♡ Šąɱąя ♡
04-25-2022, 08:59 PM
قصة الإمام ابن حزم
تزخر حياة الأئمة بالعديد والعديد من القصص والمواقف ؛ التي مازلنا نتعلم منها حتى الآن حينما نسمعها في خطبة الجمعة ، أو على التلفاز ، أو نتصفحها بين طيات الكتب ، ومن الأئمة الذين أثروا الأمة الإسلامية بعلمهم العشرة المجددون أمثال الإمام الشافعي والمالكي وابن حنبل وغيرهم ، ومنهم أمير علماء الأندلس الإمام ابن حزم صاحب طوق اليمامة.
النشأة والميلاد :
ولد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن سفيان بن يزيد وكنيته أبو محمد وشهرته ابن حزم في قرطبة بالأندلس سنة 384 هجرية ، كان لأسرته شأٌن كبير في الأندلس حتى قيل عنهم : بنو حزم فتية علم وأدب وثنية مجد وحسب ؛ فلهم رفعُة العلم ورفعٌة الجاه والمجد ، لقد علا ابن حزم بعلمه وبلغ به الأفاق ، وكان لأسرته شأٌن كبير في الحكم وتولي الوزارة ، إلا إنه رأي الشرف والسلامة والعزة في أن ينصرف إلى العلم لا الوزارة.
طلبه للعلم :
لقد نفر ابن حزم من السياسة إلى أنس الكتاب والعلم ؛ فكان يدرس كل ما يصل إليه من كتب ؛ فقد كان أبوه معنيًا جدًا بتربيته فحفظ القرآن الكريم في سٍن مبكرة ، وتعلم آدابه وأحكامه وتدرب علي الخط وحفظ الأشعار ، وما إن شب حتى وجهه أبوه إلى صحبة رجل تقي مستقيم هو الشيخ أبو الحسين بن علي الفاسي ؛ الذي أخذه معه إلى مجالس العلماء والشيوخ ليتلقي منهم العلم ، وأعجب ابن حزم بشيخه وعندما توفي شيخه اتجه ابن حزم إلى أفاضل الشيوخ يغترف من علمهم ؛ فدرس الحديث علي يد أحمد بن الجسور والهمذاني وروي عنهما.
رحيله إلى بلنسية :
ولما وقعت الفتنة والإضرابات السياسية في الأندلس وفقد أبوه منصبة في الوزارة ، تبدلت حياته الناعمة واضطرت أسرته للهجرة من قرطبة وهو في سن الخامسة عشرة من عمره ، وتركت تلك المحنة أثرًا كبيرًا فيه ، حيث أدت إلى صلابته وخلطت حياته ما بين النعيم والشدة ، وتعرض للقبض عليه في المرية سنة 408 هجرية وانتقل بعد ذلك إلى بلنسية.
وفي يوم من الأيام دخل مجلس للعلماء في بلنسية ، فوجدهم يدرسون مذهب الإمام مالك فسأل الحاضرين عن شيء من الفقه يجيب عنه ، فقال له البعض في سخرية واستخفاف : هذا ليس من تخصصك !! ، فأنصرف ابن حزم ودخل بيته وعكف علي دراسة الفقه لشهوٍر عديدة حتى أصبح صاحب رأي بدون تقليد لأحد غير الصحابة والتابعين.
دراسته للفقه وتمعنه فيه :
درس ابن حزم المذهب المالكي وقرأ الموطئ علي عبد الله ابن دحون ودرس المذهب الشافعي ، وأيضا مذهب العراقيين ودرس الفقه المأثور وغيره ، ولكن روحة لم تكن ترضي أن تبقي في إطار مذهب واحد لا تعدوه ؛ فدرس المذهب الظاهري وراق لابن حزم ذلك المذهب وكان دائمًا يقول أنا أتبع الحق وأجتهد ولا أتقيد بمذهب ، وقد كان تنقل ابن حزم من مدينة إلى أخري ومن دراسة كل المذاهب إلى تكوين شخصية عقلية مبهرة ، أبهرت الأنظار ودوي اسمها عبر التاريخ.
إحراق كتب ابن حزم :
ظل ابن حزم يدارس وينشر أرائه حيثما حل وارتحل ولكنه وجد في ميورقة أتباعًا كثيرين ، حتى أنه رأس فيها وسيطر بفكره واتبعه أهلها ، إلا أن الفقهاء المخالفين له في الرأي تظاهروا علية وألبوا عليه السلطان ؛ فأنزل علية أشد عقوبة نفسية تنزل علي عالم وهي إحراق كتبه ، فكانت أشد المحن عليه وأقساها وخرج ابن حزم من ميورقة ، وقال شعرًا وهو خارج منها:
فان تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي … تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي … وينزل إذ انـزل ويدفـن في قبري
ومضي في سبيله وقال :
مناي من الدنيا علـوم أبثــها… وانشرها في كـل باد وحاضر
دعاء إلى القرآن والسنن التي … تناسى رجال ذكرها في المحاضر
خصاله الطيبة :
كانت مواهبه متعددة فكان حافٌظ قوي ومستوعٌب رائع ، وجعلته مواهبه يستولي علي أبواب العلم بالإضافة إلى بديهته الحاضرة ، والتي ساعدته في استحضار المعلومات في وقت الحاجة ، وأيضا قوة التأمل وعمق في التفكير ، فكان لا يكتفي بالظواهر بل يغوص في حقائقها وأسبابها ، كما كان لديه إيمان قوي بالله عزوجل ، ولم يغتر بموهبته فكان يقول : “وان أعجبت بعلمك فإعلم أنه لا خصلة لك فيه ، وأنه موهبة من الله مجردة وهبك إياها ربك تعالي فلا تقابلها بما يسخطه ، فلعله ينسيك ذلك بعلة يمتحنك بها ، تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت ”
كان الصبر والجلد والمثابرة والإخلاص طريقة لتحصيل العلم ونشره بين الناس ، وقد أثني عليه العلماء فهو الفقيه الذي أحيا علم الظاهر ، أو بعبارة أدق أحيا علم الكتاب والسنة وبين علومها وشمولها لأحكام الأحداث ؛ التي تجرى بين الناس مهما يعبر الزمن.
وفاته :
رحل أمير علماء الأندلس رحمه الله عن عالم الأحياء سنة 456 هجرية ، وترك ثروة علمية عظيمة تعتبر مضرب المثل في وفرتها ، وقد قال ينعي نفسه عندما أحس بدنو أجله :
كأنك بالـزوار لي قد تناذروا… وقيل لهم أودي علي بن احــمد
فيا رب محــــزون هناك وضاحك.. وكم ادمع تــذري وخــد مخدد
عفا الله عني يوم أرحل ظاعنا… عن الأهل محمولا إلى بطن ملحد
واترك ما قد كنت مغتبطا به… وألقي الذي أنست دهرا بمـــــرصد
فوا راحتي إن كان زادي مقدما… ويا نصبى إن كنــــــــت لم أتزود
تزخر حياة الأئمة بالعديد والعديد من القصص والمواقف ؛ التي مازلنا نتعلم منها حتى الآن حينما نسمعها في خطبة الجمعة ، أو على التلفاز ، أو نتصفحها بين طيات الكتب ، ومن الأئمة الذين أثروا الأمة الإسلامية بعلمهم العشرة المجددون أمثال الإمام الشافعي والمالكي وابن حنبل وغيرهم ، ومنهم أمير علماء الأندلس الإمام ابن حزم صاحب طوق اليمامة.
النشأة والميلاد :
ولد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن سفيان بن يزيد وكنيته أبو محمد وشهرته ابن حزم في قرطبة بالأندلس سنة 384 هجرية ، كان لأسرته شأٌن كبير في الأندلس حتى قيل عنهم : بنو حزم فتية علم وأدب وثنية مجد وحسب ؛ فلهم رفعُة العلم ورفعٌة الجاه والمجد ، لقد علا ابن حزم بعلمه وبلغ به الأفاق ، وكان لأسرته شأٌن كبير في الحكم وتولي الوزارة ، إلا إنه رأي الشرف والسلامة والعزة في أن ينصرف إلى العلم لا الوزارة.
طلبه للعلم :
لقد نفر ابن حزم من السياسة إلى أنس الكتاب والعلم ؛ فكان يدرس كل ما يصل إليه من كتب ؛ فقد كان أبوه معنيًا جدًا بتربيته فحفظ القرآن الكريم في سٍن مبكرة ، وتعلم آدابه وأحكامه وتدرب علي الخط وحفظ الأشعار ، وما إن شب حتى وجهه أبوه إلى صحبة رجل تقي مستقيم هو الشيخ أبو الحسين بن علي الفاسي ؛ الذي أخذه معه إلى مجالس العلماء والشيوخ ليتلقي منهم العلم ، وأعجب ابن حزم بشيخه وعندما توفي شيخه اتجه ابن حزم إلى أفاضل الشيوخ يغترف من علمهم ؛ فدرس الحديث علي يد أحمد بن الجسور والهمذاني وروي عنهما.
رحيله إلى بلنسية :
ولما وقعت الفتنة والإضرابات السياسية في الأندلس وفقد أبوه منصبة في الوزارة ، تبدلت حياته الناعمة واضطرت أسرته للهجرة من قرطبة وهو في سن الخامسة عشرة من عمره ، وتركت تلك المحنة أثرًا كبيرًا فيه ، حيث أدت إلى صلابته وخلطت حياته ما بين النعيم والشدة ، وتعرض للقبض عليه في المرية سنة 408 هجرية وانتقل بعد ذلك إلى بلنسية.
وفي يوم من الأيام دخل مجلس للعلماء في بلنسية ، فوجدهم يدرسون مذهب الإمام مالك فسأل الحاضرين عن شيء من الفقه يجيب عنه ، فقال له البعض في سخرية واستخفاف : هذا ليس من تخصصك !! ، فأنصرف ابن حزم ودخل بيته وعكف علي دراسة الفقه لشهوٍر عديدة حتى أصبح صاحب رأي بدون تقليد لأحد غير الصحابة والتابعين.
دراسته للفقه وتمعنه فيه :
درس ابن حزم المذهب المالكي وقرأ الموطئ علي عبد الله ابن دحون ودرس المذهب الشافعي ، وأيضا مذهب العراقيين ودرس الفقه المأثور وغيره ، ولكن روحة لم تكن ترضي أن تبقي في إطار مذهب واحد لا تعدوه ؛ فدرس المذهب الظاهري وراق لابن حزم ذلك المذهب وكان دائمًا يقول أنا أتبع الحق وأجتهد ولا أتقيد بمذهب ، وقد كان تنقل ابن حزم من مدينة إلى أخري ومن دراسة كل المذاهب إلى تكوين شخصية عقلية مبهرة ، أبهرت الأنظار ودوي اسمها عبر التاريخ.
إحراق كتب ابن حزم :
ظل ابن حزم يدارس وينشر أرائه حيثما حل وارتحل ولكنه وجد في ميورقة أتباعًا كثيرين ، حتى أنه رأس فيها وسيطر بفكره واتبعه أهلها ، إلا أن الفقهاء المخالفين له في الرأي تظاهروا علية وألبوا عليه السلطان ؛ فأنزل علية أشد عقوبة نفسية تنزل علي عالم وهي إحراق كتبه ، فكانت أشد المحن عليه وأقساها وخرج ابن حزم من ميورقة ، وقال شعرًا وهو خارج منها:
فان تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي … تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي … وينزل إذ انـزل ويدفـن في قبري
ومضي في سبيله وقال :
مناي من الدنيا علـوم أبثــها… وانشرها في كـل باد وحاضر
دعاء إلى القرآن والسنن التي … تناسى رجال ذكرها في المحاضر
خصاله الطيبة :
كانت مواهبه متعددة فكان حافٌظ قوي ومستوعٌب رائع ، وجعلته مواهبه يستولي علي أبواب العلم بالإضافة إلى بديهته الحاضرة ، والتي ساعدته في استحضار المعلومات في وقت الحاجة ، وأيضا قوة التأمل وعمق في التفكير ، فكان لا يكتفي بالظواهر بل يغوص في حقائقها وأسبابها ، كما كان لديه إيمان قوي بالله عزوجل ، ولم يغتر بموهبته فكان يقول : “وان أعجبت بعلمك فإعلم أنه لا خصلة لك فيه ، وأنه موهبة من الله مجردة وهبك إياها ربك تعالي فلا تقابلها بما يسخطه ، فلعله ينسيك ذلك بعلة يمتحنك بها ، تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت ”
كان الصبر والجلد والمثابرة والإخلاص طريقة لتحصيل العلم ونشره بين الناس ، وقد أثني عليه العلماء فهو الفقيه الذي أحيا علم الظاهر ، أو بعبارة أدق أحيا علم الكتاب والسنة وبين علومها وشمولها لأحكام الأحداث ؛ التي تجرى بين الناس مهما يعبر الزمن.
وفاته :
رحل أمير علماء الأندلس رحمه الله عن عالم الأحياء سنة 456 هجرية ، وترك ثروة علمية عظيمة تعتبر مضرب المثل في وفرتها ، وقد قال ينعي نفسه عندما أحس بدنو أجله :
كأنك بالـزوار لي قد تناذروا… وقيل لهم أودي علي بن احــمد
فيا رب محــــزون هناك وضاحك.. وكم ادمع تــذري وخــد مخدد
عفا الله عني يوم أرحل ظاعنا… عن الأهل محمولا إلى بطن ملحد
واترك ما قد كنت مغتبطا به… وألقي الذي أنست دهرا بمـــــرصد
فوا راحتي إن كان زادي مقدما… ويا نصبى إن كنــــــــت لم أتزود