Şøķåŕą
03-23-2022, 04:50 PM
توجيه قويٌّ لحديث الأعمى
أخرج الإمام أحمد وغيره بسند صحيح عن عثمان بن حنيف: ((أن رجلًا ضريرَ البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ادعُ الله أن يعافيني، فقال صلى الله عليه وسلم: إن شئتَ دعوت لك، وإن شئت أخَّرت ذاك، فهو خير لك، - وفي رواية: وإن شئت صبرت، فهو خير لك - فقال: ادْعُهْ، فأمره أن يتوضأ، فيُحسن وضوءه، فيصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضى لي، اللهم فشفِّعه فيَّ وشفِّعني فيه، قال: ففعل الرجل، فبرَأ)).
الشرح والتوضيح:
الحمد لله؛ أما بعد:
"فهذا الحديث اختلف أهل العلم في صحته؛ فمنهم من قال: إنه ضعيف، ومنهم من قال: إنه حسن، ولكن له وجهة ليست كما يتبادر من اللفظ، فإن هذا الحديث معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا الرجل الأعمى أن يتوضأ، ويصلي ركعتين ليكون صادقًا في طلب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم له، وليكون وضوؤه وصلاته عنوانًا على رغبته في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، والتوجه به إلى الله سبحانه وتعالى؛ فإذا صدقت النية، وصحت، وقويَتِ العزيمة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع له إلى الله عز وجل؛ وذلك بأن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم له. فإن الدعاء نوع من الشفاعة؛ كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا، لا يشركون بالله شيئًا، إلا شفَّعهم الله فيه)).
فيكون معنى هذا الحديث أن هذا الأعمى يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله له؛ لأن هذا الدعاء نوع شفاعة، أما الآن، وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فإن مثل هذه الحال لا يمكن أن تكون لتعذر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأحد بعد الموت؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات العبد، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))، والدعاء بلا شك من الأعمال التي تنقطع بالموت، بل الدعاء عبادة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]، ولهذا لم يلجأ الصحابة رضي الله عنهم عند الشدائد وعند الحاجة إلى سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم؛ بل قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قحط المطر: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا، فاسقنا، فيُسقَون"، وطلب من العباس رضي الله عنه أن يدعو الله عز وجل بالسقيا فدعا فسقوا، وهذا يدل على أنه لا يمكن أن يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته أن يدعو لأحد؛ لأن ذلك متعذر لانقطاع عمله بموته صلوات الله وسلامه عليه، وإذا كان لا يمكن لأحد أن يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يمكن - ومن باب أولى - أن يدعو أحدٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نفسه بشيء من حاجاته أو مصالحه؛ فإن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، والذي حرم الله على من اتصف به الجنة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 106]، وقال تعالى: ﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾ [الشعراء: 213]، وقال الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 117]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72].
فالمهم أن من دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته أو غيره من الأموات؛ لدفع ضرر، أو جلب منفعة، فهو مشرك شركًا أكبر مخرجًا عن الملة، وعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يوجه الدعاء إلى العلي الكبير الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء.
وإني لأعجب من قوم يذهبون إلى قبر فلان وفلان يدعونه أن يفرج عنهم الكربات، ويجلب لهم الخيرات، وهم يعلمون أن هذا الرجل كان في حال حياته لا يملك ذلك، فكيف بعد موته بعد أن كان جثة، وربما يكون رميمًا قد أكلته الأرض، فيذهبون يدعونه، ويتركون دعاء الله عز وجل الذي هو كاشف الضر، وجالب النفع والخير، مع أن الله تعالى أمرهم بذلك وحثهم عليه؛ فقال: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، وقال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، وقال تعالى منكرًا على من دعا غيره: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعًا صراطَه المستقيم"؛ [انتهى من مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (2 /274)].
فالحديث لا يدل على جواز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم كما ذهب إليه البعض، بل الحديث يدل على أن هذا الرجل توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم فقوله: ((اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد))؛ أي: بدعاء نبينا محمد، وقوله: ((يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربي))؛ أي: بدعائك.
ويدل على هذا:
1- أن هذا الرجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يدعو له، ولو كان مراده التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم، لقعد في بيته، وقال: اللهم إني أتوسل إليك وأسألك بجاه محمد.
2- من جملة الدعاء الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم: ((اللهم فشفِّعه فيَّ، وشفِّعني فيه))؛ أي: اقبل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فيَّ، والشفاعة هي الدعاء، فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا له.
وقوله: ((وشفعني فيه))؛ أي: اقبل دعائي أن تقبل دعاءه.
قال الألباني رحمه الله في كتاب التوسل ص: (73، 74):
"إن مما علم النبي صلى الله عليه وسلم الأعمى أن يقوله: ((وشفعني فيه))؛ أي: اقبل شفاعتي - أي: دعائي - في أن تقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم؛ أي: دعاءه في أن ترد عليَّ بصري، هذا الذي لا يمكن أن يفهم من هذه الجملة سواه.
ولهذا ترى المخالفين يتجاهلونها ولا يتعرضون لها من قريب أو من بعيد؛ لأنها تنسف بنيانهم من القواعد، وتجتثه من الجذور، وإذا سمعوها رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشيِّ عليه؛ ذلك أن شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في الأعمى مفهومة، ولكن شفاعة الأعمى في الرسول صلى الله عليه وسلم كيف تكون؟ لا جواب لذلك عندهم ألبتة، ومما يدل على شعورهم بأن هذه الجملة تبطل تأويلاتهم أنك لا ترى واحدًا منهم يستعملها، فيقول في دعائه مثلًا: اللهم شفع فيَّ نبيك، وشفعني فيه"؛ [انتهى، وانظر لتفصيل الكلام على هذا الحديث: كتاب "التوسل"، ص: (68 - 93)].
والله أعلم.
أخرج الإمام أحمد وغيره بسند صحيح عن عثمان بن حنيف: ((أن رجلًا ضريرَ البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ادعُ الله أن يعافيني، فقال صلى الله عليه وسلم: إن شئتَ دعوت لك، وإن شئت أخَّرت ذاك، فهو خير لك، - وفي رواية: وإن شئت صبرت، فهو خير لك - فقال: ادْعُهْ، فأمره أن يتوضأ، فيُحسن وضوءه، فيصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضى لي، اللهم فشفِّعه فيَّ وشفِّعني فيه، قال: ففعل الرجل، فبرَأ)).
الشرح والتوضيح:
الحمد لله؛ أما بعد:
"فهذا الحديث اختلف أهل العلم في صحته؛ فمنهم من قال: إنه ضعيف، ومنهم من قال: إنه حسن، ولكن له وجهة ليست كما يتبادر من اللفظ، فإن هذا الحديث معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا الرجل الأعمى أن يتوضأ، ويصلي ركعتين ليكون صادقًا في طلب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم له، وليكون وضوؤه وصلاته عنوانًا على رغبته في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، والتوجه به إلى الله سبحانه وتعالى؛ فإذا صدقت النية، وصحت، وقويَتِ العزيمة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع له إلى الله عز وجل؛ وذلك بأن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم له. فإن الدعاء نوع من الشفاعة؛ كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا، لا يشركون بالله شيئًا، إلا شفَّعهم الله فيه)).
فيكون معنى هذا الحديث أن هذا الأعمى يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله له؛ لأن هذا الدعاء نوع شفاعة، أما الآن، وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فإن مثل هذه الحال لا يمكن أن تكون لتعذر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأحد بعد الموت؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات العبد، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))، والدعاء بلا شك من الأعمال التي تنقطع بالموت، بل الدعاء عبادة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]، ولهذا لم يلجأ الصحابة رضي الله عنهم عند الشدائد وعند الحاجة إلى سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم؛ بل قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قحط المطر: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا، فاسقنا، فيُسقَون"، وطلب من العباس رضي الله عنه أن يدعو الله عز وجل بالسقيا فدعا فسقوا، وهذا يدل على أنه لا يمكن أن يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته أن يدعو لأحد؛ لأن ذلك متعذر لانقطاع عمله بموته صلوات الله وسلامه عليه، وإذا كان لا يمكن لأحد أن يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يمكن - ومن باب أولى - أن يدعو أحدٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نفسه بشيء من حاجاته أو مصالحه؛ فإن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، والذي حرم الله على من اتصف به الجنة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 106]، وقال تعالى: ﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾ [الشعراء: 213]، وقال الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 117]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72].
فالمهم أن من دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته أو غيره من الأموات؛ لدفع ضرر، أو جلب منفعة، فهو مشرك شركًا أكبر مخرجًا عن الملة، وعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يوجه الدعاء إلى العلي الكبير الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء.
وإني لأعجب من قوم يذهبون إلى قبر فلان وفلان يدعونه أن يفرج عنهم الكربات، ويجلب لهم الخيرات، وهم يعلمون أن هذا الرجل كان في حال حياته لا يملك ذلك، فكيف بعد موته بعد أن كان جثة، وربما يكون رميمًا قد أكلته الأرض، فيذهبون يدعونه، ويتركون دعاء الله عز وجل الذي هو كاشف الضر، وجالب النفع والخير، مع أن الله تعالى أمرهم بذلك وحثهم عليه؛ فقال: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، وقال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، وقال تعالى منكرًا على من دعا غيره: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعًا صراطَه المستقيم"؛ [انتهى من مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (2 /274)].
فالحديث لا يدل على جواز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم كما ذهب إليه البعض، بل الحديث يدل على أن هذا الرجل توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم فقوله: ((اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد))؛ أي: بدعاء نبينا محمد، وقوله: ((يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربي))؛ أي: بدعائك.
ويدل على هذا:
1- أن هذا الرجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يدعو له، ولو كان مراده التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم، لقعد في بيته، وقال: اللهم إني أتوسل إليك وأسألك بجاه محمد.
2- من جملة الدعاء الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم: ((اللهم فشفِّعه فيَّ، وشفِّعني فيه))؛ أي: اقبل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فيَّ، والشفاعة هي الدعاء، فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا له.
وقوله: ((وشفعني فيه))؛ أي: اقبل دعائي أن تقبل دعاءه.
قال الألباني رحمه الله في كتاب التوسل ص: (73، 74):
"إن مما علم النبي صلى الله عليه وسلم الأعمى أن يقوله: ((وشفعني فيه))؛ أي: اقبل شفاعتي - أي: دعائي - في أن تقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم؛ أي: دعاءه في أن ترد عليَّ بصري، هذا الذي لا يمكن أن يفهم من هذه الجملة سواه.
ولهذا ترى المخالفين يتجاهلونها ولا يتعرضون لها من قريب أو من بعيد؛ لأنها تنسف بنيانهم من القواعد، وتجتثه من الجذور، وإذا سمعوها رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشيِّ عليه؛ ذلك أن شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في الأعمى مفهومة، ولكن شفاعة الأعمى في الرسول صلى الله عليه وسلم كيف تكون؟ لا جواب لذلك عندهم ألبتة، ومما يدل على شعورهم بأن هذه الجملة تبطل تأويلاتهم أنك لا ترى واحدًا منهم يستعملها، فيقول في دعائه مثلًا: اللهم شفع فيَّ نبيك، وشفعني فيه"؛ [انتهى، وانظر لتفصيل الكلام على هذا الحديث: كتاب "التوسل"، ص: (68 - 93)].
والله أعلم.