تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كنز القناعة


Şøķåŕą
04-19-2022, 05:43 PM
شارك وانشر
كنز القناعة


الحمد لله ذي المنن الضافية، والآلاء الوافية، عمَّ خيرُهُ كل ناحية، وحاط علمه كل خافية. أحمده على البلاء كما أحمده على العافية. وأشهد ألا إله إلا الله ذو الأسماء الحسنى والأوصاف العالية، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ذوي المكارم السامية.

أما بعد، فاتقوا الله - عباد الله - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ.... ﴾ [البقرة: 278].



أيها المؤمنون!

تفاوت الأرزاق واختلاف المعايش فتنة تُبلى بها المخابرُ ويُمحَّص بها الإيمان؛ نجَمَ عن ترك امتثال الهدى فيها آفاتٌ تودي لمهالك الهم والحزن والحسد والبغي واستباحة الحُرَم والدماء وسوء الظن بالله. هذا وإن من أنجح سبل النجاة التي أبانها الشرع المطهر من تلك المهالك لزومَ القناعة والرضا بما قسم الله - سبحانه -، مما لا يعارض بذلَ الأسباب المشروعة التي يرام من خلالها إصلاح الحال وتحسينه.



إن القناعة رضاً يحل في القلب، وسكينة يزيد بها الإيمان، ورحمة توسِّع فضاء القلب، وبصيرة تجلو النظر عن سراب المظاهر، وشجرة تخرج يانع الثمر. فالقناعة من سبل الفلاح المؤكَّد الذي به حيازة الخير والسلامة من الشر في الدنيا والآخرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «قد أفلح من أسلم، ورُزِقَ كفافا، وقنّعه الله بما آتاه» رواه مسلم. وعيش القنوع هانئ طيب، وحاله حال سعيد، يقول الله - تعالى -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97]، وفسر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - الحياة الطيبة بالقناعة. قال حكيم: " وجدت أطول الناس هماً الحسود، وأهنأهم عيشاً القنوع ". قال شعبة بن الحجاج: " إذا كان عندي دقيق وقصب، ما أبالي ما فاتني من الدنيا ".



إن القناعة من يحلل بساحتها ♦♦♦ لم يلق في ظلها هماً يؤرقهُ



أيها المسلمون!

والقناعة مرآة صقيلة تُري صاحبها عظيم منن الله عليه؛ فتلفاه لهجاً بشكرها، والثناء على مسديها بها؛ إذ تبصّر الموجود عزاء عن تحسر المفقود. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " كن قنعاً؛ تكن أشكر الناس " رواه ابن ماجه وحسنه البوصيري. جاء رجل إلى يونس بن عبيد فشكا إليه ضيقا من حاله ومعاشه واغتماما بذلك، فقال: أيسرك ببصرك مائة ألف؟ قال: لا، قال: فبسمعك؟ قال: لا، قال: فبلسانك؟ قال: لا، قال: فبعقلك؟ قال: لا - في خلال، وذكّره نعم الله عليه - ثم قال يونس: أرى لك مئين ألوفا, وأنت تشكو الحاجة ?! وقلب القنوع سليم من داء الحسد؛ إذ رضاه بحاله حاجز عن تطلعه إلى ما عند غيره؛ فضلاً أن يحسده! كان سويد بن غفلة إذا قيل له: أعطي فلان، وولي فلان، قال: حسبي كسرتي وملحي! قال النضر: أقام الخليل بن أحمد في خص ( بيت من قصب ) له بالبصرة، لا يقدر على فلسين، وتلامذته يكسبون بعلمه الأموال، وكان كثيرا ما ينشد:

وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد ♦♦♦ ذخراً يكون كصالح الأعمالِ



وشجرة القناعة الوارفة تثمر جنى العز والحرية؛ فالقنوع حرُّ من حرص يذله، وجزعٍ يستعبده. قال إبراهيم بن شيبان: " الشرف في التواضع، والعز في التقوى، والحرية في القناعة ". سئل بشر بن الحارث عن القناعة، فقال: لو لم يكن في القناعة شيء إلا التمتع بعز الغناء لكان ذلك يجزئ، ثم أنشأ يقول:

أفادتني القناعة أيَّ عزٍّ ♦♦♦ ولا عزٌّ أعَزُّ مِن القناعهْ



كتب الخليفة سليمان بن عبدالملك إلى الإمام أبي حازم: ارفع إلي حاجتك، قال: " هيهات! رفعت حاجتي إلى من لا يختزن الحوائج، فما أعطاني منها قنعت، وما أمسك عني منها رضيت ". وقال عيسى بن يونس: " لم نر مثل الأعمش؛ ما رُئي الأغنياء عند أحد أحقر منهم عنده مع فقره وحاجته! ". والقناعة هي الغنى الحقيقي؛ إذ هي غنى النفس الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الغنى فيه إذ يقول: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس» رواه البخاري ومسلم. قيل لأبي حازم: ما مالك؟ قال: مالان: القناعة بما في يدي، واليأس مما في أيدي الناس.

طلبت غنى يدوم بلا افتقارٍ ♦♦♦ فما ألفيت إلا في القناعهْ



والقناعة من أسباب بركة الرزق وتناميه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن هذا المال خضر حلو، فمن أخذه بسخاوة نفس، بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس، لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع ". قال سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - لابنه: "يا بني! إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة؛ فإنه من لم يكن له قناعة لم يغنه مال ". والقناعة سبب جالب لمحبة الناس لصاحبها؛ لسموّه عما في أيديهم، سيما إن كان باذلاً نفعه لهم. قدم البصرة أعرابيٌ فقال لخالد بن صفوان: أخبرني عن سيد هذا المصر، قال: هو الحسن بن أبي الحسن ( البصري ): قال: عربي أم مولى؟ قال: مولى، قال: وبم سادهم؟ قال: احتاجوا إليه في دينهم، واستغنى عن دنياهم، فقال الأعرابي: كفى بهذا سؤدداً!



الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد، فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله...

أيها المؤمنون!

إنّ تشرُّبَ النفس بأهمية اكتساب خلق القناعة حامل لها على المجاهدة في سبيل تحصيلها والأخذ بأسباب كسبها. وأهم تلك الأسباب اليقين الجازم الذي لا يعتريه ريب بحكمة الله - تعالى - البالغة ورحمته السابغة؛ فيدرك أن المنع والعطاء والضراء والسراء والصحة واللأواء كلها أقدار ربانية جرت وفق حكمة ربانية في فلك رحمته الواسعة، وأن الذي قدّر الضر بحكمته قادر على رفعه برحمته. ونظرة القناعة إلى من هو دونه في النعمة حامل على قناعة القلب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم » رواه مسلم. والإياس عما في أيدي الناس من سبل تحصيل القناعة، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: " إن الطمع فقر، وإن اليأس غنى؛ إنه من ييأس عما في أيدي الناس يستغنِ عنهم ". يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " العبد إنما يمنعه من الرضا والقناعة طلب نفسه لفضول شهواتها، فاذا لم يحصل سخط، فإذا سلا عن شهوات نفسه رضي بما قسم الله له من الرزق ".

والنفس راغبةٌ إذا رغَّبتها ♦♦♦ وإذا تُردُّ إلى قليلٍ تَقْنَعُ



والعيش مع سير أهل القناعة حادٍ للحاق بركابهم. فقائدهم صلى الله عليه وسلم كان يمضي على بيته الشهران وليس لهم طعام إلا الماء والتمر، وكان ينام على الليف، ويفترش الحصير، ويسكّن جوعه بالحجر المربوط على بطنه، وكان من دعائه المأثور: " «رب قنّعني بما رزقتني، وبارك لي فيه، واخلف على كل غائبة لي بخير» رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

нιѕ нιgнηєѕѕ
04-19-2022, 05:58 PM
سلمت أناملكِ الذهبية ع الطرح الرائع
الذي أنار صفحات المنتدى
بكل ما هو جديد
ودي واحترامي

♡ Šąɱąя ♡
04-19-2022, 08:19 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

♥мs.мooη♥
04-19-2022, 09:15 PM
يعطيك الف عافية

سمارا
04-19-2022, 11:47 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

мя Зάмояч
04-20-2022, 02:09 AM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

بنت الشام
04-20-2022, 11:55 AM
جزاك الله خير

خالد الشاعر
04-20-2022, 06:26 PM
جزاكى الله خير الجزاء
جعل يومكِ نوراً وَسروراً
وجبال من الحسنات تعآنقها بحورا
جعلها الله فى ميزان اعمالكِ
دام لنا عطائكِ

رحيل
04-21-2022, 02:37 PM
جزاكم الله خيرا الجزاء..
واثابك الجنه..
وغفر الله لنا ولكم جميعا ..
بوركتم

:239:

نور القمر
04-22-2022, 01:48 AM
جلب رائع ومميز
سلمت وسلم مجهودك الجميل
وبانتظار جديدك
مودتي

خاطري آضمـڪ
04-24-2022, 05:04 AM
بارك الله فيك
جزاك الله خير الجزاء
سلمت اناملك

☆Šømă☆
04-29-2022, 08:21 PM
يعطيك العافية
شكرا على الموضوع المميز

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:13 AM
اميرة
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:13 AM
كبرياء
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:14 AM
مس
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:14 AM
ملك الغرام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:14 AM
بنت الشام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:14 AM
خالد
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:14 AM
خاطري
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:14 AM
سمارا
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:15 AM
سمارا
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:15 AM
شيخه
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:15 AM
سمر
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:16 AM
غرام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
05-08-2022, 11:16 AM
سوما
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
04-29-2025, 10:56 AM
شكرا لك على المرور العذب :eq-60:

Şøķåŕą
04-29-2025, 10:56 AM
شكرا لك على المرور العذب :h2:

Şøķåŕą
04-29-2025, 10:56 AM
شكرا لك على المرور العذب :b9:

Şøķåŕą
04-29-2025, 10:56 AM
شكرا لك على المرور العذب :r771:

Şøķåŕą
04-29-2025, 10:57 AM
شكرا لك على المرور العذب :eqb116:

Şøķåŕą
04-29-2025, 10:57 AM
شكرا لك على المرور العذب :x27: