تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مفهوم المحكمات


Şøķåŕą
05-08-2022, 01:22 PM
مفهوم المحكمات



المحكماتُ هي الصراط الواضح البيِّن الذي لا يتيه ولا يضيع من اهتدى به، كما أخبر الله تعالى بأنهنَّ أم الكتاب، فهي بيِّنات وبراهينُ واضحة لا تتغيَّر ولا تتبدَّل، ولا لَبس فيها ولا ضلالة[1]؛ ولذا كان لزامًا على المسلم الأخذ بالمحكمات، وردُّ كلِّ ما اشتبه من الأمور إليها.



فما المحكمات؟ وما أهم سماتها؟

ما عكس المحكمات؟

هل هذا المصطلح مصطلح قرآني؟

هل كان السلف يعتنون بالمحكمات؟



المحكم في لغة العرب يدور معناه حول الآتي:

1- الإتقان، ومنه قولهم: "أحكمت الشيء فصار محكمًا"[2].



2- الموثَّق، ومنه قولهم: "احتكم الأمر واستحكم وثُق"[3].



3- المنع من الفساد، ومنه قول النخعي: "أحْكِم اليتيم كما تُحكم ولدَك؛ أي: امنَعه من الفساد، وأصلِحه كما تصلح ولدك، وكما تمنعه من الفساد"[4].



4- الإرجاع عن الشيء، ومنه قولهم: "حكم فلان عن الأمر والشيء؛ أي رجع، وأحكمته أنا؛ أي رجعته"[5].



5- الواضح البين الذي ليس فيه اختلاف ولا اضطراب، ومنه سُمي القرآن بالذكر الحكيم[6].



المحكم في الاصطلاح:

وأما المحكم في اصطلاح العلماء، ففيه خلاف طويل مسرود في مظانه لسنا في صدد البحث فيه[7]، ومن تأمل في أقوال العلماء وجد أن للمعاني اللغوية الآنفة الذكر ظلالًا على المعنى الاصطلاحي، فمَرَدُّ أقوال العلماء إلى معنيين رئيسيين؛ هما:

1- الثابت المحفوظ الذي لا يطرأ عليه تبديل أو تغيير، وهو ما يستلزم الإتقان والتوثيق بطبيعة الحال.



2- الواضح البين.



ونجد هذين المعنيين حاضرين في نصوص العلماء الذين ناقشوا هذه القضية، فممن بين اجتماع هذين المعنيين في المحكم الإمام السرخسي؛ حيث قال: "المحكم ممتنع من احتمال التأويل ومن أن يرد عليه النسخ والتبديل، ولهذا سمى الله تعالى المحكمات أم الكتاب؛ أي الأصل الذي يكون المرجع إليه"[8].



وأبرز بعضهم المعنى الأول كما في قول المفسرين أمثال ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما وقتادة والربيع والضحاك؛ حيث ذكروا أن المحكمات هن: "الناسخات أو المثبتاتُ الأحكامَ"[9].



وممن نصَّ على المعنى الثاني الإمام الطبري: "ما عرف العلماءُ تأويله، وفهموا معناه وتفسيره"[10]، والإمام الشاطبي رحمه الله؛ حيث قال في معنى المحكم: "البيِّن الواضح الذي لا يفتقر في بيان معناه إلى غيره"[11].



وقال الجويني رحمه الله: "والمختار عندنا أن المحكم: كل ما علم معناه وأدرك فحواه"[12].



وعبّر عنه ابن كثير رحمه الله بقوله: "أي: بينات واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحد من الناس"[13].



وكذلك قول الإمام الشوكاني رحمه الله: "الواضح المعنى الظاهر الدلالة، إما باعتبار نفسه أو باعتبار غيره"[14].



وبهذا تظهر العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي هنا كما نص عليه ابن عطية؛ حيث قال: "واستعمل الإحكام في الإتقان والتوثيق؛ لأن ذلك يمنع تطرق ما يضاد المقصود...



وأطلق المحكم في هذه الآية على واضح الدلالة على سبيل الاستعارة؛ لأن في وضوح الدلالة منعًا لتطرُّق الاحتمالات الموجبة للتردد في المراد.



وأطلق التشابه هنا على خفاء الدلالة على المعنى على طريقة الاستعارة؛ لأن تطرق الاحتمال في معاني الكلام يفضي إلى عدم تعيُّن أحد الاحتمالات"[15].



وبهذا يتبيَّن لنا معنى المتشابه الذي هو عكس المحكم، فهو "الذي لا يتبيَّن المراد به من لفظه، كان مما يدرك مثله بالبحث والنظر أم لا"[16].



المحكمات أصل قرآني:

وهذا الأصل أصل قرآني عظيم معروف، فقد أمر الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران بالتشبث بالمحكم، ورد الأمور إليه الله، والدعوة إليه والالتفاف حوله، خاصة عند خوف الفتن وخوف الزيغ والضلال بالمتشابهات، فحينئذ يتحتم ردُّ المتشابهات إلى المحكمات، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7].



فالرسوخ والثبات والنجاة باتباع المحكم ورد المتشابه إليه، فإن المحكم هو أم الكتاب الذي إليه المرجع والمآب والاعتماد، وأما الزائغون الضالون فهم يتبعون المتشابه من النصوص ويتركون المحكم؛ إذ إن "المحكمات قد أحكمن بالبيان والتفصيل، وأثبتت حججهن وأدلتهن على ما جُعلن أدلة عليه من حلال وحرام، ووعد ووعيد، وثواب وعقاب، وأمر وزجر، وخبر ومثل، وعظة وعِبر، وما أشبه ذلك...، وهنَّ أصلُ الكتاب الذي عليه عمادُك وعماد أمتك في الدين، ففيه عماد الدين والفرائض والحدود، وسائر ما بالخلق إليه الحاجة من أمر دينهم، وما كلفوا من الفرائض في عاجلهم وآجلهم، وإليه مفزعُك ومفزعهم"[17].



عناية السلف بالمحكمات:

هذا الأصل القرآني العظيم كان منهاجًا للسلف ونبراسًا لهم في العبادات والمعاملات، وعاصمًا لهم من الفتن والمضلات، وما أجلى وأظهر ذلك في كلام الإمام أحمد رحمه الله؛ حيث بين في وقت الفتنة بخلق القرآن أن أهم سمة لأهل الحق والهدى ولأهل السنة والجماعة، هو تمسُّكهم بالمحكمات، وتعلُّمهم وتعليمهم لها، ونشرها وبثها والدعوة إليها تبصيرًا للناس وإبرازًا للحق، وحفاظًا على العامة من سبل الزائغين ومكائد الكائدين على عكس حال أهل البدع والضلالات، فإنهم ينشرون في الناس المتشابهات ويبثون الشبهات؛ قال رحمه الله: "أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدع، وأطلقوا عقال الفتنة فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يُلبسون عليهم"[18].



ومن قبل ذلك نجد من السلف من يرد الناس إلى المحكم ويدعوهم إلى ترك المتشابه والإعراض عنه، لما فيه من التلبيس والتشويش على الحق، فحين سئل الإمام الزبيدي رحمه الله عن الجبر نزَّه الله سبحانه وتعالى عن أن ينسب إليه مثل هذه الألفاظ المشتبهة المضللة، ورد الناس إلى المحكم المبيَّن في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ حيث لم يرد فيهما الجبر، وإنما ورد فيهما الخلق والجبل والقضاء والقدر، وقال: "أمر الله أعظم، وقدرته أعظم من أن يجبر أو يعضل، ولكن يقضي ويقدر، ويخلق ويجبل عبده على ما أحب"[19].



وأصرح من ذلك قول الإمام الأوزاعي رحمه الله لما سئل عن الجبر: "ما أعرف للجبر أصلًا في القرآن ولا السنة، فأهاب أن أقول ذلك، ولكن القضاء والقدر والخلق والجبل، فهذا يعرف في القرآن والحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، وإنما وضعت هذا مخالفة أن يرتاب رجل تابعي من أهل الجماعة والتصديق"[20].



فعلى الرغم من أن هذا المصطلح قد يقصد به معنى صحيحًا، فإن الإمام الأوزاعي منع منه؛ لأنه لا أصل له في المحكمات من الوحي، ولأنه من المتشابهات التي يمكن أن تفضي إلى إطلاق لفظ ملبس ويقصد به معنى مبتدعًا باطلًا.



الخاتمة:

المحكمات هي ما عرف العلماءُ تأويله، وفهموا معناه وتفسيره فهي بينة واضحة ناصعة، وهي أصول الدين العظام التي لا تتبدل ولا تتغير مهما تغيَّر الحال وتغيَّر الزمان والمكان، ولذا أوصى القرآن بالتشبث بها، وعُني السلف بالتمسك بها، ورد المتشابهات إليها، وقمنٌ بطالب الحق والهدى اتباع المحكمات وتعلُّمها وتعليمها، ونشرها وبثها، والابتعاد عن المتشابهات ودفنها في منابتها.

سليدا
05-08-2022, 01:39 PM
جزاك الله خير ..
وجعله في ميزان حسنااتك..

بنت الشام
05-08-2022, 05:54 PM
سلمت أناملك على جمال طرحك
الله يعطيك العاافيه
لك جنائن الورد وأصدق الود

♡ Šąɱąя ♡
05-08-2022, 08:30 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
05-09-2022, 03:26 AM
,,~

جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..،
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْت بــِطآعَة الله ..~

,,~

- سمَـا.
05-09-2022, 05:49 AM
-










بارك الله فيك
وجزاك عنا كل خير
تقديري.

رحيل
05-09-2022, 08:41 AM
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك

سمارا
05-09-2022, 11:44 AM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

خالد الشاعر
05-09-2022, 08:07 PM
جزاكى الله خير الجزاء
جعل يومكِ نوراً وَسروراً
وجبال من الحسنات تعآنقها بحورا
جعلها الله فى ميزان اعمالكِ
دام لنا عطائكِ

мя Зάмояч
05-09-2022, 09:50 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

خاطري آضمـڪ
05-10-2022, 08:56 AM
بارك الله فيك
جزاك الله خير الجزاء
سلمت اناملك

نور القمر
05-10-2022, 09:47 PM
سلمت يداك ودام عطائك ومجهودك
ولك كل الشكر والامنتان
وبنتظار جديدك
تقديري واحترامي

تذكارُ...!
05-18-2022, 06:46 PM
يَآَ مَآَلْ اََلَعَآَفِيَهَ http://www.jnoon-m.com/vb/images/smilies/004.gifhttp://www.jnoon-m.com/vb/images/smilies/004.gif
لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:06 PM
عمر
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:06 PM
سمر
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:07 PM
سما
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:07 PM
آميره
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:07 PM
آميره
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:07 PM
بنت الشام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:08 PM
خالد
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:08 PM
خاطري
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:08 PM
روحي
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:08 PM
سمارا
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:08 PM
سليدا
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:08 PM
غرام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
06-10-2022, 01:09 PM
كرزه
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-03-2024, 05:07 PM
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

☆Šømă☆
04-09-2024, 04:12 PM
طرح رائع
الله يعطيك العافيه

Şøķåŕą
04-09-2024, 09:09 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

Şøķåŕą
04-29-2025, 12:53 PM
شكرا لك على المرور العذب :h2:

Şøķåŕą
04-29-2025, 12:53 PM
شكرا لك على المرور العذب :99: