تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سبق المفرِّدون


رحيل
04-04-2022, 01:04 PM
سبق المفرِّدون









كتبه/ محمد الجهمي


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسِيرُ فِى طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ فَقَالَ: سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ. قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ).

ورواه أحمد في المسند والحاكم بلفظ: (سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنِ الْمُفَرِّدُونَ؟ قَالَ: الَّذِينَ يُهْتَرُونَ فِى ذِكْرِ اللَّهِ) صححه الألباني، أهتروا بالشيء: أي، أولعوا به، ولزموه وجعلوه دأبهم.

فهذه عبادة من أجلِّ وأفضل وأيسر العبادات، فإن حركات اللسان أخف حركات الجوارح، وأيسرها، وهي لا تحتاج إلى تفرغ أو انقطاع لها، يستطيع الإنسان أن يأتي بها، وهو نائم في فراشه أو جالس مع أولاده أو راكب دابته أو سيارته أو أثناء سيره أو عمله لذلك أمرنا الله -سبحانه وتعالى- بالإكثار منها، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا)(الأحزاب:41-42)، وقال -سبحانه وتعالى-: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ)(آل عمران:41).

وأثنى على عباده: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ)(آل عمران:191)، وجعل من صفات المنافقين أنهم: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً)(النساء:142).

وذكر في العديد من الآيات فضل وثواب الذكر، والثناء على أهله، فقال -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى . وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)(الأعلى:14-15)، وقال -تعالى-: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ)(البقرة:152)، وقال -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ)(الأنفال:2)، وقال -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)(الرعد:28).

وتوعد -سبحانه وتعالى- من يعرض ويغفل عن ذكره، فقال -تعالى-: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(الزمر:22)، وقال -تعالى-: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)(الزخرف:36)، وقال -تعالى-: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ)(المجادلة:19).

ولقد جاءت الأحاديث الشريفة توضح لنا أهمية هذه العبادة وفضلها والثواب الذي رتبه الشارع عليها؛ ففي صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ).

وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً)، وهذه المعية في هذا الحديث هي المعية الخاصة التي تكون للمتقين والمحسنين والذاكرين، وهي معية التوفيق والتسديد والنصرة والتأييد.

وعن عبد الله بن بُسر -رضي الله عنه-: (أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَىَّ فَأَخْبِرْنِي بِشَيء أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ: لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) رواه الترمذي، وصححه الألباني.

وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِى دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى) رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.

وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: (كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ. فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ قَالَ: يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ)، وفي الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَالَ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ، مَائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مَائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مَائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ، يَوْمَهُ ذلِكَ، حَتَّى يُمْسِي وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) متفق عليه.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مَائَةَ مَرَّةٍ، حَطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ) متفق عليه، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ).

وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أَفْضَلُ الذِّكْرِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) رواه الترمذي، وابن ماجه، وحسنه الألباني، وعنه -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ. غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِى الْجَنَّةِ) رواه الترمذي، وصححه الألباني.

فانظر يرحمني الله وإياك كم نخلة ضيعناها وخسرناها!، وكم من الثواب العظيم والخير العميم الذي فقدناه بسبب غفلتنا عن ذكرنا ربنا وتفريطنا في هذه العبادة.

واعلم -يرحمك الله- أن أكمل الذكر هو ما اجتمع فيه القلب مع اللسان، يليه ما كان بالقلب فقط، وأدناه ما كان باللسان فقط.

واعلم أن القلب يصدأ كما يصدأ الحديد، وجلاءه بالذكر، وهو يذهب قسوة القلب وغفلته.

والذكر يطرد الشيطان، ويرضي الرحمن، ويزيل الهم والغم، ويشرح الصدر، ويقوي القلب، وينور الوجه، ويجلب الرزق، ويكسو صاحبه المهابة والحلاوة والنضرة، ويحط الخطايا، ويذهبها، ويزيل الوحشة بين العبد وربه، وبين العبد وعباد الله، وهو سبب لنزول السكينة، وغشيان الرحمة، وحفوف الملائكة بالذاكر.

وذكر الله سبب لجلب النعم، ودفع النقم، وهو يسهل الصعب، وييسر العسير، ويخفف المشاق، فما ذكر الله -تعالى- على صعب إلا هان، ولا عسير إلا تيسر، ولا مشقة إلا خفت، ولا شدة إلا زالت، ولا كربة إلا انفرجت.


وهو سبب لدخول الجنة والنجاة من النار، فهذه عبادة فـرَّط وقصَّـر فيها الكثير منا إلا من رحم الله. فهيا يا أخي نفيق من غفلتنا، ونذكر ربنا كثيراً كي نكون من السابقين إلى الله -تعالى-.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

شيخة الزين
04-04-2022, 01:36 PM
طــرح قيم بارك الله فيك واثابك الجنه
وجعله في ميزان حسناتك

بنت الشام
04-04-2022, 01:37 PM
جزَآك آللَه خَيِرآ علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعلهآ فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ الفًردوسَ الأعلى ًمِن الجنـَه
حَمآك آلرحمَن ,,~

♡ Šąɱąя ♡
04-04-2022, 02:42 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

мя Зάмояч
04-04-2022, 02:49 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

خالد الشاعر
04-04-2022, 05:25 PM
جزاكى الله خير الجزاء
جعل يومكِ نوراً وَسروراً
وجبال من الحسنات تعآنقها بحورا
جعلها الله فى ميزان اعمالكِ
دام لنا عطائكِ

عاشق الغيم
04-04-2022, 06:27 PM
جزَاك الله جنّةٌ عَرضها السموَات والأرض
ولا يِحرمك الأجر

♥мs.мooη♥
04-05-2022, 01:06 AM
بين مواضيعكم نجد
المتعة دائماً
وفقكم الله لقادم اجمل

Şøķåŕą
04-05-2022, 06:14 AM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

ذآتَ حُسن♔
04-05-2022, 09:45 AM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحكك

روحي تبيك
04-05-2022, 09:03 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

- سمَـا.
04-06-2022, 01:29 AM
-










اسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك
وَ يجعل الفردوس الأعلى سكنك
تقديري ض2.

سمارا
04-06-2022, 09:55 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

غـُـلايےّ
07-13-2022, 12:01 PM
طرحَ عَذب ..!!
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر لسموك

غـُـلايےّ
07-13-2022, 12:03 PM
طرحَ عَذب ..!!
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر لسموك

Şøķåŕą
03-21-2023, 03:27 PM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

Şøķåŕą
06-26-2023, 07:22 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.