المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجَزِيرَةُ العَرَبيَّةُ في العَصرِ الجَاهِلِي


♥мs.мooη♥
04-19-2022, 09:52 PM
العَرَبُ قَبْلَ الإِسْلَامِ فَسَاءَتْ أخْلَاقُهُمْ، فأوْغَلُوا بالخَمْرِ والقِمَارِ، وبَلَغَتْ بِهِمُ القَسَاوَةُ والحَمِيَّةُ المَزْعُومَةُ إلَى وَأْدِ(قتل)البَنَاتِ، وشَاعَتْ فِيهِمُ الغَارَاتُ، وقَطْعُ الطُّرُقِ عَلَى القَوَافِلِ، وسَقَطَتْ مَنْزِلَةُ المَرْأَةِ، فكَانَتْ تُورَثُ كَمَا يُورَثُ المَتَاعُ أوِ الدَّابَّةُ، ومِنَ المَأْكُولَاتِ مَا هُوَ خَاصٌّ بِالذُّكُورِ، مُحَرَّمٌ عَلَى الإِنَاثِ، وكانَ يَسُوَّغُ لِلرَّجُلِ أنْ يَتَزَوَّجَ ما يَشَاءُ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ.
وكَانَتِ العَصَبِيَّةُ القَبَلِيَّةُ، والدَّمَوِيَّةُ شَدِيدَةً جَامِحَةً، وأُغْرِمُوا بالحَرْبِ، حتَّى صَارَتْ مَسْلَاةً لَهُمْ، ومَلْهًى وهِوَايَةً، يَنتهِزُونَ لِلتَّسْلِيَةِ، وقَضَاءَ هَوَى النَّفْسِ نُشُوبَ حَرْبٍ لَهَا مُسَوِّغٌ، أوَ لَا مُسَوِّغَ لَهَا:-

شُرْبُ الخَمْرِ:
وَكَانَ شُرْبُ الخَمْرِ واسِعَ الشُّيُوعِ، شَدِيدَ الرُّسُوخِ فِيهِمْ،وكَانَتْ حَوَانِيتُ الخَمَّارِينَ مَفْتُوحَةً دَائِمًا يُرَفْرِفُ عَلَيْهَا عَلَمٌ يُسَمَّى (غَايَةً)، وكَانَ مِنْ شُيُوعِ تِجَارَةِ الخَمْرِ أنْ أصْبَحَتْ كَلِمَةُ التِّجَارَةِ مُرَادِفَةً لِبَيْعِ الخَمْرِ،

القِمَارُ:
وكَانَ القِمَارُ مِنْ مَفَاخِرِ الحَيَاةِ الجَاهِلِيَّةِ، وكَانَ عَدَمُ المُشَارَكَةِ في مَجَالِسِ القِمَارِ عَارًا.
قَالَ قتَادَةُ: كانَ الرَّجُلُ في الجَاهِلِيَّةِ يُقَامِرُ عَلَى أَهْلِهِ ومَالِهِ، فَيَقْعُدُ حَرِيبًا سَلِيبًا، يَنْظُرُ إلى مَالِهِ في يَدِ غَيْرِهِ، فكانَتْ تُورِثُ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةً وبُغْضًا.

تَعَاطِيهِمُ الرِّبَا:
وكَانَ أهْلُ الحِجَازِ: العَرَبُ واليَهُودُ، يَتَعَاطَوْنَ الرِّبَا، وكانَ فَاشِيًا (منتشرًا) فِيهِمْ، ويَبْلُغُونَ إلَى حَدِّ الغُلُوِّ والقَسْوَةِ.وقَدْ رَسَخَ الرِّبَا فِيهِمْ، وجَرَى مِنْهُمْ مَجْرَى الأُمُورِ الطَّبِيعِيَّةِ التِي صَارُوا لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُ وبَيْنَ التِّجَارةِ الطَّبِيعِيَّةِ، وقَالُوا: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}

انْتِشَارُ الزِّنَى:
ولَمْ يَكُنْ الزِّنَى نَادِرًا، وَكَانَ غَيْرَ مُسْتَنْكَرٍ، فَكَانَ مِنَ العَادَاتِ أَنْ يَتَّخِذَ الرَّجُلُ خَلِيلَاتٍ، وتَتَّخِذَ النِّسَاءُ أخِلَّاءَ بِدُونِ عَقْدٍ، وقَدْ كَانُوا يُكْرِهُونَ بَعْضَ النِّسَاءِ عَلَى الزِّنَى، قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}
وقَدْ نَهَى رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ كَسْبِ البَغِيِّ، فقَدْ أخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَده بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه- أنَّهُ قَالَ: نَهَى رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ كَسْبِ الحَجَّامِ، وكَسْبِ البَغِيِّ، وثَمَنِ الكَلْبِ.
وَكَانَتِ المَرْأَةُ في المُجتَمَعِ الجَاهِلِيِّ عُرْضَةَ غَبْنٍ (النسيان) وحَيْفٍ (الجور والظلم)، تُؤْكَلُ حُقُوقُهَا، وتُبْتَزُّ (تُسْلَبُ) أَمْوَالُهَا، وتُحْرَمُ إرْثَهَا، وتُعْضَلُ (تُمْنَعُ) بَعْدَ الطَّلَاقِ، أَوْ وَفَاةِ الزَّوْجِ مِنْ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا تَرْضَاهُ، وتُورَثُ كَمَا يُورَثُ المَتَاعُ أَوِ الدَّابَّةُ.

وَأْدُهُمُ البَنَاتِ:
وقَدْ بَلَغَتْ كَرَاهَةُ البَنَاتِ إِلَى حَدِّ الوَأْدِ (قتلُهُنَّ: كان إذا وُلد لأحدهم في الجاهلية بنت دفنَهَا في التُّراب وهي حَيَّة، خشية العارِ)، ذَكَرَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِي، عَلَى مَا حَكَاهُ عَنْهُ المَيْدَانِيُّ أنَّ الوَأْدَ كَانَ مُسْتَعْمَلًا في قَبائِلِ العَرَبِ قَاطِبَةً، فكَانَ يَسْتَعْمِلُهُ وَاحِدٌ ويَتْرُكُهُ عَشَرَةٌ، فجَاءَ الإِسْلَامُ، وكَانَتْ مَذَاهِبُ العَرَبِ مُخْتَلِفَةً في وَأْدِ البَنَاتِ، فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَئِدُ البَنَاتِ لِمَزِيدِ الغَيْرَةِ، ومَخَافَةِ لُحُوقِ العَارِ بِهِمْ مِنْ أجْلِهِنَّ، ومِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَئِدُ مِنَ البَنَاتِ مَنْ كَانَتْ زَرْقَاءَ، أَوْ شَيْمَاء(سَوْداءُ)، أَوْ بَرْشَاءَ (الأبْرَصُ)، أو كَسْحَاءَ (الأعْرَجُ، والمُقْعَدُ أيضًا) تَشَاؤُمًا مِنْهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ.وكانُوا يَقْتُلُونَ البَنَاتِ، ويَئِدُونَهُنَّ بِقَسْوَةٍ نَادِرَةٍ في بَعْضِ الأَحْيَانِ، فَقَدْ يتأَخَّرُ وَأْدُ المَوْءُودَةِ لِسَفَرِ الوَالِدِ وشُغْلِهِ فَلَا يَئِدُهَا إلَّا وقَدْ كَبِرَتْ، وصَارَتْ تَعْقِلُ، وقَدْ حَكَوْا في ذَلِكَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ مُبْكِيَاتٍ، وقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُلْقِي الأُنْثَى مِنْ شَاهِقٍ (الجَبَلُ المُرْتَفِعُ).يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ حَالِهِمْ: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}.

قَتْلُ الأَوْلَادِ خَشْيَةَ الفَقْرِ:
وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَقْتُلُ أوْلَادَهُ خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ وخَوْفَ الفَقْرِ، وهُمُ الفُقَرَاءُ مِنْ بَعْضِ قَبائِلِ العَرَبِ، فكَانَ يَشْتَرِيهِمْ بَعْضُ سُرَاةِ(أشْرَافٌ)العَرَبِ وأشْرَافِهِمْ، فَحَذَّرَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى مِنْ هَذَا الفِعْلِ، فقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}

ظَلَام مُطْبِقٌ ويَأْسٌ قَاتِلٌ:
إِنَّ القَرْنَ السَّادِسَ المَسِيحِيَّ الذِي كَانَتْ فِيهِ البِعْثَةُ المُحَمَّدِيَّةُ ومَا يَلِيهِ مِنْ فترَةٍ زَمَنِيَّةٍ، كَانَ مِنْ أحَطِّ أدْوَارِ التَّارِيخِ، ومِنْ أشَدِّهَا ظَلَامًا ويَأْسًا مِنْ مُسْتَقْبَلِ الإِنْسَانِيَّةِ وصَلَاحِيَّتهَا لِلبَقَاءَ والازْدِهَار، اقْتَضَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ تَطْلُعَ هذِهِ الشَّمْسُ التِي تُبَدِّدُ الظَّلَامَ، وَتَمْلَأُ الدُّنْيَا نُورًا وهِدَايَةً، مِنْ أُفُقِ جَزِيرَةِ العَرَبِ الذِي كَانَ أَشدَّ ظَلَامًا، وكَانَ أشَدَّ حَاجَةً إِلَى هَذَا النُّورِ السَّاطِعِ

نكمل في المرة القادمة و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سمارا
04-19-2022, 11:49 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

мя Зάмояч
04-20-2022, 02:08 AM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

♥мs.мooη♥
04-20-2022, 02:15 AM
منورين

Şøķåŕą
04-20-2022, 08:11 AM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

بنت الشام
04-20-2022, 11:54 AM
جزاك الله خير

♡ Šąɱąя ♡
04-20-2022, 01:56 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

:j1::em6::j1:

خالد الشاعر
04-20-2022, 06:27 PM
جزاكى الله خير الجزاء
جعل يومكِ نوراً وَسروراً
وجبال من الحسنات تعآنقها بحورا
جعلها الله فى ميزان اعمالكِ
دام لنا عطائكِ

♥мs.мooη♥
04-20-2022, 09:07 PM
منورين

رحيل
04-21-2022, 02:38 PM
جزاكم الله خيرا الجزاء..
واثابك الجنه..
وغفر الله لنا ولكم جميعا ..
بوركتم

:239:

⦁.Σнѕαѕ.☘
04-21-2022, 10:42 PM
جزاكم الله عنا كل خير


ودي

نور القمر
04-22-2022, 01:46 AM
جلب رائع ومميز
سلمت وسلم مجهودك الجميل
وبانتظار جديدك
مودتي

خاطري آضمـڪ
04-24-2022, 05:03 AM
بارك الله فيك
جزاك الله خير الجزاء
سلمت اناملك

غـُـلايےّ
08-05-2022, 09:13 AM
_






سَلِمت الأنَامِل المُتألِقة لِروعَة طَرحهَا
دَام العطَاء والتَميّز المُتواصِل https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/131.gif.

Şøķåŕą
04-09-2024, 08:52 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير