Şøķåŕą
03-29-2022, 04:13 PM
دور الأخلاق في رفع الدعوى أمام القضاء
الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا؛ أما بعدُ:
فنستطيع أن نوجز الجانب الأخلاقي في رَفْع الدعوى أمام القضاء في الأمور الآتية:
1- الصدق في الدعوى المقدمة للقاضي:
يجب على الشخص الذي يقدم دعوى قضائية أن يتقي الله تعالى فيما يكتب، ويكون صادقًا عند تقديم الدعوى للقاضي، ولا يتعمد الكذب؛ لكي يأكل أموال الناس بالباطل؛ قال اللهُ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]؛ قال الإمام ابن كثير رحمهُ اللهُ في تفسيره لهذه الآية: "اصْدُقُوا وَالْزَمُوا الصِّدْقَ، تَكُونُوا مَعَ أَهْلِهِ، وَتَنْجُوَا مِنَ الْمَهَالِكِ، وَيَجْعَل لَكُمْ فَرَجًا مِنْ أُمُورِكُمْ وَمَخْرَجًا"؛ [تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ج: 7، ص: 313]، قال الإمام عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمهُ اللهُ: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بالله، وبما أمر اللهُ بالإيمان به، قوموا بما يقتضيه الإيمان، وهو القيام بتقوى الله تعالى، باجتناب ما نهى الله عنه والبعد عنه، ﴿ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، الذين أقوالهم صدق، وأعمالهم، وأحوالهم لا تكون إلا صدقًا، خالية مِن الكسل والفتور، سالمة من المقاصد السيئة، مشتملة على الإخلاص والنية الصالحة، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنَّة"؛ [تفسير السعدي، ص: 355].
قال عَزَّ وجَلَّ: ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119].
روى الشيخان عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا))؛ [البخاري، حديث: 6094، مسلم حديث: 2607].
2- عدم الاستعانة بشهداء الزور:
روى الشيخان عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ، قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّور، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا، حَتَّى قُلْتُ: لا يَسْكُتُ))؛ [البخاري، حديث: 5976، مسلم، حديث: 87]؛ قَوْلُهُ: ((وَشَهَادَةُ الزُّورِ))؛ أَيِ: الْكَذِبِ، وَسُمِّيَ زُورًا لِمَيَلَانِهِ عَنْ جِهَةِ الْحَقِّ؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 1، ص: 123].
قال الإمام النووي رحمهُ اللهُ: ((قَوْلُهُ: فَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ، فَجُلُوسُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِاهْتِمَامِهِ بِهَذَا الْأَمْرِ، وَهُوَ يُفِيدُ تَأْكِيدَ تَحْرِيمِهِ وَعِظَمَ قُبْحِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَيْتَهُ سَكَتَ، فَإِنَّمَا قَالُوهُ وَتَمَنَّوْهُ؛ شَفَقَةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَرَاهَةً لِمَا يُزْعِجُهُ وَيُغْضِبُهُ"؛ [صحيح مسلم بشرح النووي، ج: 2، ص: 88].
روى الشيخان عَنْ عَبْدِاللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا))؛ [البخاري، حديث: 6094، مسلم، حديث: 2607].
قَالَ الإمام الذهبي رَحمَه الله: "شَاهد الزُّور قد ارْتكب عظائم:
أَحدهَا: الْكَذِب والافتراء؛ قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ [غافر: 28].
وَثَانِيها: إِنَّه ظَلَمَ الَّذِي شهد عَلَيْهِ حَتَّى أَخذ بِشَهَادَتِهِ مَاله وَعرضه وروحه.
وَثَالِثهَا: إِنَّه ظَلَمَ الَّذِي شهد لَهُ بِأَن سَاق إِلَيْهِ المَال الْحَرَام، فَأَخذه بِشَهَادَتِهِ فَوَجَبت لَهُ النَّار، وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((من قضيت لَهُ من مَال أَخِيه بِغَيْر حق، فَلَا يَأْخُذهُ؛ فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من نَار)).
وَرَابِعهَا: أَنه أَبَاحَ مَا حرم الله تَعَالَى وَعَصَمَهُ من المَال وَالدَّم وَالْعرض؛ [الكبائر، للذهبي، ص: 79].
3- التزام الأدب عند تقديم الدعوى:
يجب على الشخص الذي يقدم الدعوى القضائية أن يكون متزينًا بالأدب حتى مع خصومه.
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].
• روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ))؛ [البخاري، حديث: 24، مسلم، حديث: 36].
قال الإمام النووي رحمه الله: "قَالَ العلماءُ: حَقِيقَةُ الحَيَاءِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ القَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ في حَقِّ ذِي الحَقِّ"؛ [رياض الصالحين، للنووي، ص: 176].
ثمرات الحياء:
نستطيع أن نُوجِزَ ثمرات صفة الحياء في الأمور الآتية:
1- الحياء مِن خصال الإيمان وحسن الإسلام.
2- الحياء هجر المعصية خجلًا من الله سبحانه وتعالى.
3- الحياء الإقبال على الطَّاعة بوازع الحبِّ لله عزَّ وجلَّ.
4- الحياء يبعد عن فضائح الدنيا والآخرة.
5- الحياء أصل كل شعب الإيمان.
6- الحياء يكسو المرء الوقار؛ فلا يفعل ما يخل بالمروءة والتوقير، ولا يؤذي من يستحق الإكرام.
7- الحياء لا يمنع من مواجهة أهل الباطل ومرتكبي الجرائم.
8- الحياء هو دليل على كرم السجية وطيب المنبت.
9- الحياء صفة من صفات الأنبياء والصحابة والتابعين.
10- الحياء يجعل صاحبه من المحبوبين من الله ومن الناس؛ [موسوعة نضرة النعيم، ج: 5، ص: 1814].
(6) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي المِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ))؛ [حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 1629].
(9) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ((سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ، فَقَالَ: تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الخُلُقِ))؛ [حديث حسن، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 1630].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
"جَمَعَ النَّبِيُّ بَين تقوى الله وَحسن الْخلق؛ لِأَن تقوى الله تصلح مَا بَين العَبْد وَبَين ربه، وَحسن الخلق يصلح مَا بَينه وَبَين خلقه؛ فتقوى الله توجب لَهُ محبَّة الله، وَحسن الْخلق يَدْعُو إِلَى محبته"؛ [الفوائد، لابن القيم، ص: 54].
4- إحسان الظن بالقاضي:
يجب على مقدم الدعوى القضائية أن يحسن الظن بالقاضي، وأنه سوف يعطيه حقه كاملًا، ولن يظلمه.
فوائد حُسْن الظن:
نستطيع أن نوجز ثمرات حُسْنُ الظن بالله تعالى ثم بالناس في الأمور الآتية:
(1) حُسْنُ الظن طريق موصل إلى الجنة.
(2) حُسْنُ الظن دليل كمال الإيمان وحُسْن الإسلام.
(3) حُسْنُ الظن يولِّد الألفة والمحبة بين المسلمين.
(4) حُسْنُ الظن يهيئ المجتمع الصالح المتماسك ويحقق التعاون بين أفراده.
(5) حُسْنُ الظن برهان على سلامة القلب وطهارة النفس.
(6) حُسْنُ الظن علامة على حُسن الخاتمة.
(7) حُسْنُ الظن لا يأتي إلا عن معرفة قدر الله، ومدى مغفرته ورحمته.
(8) حُسْنُ الظن يحافظ على أعراض المسلمين؛ [موسوعة نضرة النعيم، ج: 5، ص: 1608].
(5) التجاء صاحب الدعوى إلى الله تعالى بالدعاء للحصول على حقه:
معنى الدعاء:
الدُّعَاءُ: هُوَ إِظْهَارُ غَايَةِ التَّذَلُّلِ وَالِافْتِقَارُ إِلَى اللَّهِ، وَالِاسْتِكَانَةُ لَهُ؛ [فتح الباري لابن حجر العسقلاني، ج: 11، ص: 98].
الدعاء وصية رب العالمين:
حثنا الله تعالى على الدعاء في آيات كثيرة مِن كتابه العزيز:
(1) قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]؛ قال الإمامُ ابنُ جرير الطبري رحمه الله: "وَإِذَا سَأَلَكَ يَا مُحَمَّدُ عِبَادِي عَنِّي: أَيْنَ أَنَا؟ فَإِنِّي قَرِيبٌ مِنْهُمْ أَسْمَعُ دُعَاءَهُمْ، وَأُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِيَ مِنْهُمْ"؛ [تفسير الطبري، ج: 3، ص: 222].
(2) قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]؛ قال الإمامُ ابنُ كثير رحمه الله: "يُنَبِّهُ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ المدعُوُّ عِنْدَ الشَّدَائِدِ، المرجُوُّ عِنْدَ النَّوَازِلِ؛ كَمَا قَالَ: ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء: 67]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53].
قوله تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾؛ أَيْ: مَنْ هُوَ الَّذِي لَا يَلْجَأُ الْمُضْطَرُّ إِلَّا إِلَيْهِ، وَالَّذِي لَا يَكْشِفُ ضُرَّ الْمَضْرُورِينَ سِوَاهُ؛ [تفسير ابن كثير، ج: 6، ص: 203].
(3) قال جَلَّ شأنه: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]؛ قال الإمامُ ابنُ كثير رحمه الله: "هَذَا مِنْ فَضْلِهِ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَكَرَمِهِ أَنَّهُ نَدَبَ عِبَادَهُ إِلَى دُعَائِهِ، وَتَكَفَّلَ لَهُمْ بِالْإِجَابَةِ"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 7، ص: 153].
(4) قال سبحانه: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 55، 56]؛ قال الإمامُ ابنُ جرير الطبري رحمه الله: "ادْعُوا أَيُّهَا النَّاسُ رَبَّكُمْ وَحْدَهُ، فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ دُونَ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَصْنَامِ.
قوله: ﴿ تَضَرُّعًا ﴾؛ أيْ: تَذَلُّلًا وَاسْتِكَانَةً لِطَاعَتِهِ.
• قولهُ: ﴿ وَخُفْيَةً ﴾؛ أيْ: بِخُشُوعِ قُلُوبِكُمْ وَصِحَّةِ الْيَقِينِ مِنْكُمْ بِوَحْدَانِيَّتِهِ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، لَا جِهَارًا مُرَاءَاةً، وَقُلُوبُكُمْ غَيْرُ مُوقِنَةٍ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ، فِعْل أَهْلِ النِّفَاقِ وَالْخِدَاعِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ"؛ [تفسير الطبري، ج: 10، ص: 247].
روى أبو داود عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا))؛ [حديث صحيح، صحيح أبي داود، للألباني، حديث: 1320].
• قولهُ: (صِفْرًا): أيْ: خَالِيَتَيْنِ.
روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ))؛ [حديث صحيح، صحيح الترمذي، للألباني، حديث: 2766].
• قولهُ: ((وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ)): أيْ: وَأَنْتُمْ مُعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُخَيِّبُكُمْ؛ لِسِعَةِ كَرَمِهِ، وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَإِحَاطَةِ عِلْمِهِ، لِتَحَقُّقِ صِدْقِ الرَّجَاءِ وَخُلُوصِ الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّاعِيَ مَا لَمْ يَكُنْ رَجَاؤُهُ وَاثِقًا لَمْ يَكُنْ دُعَاؤُهُ صَادِقًا؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 4، ص: 1531].
شروط إجابة الدعاء:
هناك شروط يجب توفرها حتى يكون الدعاء مستجابًا عند الله تعالى؛ ويمكن أن نوجز شروط إجابة الدعاء الأمور الآتية:
1- الإخلاص في الدعاء:
قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].
روى البخاري عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ: ((إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى))؛ [البخاري: حديث: 1].
2- المأكل والمشرب والملبس الحلال:
روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ؛ فَقَالَ: ﴿ يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى - أيْ: كيف - يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ))؛ [مسلم، حديث: 1015].
3- عدم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم:
روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: ((لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ – أي: يَسْأَمُ - عِنْدَ ذَلِكَ، وَيَدَعُ الدُّعَاءَ))؛ [مسلم، ج: 4، كتاب الذكر والدعاء، حديث: 92].
4- الثقة بإجابة الله تعالى للدعاء:
روى أحمد والبخاري في الأدب المفرد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ))؛ [حديث صحيح، مسند أحمد، ج: 3، ص: 18، صحيح الأدب المفرد، للألباني، رقم: 547].
قال الإمامُ اِبْن الْجَوْزِي رحمه الله:
"اِعْلَمْ أَنَّ دُعَاءَ الْمُؤْمِن لَا يُرَدُّ، غَيْر أَنَّهُ قَدْ يَكُون الْأَوْلَى لَهُ تَأْخِير الْإِجَابَة أَوْ يُعَوَّض بِمَا هُوَ أَوْلَى لَهُ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَلَّا يَتْرُك الطَّلَبَ مِنْ رَبِّه، فَإِنَّهُ مُتَعَبِّدٌ بِالدُّعَاءِ كَمَا هُوَ مُتَعَبِّدٌ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيض"؛ [فتح الباري لابن حجر العسقلاني، ج: 11، ص: 145].
الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا؛ أما بعدُ:
فنستطيع أن نوجز الجانب الأخلاقي في رَفْع الدعوى أمام القضاء في الأمور الآتية:
1- الصدق في الدعوى المقدمة للقاضي:
يجب على الشخص الذي يقدم دعوى قضائية أن يتقي الله تعالى فيما يكتب، ويكون صادقًا عند تقديم الدعوى للقاضي، ولا يتعمد الكذب؛ لكي يأكل أموال الناس بالباطل؛ قال اللهُ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]؛ قال الإمام ابن كثير رحمهُ اللهُ في تفسيره لهذه الآية: "اصْدُقُوا وَالْزَمُوا الصِّدْقَ، تَكُونُوا مَعَ أَهْلِهِ، وَتَنْجُوَا مِنَ الْمَهَالِكِ، وَيَجْعَل لَكُمْ فَرَجًا مِنْ أُمُورِكُمْ وَمَخْرَجًا"؛ [تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ج: 7، ص: 313]، قال الإمام عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمهُ اللهُ: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بالله، وبما أمر اللهُ بالإيمان به، قوموا بما يقتضيه الإيمان، وهو القيام بتقوى الله تعالى، باجتناب ما نهى الله عنه والبعد عنه، ﴿ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، الذين أقوالهم صدق، وأعمالهم، وأحوالهم لا تكون إلا صدقًا، خالية مِن الكسل والفتور، سالمة من المقاصد السيئة، مشتملة على الإخلاص والنية الصالحة، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنَّة"؛ [تفسير السعدي، ص: 355].
قال عَزَّ وجَلَّ: ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119].
روى الشيخان عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا))؛ [البخاري، حديث: 6094، مسلم حديث: 2607].
2- عدم الاستعانة بشهداء الزور:
روى الشيخان عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ، قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّور، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا، حَتَّى قُلْتُ: لا يَسْكُتُ))؛ [البخاري، حديث: 5976، مسلم، حديث: 87]؛ قَوْلُهُ: ((وَشَهَادَةُ الزُّورِ))؛ أَيِ: الْكَذِبِ، وَسُمِّيَ زُورًا لِمَيَلَانِهِ عَنْ جِهَةِ الْحَقِّ؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 1، ص: 123].
قال الإمام النووي رحمهُ اللهُ: ((قَوْلُهُ: فَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ، فَجُلُوسُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِاهْتِمَامِهِ بِهَذَا الْأَمْرِ، وَهُوَ يُفِيدُ تَأْكِيدَ تَحْرِيمِهِ وَعِظَمَ قُبْحِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَيْتَهُ سَكَتَ، فَإِنَّمَا قَالُوهُ وَتَمَنَّوْهُ؛ شَفَقَةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَرَاهَةً لِمَا يُزْعِجُهُ وَيُغْضِبُهُ"؛ [صحيح مسلم بشرح النووي، ج: 2، ص: 88].
روى الشيخان عَنْ عَبْدِاللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا))؛ [البخاري، حديث: 6094، مسلم، حديث: 2607].
قَالَ الإمام الذهبي رَحمَه الله: "شَاهد الزُّور قد ارْتكب عظائم:
أَحدهَا: الْكَذِب والافتراء؛ قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ [غافر: 28].
وَثَانِيها: إِنَّه ظَلَمَ الَّذِي شهد عَلَيْهِ حَتَّى أَخذ بِشَهَادَتِهِ مَاله وَعرضه وروحه.
وَثَالِثهَا: إِنَّه ظَلَمَ الَّذِي شهد لَهُ بِأَن سَاق إِلَيْهِ المَال الْحَرَام، فَأَخذه بِشَهَادَتِهِ فَوَجَبت لَهُ النَّار، وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((من قضيت لَهُ من مَال أَخِيه بِغَيْر حق، فَلَا يَأْخُذهُ؛ فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من نَار)).
وَرَابِعهَا: أَنه أَبَاحَ مَا حرم الله تَعَالَى وَعَصَمَهُ من المَال وَالدَّم وَالْعرض؛ [الكبائر، للذهبي، ص: 79].
3- التزام الأدب عند تقديم الدعوى:
يجب على الشخص الذي يقدم الدعوى القضائية أن يكون متزينًا بالأدب حتى مع خصومه.
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].
• روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ))؛ [البخاري، حديث: 24، مسلم، حديث: 36].
