجازيك عنا خير الجــزاء
يااااااااااااااااارب
لك كل تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتــور علــى
:rose::eq-32::rose:

سمارا
05-30-2022, 09:21 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

نور القمر
05-31-2022, 05:55 PM
طرح يفوق البهاءَ
لـا حُرمنا جَزيل عطائـِك
وّ مدائن من الشٌكر لـــ روُحك
ولِقلبِكْ الأُوركِيدَ

رحيل
06-03-2022, 10:50 PM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض
بآرك الله فيك على الطَرح القيم
في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,,
آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !!
وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك
وعَمر آلله قلبك بآآآلايمَآآنْ
علىَ طرحَك آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ
دمت بـِ طآعَة الله

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:44 PM
عمر
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:45 PM
سمر
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:45 PM
مس
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:45 PM
اميرة
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:46 PM
الحقوني
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:46 PM
الدكتور
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:46 PM
ابو ملكات
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:48 PM
تناهيد
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:48 PM
بنت الشام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:48 PM
خالد
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:48 PM
خاطري
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:49 PM
غرام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-28-2022, 03:50 PM
سمارا
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
04-29-2025, 02:23 PM
شكرا لك على المرور العذب :eq-32:

Şøķåŕą
04-29-2025, 02:24 PM
شكرا لك على المرور العذب :142:

Şøķåŕą
04-29-2025, 02:24 PM
شكرا لك على المرور العذب :s_13:

Şøķåŕą
04-29-2025, 02:24 PM
شكرا لك على المرور العذب :ho10: