الدكتور على حسن
04-24-2022, 12:50 AM
يواصل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف حديثه الرمضانى حول أسماء الله الحسنى ويقول إن القهار يعنى أن كل المخلوقات خاضعة لمشيئة الله تعالى وقدرته وإرادته ومقتضى علمه، فالكون بأكمله وبكل مكوناته خاضع لقانون إلهى محدد لا يختل لحظة واحدة، مشيرا إلى أن هذا نوع من الخضوع أو القهر وظيفته تنظيم الحياة، على غرار ما نراه من خضوع الإنسان للقوانين لتنتظم حياته، فالكون هكذا مصنع كبير لا يعمل بالصدفة وإلا كانت الدنيا دخلت فى بعضها منذ أول لحظة، ومن دلائل أن «القهار» تعنى القانون الإلهى المسيطر، كما يقولون تخلف الإرادات والمشيئات، بمعنى أن الإنسان أحياناً أو دائماً يرتب أموره، وعنده الإمكانات اللازمة كلها، ويخطط ويقدر ويبدأ فى الموضوع وكأن النتيجة فى يديه؛ ثم يفاجأ بالنتيجة العكسية تماماً، وبما يعنى ان هناك قوة قاهرة قلبت كل هذه الترتيبات رأساً على عقب. كما أن اسم الله «القهار» قد ورد فى القرآن بصيغة «القهار» كما ورد أيضا بصيغة «قاهر»، مضيفا أن العلماء قد بحثوا فى المعنى اللغوى لهذا الاسم فوجدوا أنه مأخوذ من القهر والإذلال، أو الخضوع المطلق لأى قوة مخضعة لغيرها، بمعنى انه تعالى قاهر الجبابرة وقاصم ظهورهم إما بالموت أو بالهزيمة أو بالمرض لأن الحكمة تقتضى هذا، فالعدل الإلهى والمنطق الإنسانى يقول لابد من التصدى للذين يعبثون بعباد الله ويتجبرون فى الأرض على الضعفاء، وأن تكون هناك قوة قاهرة لهم. كما بين شيخ الأزهر أن منكرى اسم الله «القهار» بين فريقين، فريق سبق له الإيمان بالله وعرف الحقيقة لكنه يعاند، فهذا ملحد وينكر أن يكون الله هو العدل، أو أن يكون هدفه الشوشرة على هذا المعنى بقوله «كيف يكون إلها ويكون قهاراً» وهذا الكلام قديم وليس جديداً، فهذا يعنى أنه وصلته الدعوة ونظر فى هذه الدعوة بلغته ثم فكر فيها ثم وصل إلى أنها هى الحق، ثم بعد ذلك استنكر، مصداقا لقوله تعالى «وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم» فهذا هو من يكفر بعد الإيمان، وهناك من بلغته الدعوة مشوهة فحاد عن الطريق ولجأ إلى التطرف والعنف، مشيرا إلى أن هناك من لم تبلغه الدعوة من الأساس، ومثل هذا الشخص كيف يؤاخذه الله وهو لم يعرف من هو محمد «صلى الله عليه وسلم» ولا ما هى رسالته ولم يقرأ القرآن، مصداقا لقوله تعالى «وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا»، فالله تعالى لا يعذب إلا إذا ألزمك الحجة، بأن يرسل لك رسولا مؤيدا ومصدقا بمعجزات من عنده. وواجه نبينا الكريم «صلى الله عليه وسلم» قريشا وكان فى منتهى الضعف وهم فى قمة القوة والجبروت، فقال لهم أن الله لا يظلم وتلى عليهم آية تقول «إن الله لا يظلم»، ومع ذلك تلى عليهم آية تقول إنه القهار، «لمن الملك اليوم لله الواحد القهار»، ولم يسجل التاريخ أن أحدا من هؤلاء خرج وقال انت رجل متناقض، فتارة تقول لا يظلم وأخرى تقول أنه هو القهار وهو المنتقم، رغم تربصهم به ليل نهار، مشددا على أن التاريخ قد نقل لنا كم الأذى الذى تعرض له منهم، وكيف أنهم ألقوا عليه من القاذورات وكيف أنهم أخرجوه، ألا أنهم لم يتهموه بالتناقض، وسبب ذلك أن العربى يفهم أن «القهار» لا تعنى فقط الإذلال والانتقام، ولكن تنصرف أيضا إلى الجبارين والطغاة والذين يظلمون الناس، فعلمه بمواقع الكلام ودلائل الألفاظ منعه أن يقول هذا الكلام. والقهار تعنى القهر والإذلال، وذلك خاص بالطغاة، وذلك لابد منه فى الحياة حتى لا تعم الفوضى، أو بمعنى الحكم وأن يكون الكل محكوما بإرادة واحدة وقدرة واحدة، وهذا المعنى فعلا موجود، ومنه ما نراه فى الكون وفى أنفسنا والآمال التى تحبط فجأة، كأن تريد أن تنجب فلا تنجب، أو أن تريد أن تعيش عمرا طويلا فتموت، وما إلى ذلك، فلو نظرنا لكل ذلك لوجدنا أننا مقهورون أى «محكومين» بهذا المعنى، موضحا أن للعبد حظا من اسم الله «القهار»، ومنه أن يقهر أعداءه، ومنها قهر نفسك، «أعدى أعدائك نفسك التى بين جنبيك» وذلك لأنها دائما تأمر بالسوء، «وما أبرئ نفسى إن النفس لأمارة بالسوء»، وكذا قهر الشيطان والهوى، فالإنسان يتعلم ويتدرب على قهر هؤلاء الأعداء الثلاثة لأن نجاته فى أن يسيطر عليهم جميعا.
لكم خالص تحياتى وتقديرى
و
رمضــان كريــــم
الدكتور علــــــى
لكم خالص تحياتى وتقديرى
و
رمضــان كريــــم
الدكتور علــــــى