قال الإمام النووي رحمه الله: "قَالَ العلماءُ: حَقِيقَةُ الحَيَاءِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ القَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ في حَقِّ ذِي الحَقِّ"؛ [رياض الصالحين، للنووي، ص: 176].
ثمرات الحياء:
نستطيع أن نُوجِزَ ثمرات صفة الحياء في الأمور الآتية:
1- الحياء مِن خصال الإيمان وحسن الإسلام.
2- الحياء هجر المعصية خجلًا من الله سبحانه وتعالى.
3- الحياء الإقبال على الطَّاعة بوازع الحبِّ لله عزَّ وجلَّ.
4- الحياء يبعد عن فضائح الدنيا والآخرة.
5- الحياء أصل كل شعب الإيمان.
6- الحياء يكسو المرء الوقار؛ فلا يفعل ما يخل بالمروءة والتوقير، ولا يؤذي من يستحق الإكرام.
7- الحياء لا يمنع من مواجهة أهل الباطل ومرتكبي الجرائم.
8- الحياء هو دليل على كرم السجية وطيب المنبت.
9- الحياء صفة من صفات الأنبياء والصحابة والتابعين.
10- الحياء يجعل صاحبه من المحبوبين من الله ومن الناس؛ [موسوعة نضرة النعيم، ج: 5، ص: 1814].
(6) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي المِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ))؛ [حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 1629].
(9) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ((سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ، فَقَالَ: تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الخُلُقِ))؛ [حديث حسن، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 1630].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
"جَمَعَ النَّبِيُّ بَين تقوى الله وَحسن الْخلق؛ لِأَن تقوى الله تصلح مَا بَين العَبْد وَبَين ربه، وَحسن الخلق يصلح مَا بَينه وَبَين خلقه؛ فتقوى الله توجب لَهُ محبَّة الله، وَحسن الْخلق يَدْعُو إِلَى محبته"؛ [الفوائد، لابن القيم، ص: 54].
4- إحسان الظن بالقاضي:
يجب على مقدم الدعوى القضائية أن يحسن الظن بالقاضي، وأنه سوف يعطيه حقه كاملًا، ولن يظلمه.
فوائد حُسْن الظن:
نستطيع أن نوجز ثمرات حُسْنُ الظن بالله تعالى ثم بالناس في الأمور الآتية:
(1) حُسْنُ الظن طريق موصل إلى الجنة.
(2) حُسْنُ الظن دليل كمال الإيمان وحُسْن الإسلام.
(3) حُسْنُ الظن يولِّد الألفة والمحبة بين المسلمين.
(4) حُسْنُ الظن يهيئ المجتمع الصالح المتماسك ويحقق التعاون بين أفراده.
(5) حُسْنُ الظن برهان على سلامة القلب وطهارة النفس.
(6) حُسْنُ الظن علامة على حُسن الخاتمة.
(7) حُسْنُ الظن لا يأتي إلا عن معرفة قدر الله، ومدى مغفرته ورحمته.
(8) حُسْنُ الظن يحافظ على أعراض المسلمين؛ [موسوعة نضرة النعيم، ج: 5، ص: 1608].
(5) التجاء صاحب الدعوى إلى الله تعالى بالدعاء للحصول على حقه:
معنى الدعاء:
الدُّعَاءُ: هُوَ إِظْهَارُ غَايَةِ التَّذَلُّلِ وَالِافْتِقَارُ إِلَى اللَّهِ، وَالِاسْتِكَانَةُ لَهُ؛ [فتح الباري لابن حجر العسقلاني، ج: 11، ص: 98].
الدعاء وصية رب العالمين:
حثنا الله تعالى على الدعاء في آيات كثيرة مِن كتابه العزيز:
(1) قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]؛ قال الإمامُ ابنُ جرير الطبري رحمه الله: "وَإِذَا سَأَلَكَ يَا مُحَمَّدُ عِبَادِي عَنِّي: أَيْنَ أَنَا؟ فَإِنِّي قَرِيبٌ مِنْهُمْ أَسْمَعُ دُعَاءَهُمْ، وَأُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِيَ مِنْهُمْ"؛ [تفسير الطبري، ج: 3، ص: 222].
(2) قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]؛ قال الإمامُ ابنُ كثير رحمه الله: "يُنَبِّهُ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ المدعُوُّ عِنْدَ الشَّدَائِدِ، المرجُوُّ عِنْدَ النَّوَازِلِ؛ كَمَا قَالَ: ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء: 67]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53].
قوله تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾؛ أَيْ: مَنْ هُوَ الَّذِي لَا يَلْجَأُ الْمُضْطَرُّ إِلَّا إِلَيْهِ، وَالَّذِي لَا يَكْشِفُ ضُرَّ الْمَضْرُورِينَ سِوَاهُ؛ [تفسير ابن كثير، ج: 6، ص: 203].
(3) قال جَلَّ شأنه: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]؛ قال الإمامُ ابنُ كثير رحمه الله: "هَذَا مِنْ فَضْلِهِ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَكَرَمِهِ أَنَّهُ نَدَبَ عِبَادَهُ إِلَى دُعَائِهِ، وَتَكَفَّلَ لَهُمْ بِالْإِجَابَةِ"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 7، ص: 153].
(4) قال سبحانه: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 55، 56]؛ قال الإمامُ ابنُ جرير الطبري رحمه الله: "ادْعُوا أَيُّهَا النَّاسُ رَبَّكُمْ وَحْدَهُ، فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ دُونَ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَصْنَامِ.
قوله: ﴿ تَضَرُّعًا ﴾؛ أيْ: تَذَلُّلًا وَاسْتِكَانَةً لِطَاعَتِهِ.
• قولهُ: ﴿ وَخُفْيَةً ﴾؛ أيْ: بِخُشُوعِ قُلُوبِكُمْ وَصِحَّةِ الْيَقِينِ مِنْكُمْ بِوَحْدَانِيَّتِهِ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، لَا جِهَارًا مُرَاءَاةً، وَقُلُوبُكُمْ غَيْرُ مُوقِنَةٍ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ، فِعْل أَهْلِ النِّفَاقِ وَالْخِدَاعِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ"؛ [تفسير الطبري، ج: 10، ص: 247].
روى أبو داود عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا))؛ [حديث صحيح، صحيح أبي داود، للألباني، حديث: 1320].
• قولهُ: (صِفْرًا): أيْ: خَالِيَتَيْنِ.
روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ))؛ [حديث صحيح، صحيح الترمذي، للألباني، حديث: 2766].
• قولهُ: ((وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ)): أيْ: وَأَنْتُمْ مُعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُخَيِّبُكُمْ؛ لِسِعَةِ كَرَمِهِ، وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَإِحَاطَةِ عِلْمِهِ، لِتَحَقُّقِ صِدْقِ الرَّجَاءِ وَخُلُوصِ الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّاعِيَ مَا لَمْ يَكُنْ رَجَاؤُهُ وَاثِقًا لَمْ يَكُنْ دُعَاؤُهُ صَادِقًا؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 4، ص: 1531].
شروط إجابة الدعاء:
هناك شروط يجب توفرها حتى يكون الدعاء مستجابًا عند الله تعالى؛ ويمكن أن نوجز شروط إجابة الدعاء الأمور الآتية:
1- الإخلاص في الدعاء:
قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].
روى البخاري عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ: ((إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى))؛ [البخاري: حديث: 1].
2- المأكل والمشرب والملبس الحلال:
روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ؛ فَقَالَ: ﴿ يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى - أيْ: كيف - يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ))؛ [مسلم، حديث: 1015].
3- عدم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم:
روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: ((لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ – أي: يَسْأَمُ - عِنْدَ ذَلِكَ، وَيَدَعُ الدُّعَاءَ))؛ [مسلم، ج: 4، كتاب الذكر والدعاء، حديث: 92].
4- الثقة بإجابة الله تعالى للدعاء:
روى أحمد والبخاري في الأدب المفرد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ))؛ [حديث صحيح، مسند أحمد، ج: 3، ص: 18، صحيح الأدب المفرد، للألباني، رقم: 547].
قال الإمامُ اِبْن الْجَوْزِي رحمه الله:
"اِعْلَمْ أَنَّ دُعَاءَ الْمُؤْمِن لَا يُرَدُّ، غَيْر أَنَّهُ قَدْ يَكُون الْأَوْلَى لَهُ تَأْخِير الْإِجَابَة أَوْ يُعَوَّض بِمَا هُوَ أَوْلَى لَهُ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَلَّا يَتْرُك الطَّلَبَ مِنْ رَبِّه، فَإِنَّهُ مُتَعَبِّدٌ بِالدُّعَاءِ كَمَا هُوَ مُتَعَبِّدٌ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيض"؛ [فتح الباري لابن حجر العسقلاني، ج: 11، ص: 145].