تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الغَيرة في الميزان


Şøķåŕą
03-20-2022, 02:42 PM
الغَيرة في الميزان


قال أبو البقاء الكفوي في معجمه الكليات: "إن الغَيرة هي أفكار وأحاسيس وتصرفات تحدث عندما يظن الشخص أن علاقته القوية بشخص ما تهدده من قِبل طرف آخر منافس، وهذا الطرف الآخر قد يكون مدركًا أو غير مدرك أنه يشكل تهديدًا، وقيل الغيرة: كراهة الرجل اشتراك غيره فيما هو حقه".



وقال الراغب الأصفهاني الغيرة: "ثوران الغضب حمايةً على أكرم الحرم، وأكثر ما تراعى في النساء، والغيرة بشكل عام هي الحمية والأنفة".



غيرة سيدنا سعد بن عبادة:

قال سعد بن عبادة: ((لو رأيت رجلًا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح عنه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أتعجبون من غيرة سعد؟! فوالله لَأنا أغير منه، والله أغير مني، من أجل غيرة الله حرم الفواحش، ما ظهر منها، وما بطن، ولا شخص أغير من الله...))؛ [أخرجه مسلم].




وقال العلماء: إن النبي صلى الله عليه وسلم هنا لم يقر هذا الصحابي الجليل على قوله ولم ينْهَه، فلم يقره؛ لأنه لا يوجد دم هدر في الإسلام، وللشبهات والحيثيات التي قد تعرض في سياقات الحادثة عند الحكم في المسألة، فقد لا يتحقق بها إقامة الحد لعدم استيفاء شروط إقامة الحد، أو لقلة الأدلة والشهود والقرائن شبه القطعية، ومن جهة أخرى لم ينهه؛ لأن الغيرة على الأهل أصل في الفطرة البشرية السوية، فلا يُلام على غيرته لائم، فضلًا عن أنها مشروعة ومطلوبة.




وللعلماء مسلكان في حكم قتْلِ مَن قتَلَ رجلًا وجده مع امرأته: أيُقتل به أم لا؟ منهم من يرى أنه يُقتل، ومنهم يرى أنه لا يُقتل؛ استنادًا إلى استدلالات وشواهد عديدة، ولست بصدد تفنيدها هنا، فحديثي مقتصر على الغيرة وضوابطها.



الغيرة بين المحمود والمذموم:

إن قوله صلى الله عليه وسلم أنه أغير منه – أي: من سيدنا سعد - وأن الله أغير من نبيه صلى الله عليه وسلم بعد حديثه عن وجوب أربعة شهداء على مَن وجد رجلًا مع امرأته - قبل نزول آية اللعان وحكم الملاعنة - فيه دلالة واضحة على أن الغيرة الجامحة والطاغية غير المنضبطة والمتروكة لشطوط الهوى وعنتريات النفس - مذمومة ومستقبحة في كل حال.




جاء الإسلام فهذب هذه النفس وضبط سلوكياتها وفق مبادئ الحكمة والعدالة، والرشد والتوازن الفكري والسلوكي، ومن ذلك ضبط الغيرة فقال: ((وأنا أغير منه، والله أغير مني))، فالذي خلق هذه النفس هو الأقدر على توجيهها، وجعلها متزنة ومتوازنة دون مغالاة أو تفريط، فالغيرة محمودة بلا شك، بشرط أن توضع في ميزانها الشرعي لا البشري، بما يحفظ الحقوق، ويكفل أمن المجتمع الإسلامي.



العرب والغيرة:

لقد عُرف عن عادات العرب قبل الإسلام الغيرة الشديدة في الرجال، حتى قيل: إن سعد بن عبادة رضي الله عنه ما تزوج إلا بكرًا، ولم يطلق امرأةً وتجرأ أن يتزوجها من بعده أحد، حتى إنه عقر الدابة التي ركبتها ذات مرة إحدى زوجاته؛ كيما لا يجلس السائس مكانها، وربما يستحسن ذلك "عرفًا" كثير من الرجال، لكن بالرجوع إلى شواهد وحوادث كثيرة من السيرة يتبين أن المغالاة والمبالغة هما الوصف الدقيق لهذه التصرفات!



قال الشوكاني: "فالغيرة في الريبة: نحو أن يغتار الرجل على محارمه إذا رأى منهم فعلًا محرمًا؛ فإن الغيرة في ذلك ونحوه مما يحبه الله... والغيرة في غير ريبة: نحو أن يغتار الرجل على أمه أن ينكحها زوجها".



ونستنتج من كلام الإمام أن الغيرة دافعها فعل سلوكي محرم، لا ظنون وأوهام قد تتراءى للشخص دون أثر ملموس، وإلا لأصبحت الحياة شاقة ومبنية على الشكوك وسوء الظن والأوهام والتخيلات؛ مما يحول دون استمرار الحياة معها، وقد تنتهي بصاحبها لدمار نفسي، لا سيما أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سُئل عن جواز قتل من وجد مع امرأته آخر، فيجيب بـ: لا، فأيهما أعظم: الذي يخشى أن يجلس مكان امرأته رجل آخر فيقتل الدابة، أم الذي وجد مع زوجته آخر؟ ومع ذلك يقر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لا يقتل إلا بإقامة البينة، إما بالاعتراف أو بالشهود، وأن ((الله أغير منه))، وهو صلى الله عليه وسلم أغير البشر على الإطلاق!



ويجب التنويه إلى أن عدم تجوز الرسول صلى الله عليه وسلم قتْل من فعل الفاحشة لا يعني الإقرار على فعل الجريمة؛ لأن الحدود لا عفو فيها ولا مسامحة، ولا تسقط بحال إذما ثبتت على الجاني، إنما قد تكون العلة متعلقة بالرجوع إلى القضاء ومنع ضياع الحقوق، خاصة المتعلقة بحياة الناس.



اللاغيرة:

ومن جهة أخرى، فإن عدم الغيرة على الأهل ومحاولة تطبيع النفس والناس على إلف هذا السلوك، ومن خلال الأفلام والمسلسلات والمشاهد التي تروج لصورة الأب الحضاري والمتحرر والراقي، الذي يقبل بخروج ابنته ليلًا لتنام عند شاب لا تربطه بها أي علاقة شرعية، غير أنه صديق، فلا يعتبر هذا إلا تطبيعًا مع الدياثة وعدم المروءة، وتمريرًا لقبول فكرة التخلي عن العفة والشرف، وعدوانًا واعتداءً على حرمات البيوت الآمنة.




المسألة ليست مرتبطة تحديدًا بالدين الإسلامي، فكل الديانات السماوية والأرضية جاءت ووُضعت لتكرس لمفهوم الأخلاق والقيم والمبادئ، وضبط الطبع البشري الذي تغلب عليه صفة الشر أكثر من صفة الخير، كما قرر علماء الاجتماع والنفس، والانحراف عن هذا الطريق - سواء في مجتمعنا المسلم أو في غيره - لا يعد إلا انحرافًا في الفكر العالمي، وتشويهًا للفطر السوية.



قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحديد: 25].



وقال عز وجل: ﴿ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ﴾ [الشورى: 17].



فالمعيار الضابط للغيرة هو الضابط الشرعي والميزان الإلهي، بلا إفراط ولا تفريط، وبلا تهوين أو تهويل، فأنزل الكتاب ليحكم بين الناس، وليرشدهم إلى طريق الحق والصلاح، وأنزل معه الميزان ليقوموا بالقسط؛ أي: بالعدل؛ لضبط معيار الحكم عند تطبيقه وإسقاطه على الواقع.

شيخة الزين
03-20-2022, 03:17 PM
طــرح قيم بارك الله فيك واثابك الجنه
وجعله في ميزان حسناتك

بنت الشام
03-20-2022, 03:27 PM
طرح جميـــــل ..||
دام التألق ... ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع,والتميز...!!
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق...!

ودي وعبق وردي ..||

- سمَـا.
03-20-2022, 03:36 PM
-
















اسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك
وَ يجعل الفردوس الأعلى سكنك
تقديري :f17:.

إيلاَن
03-20-2022, 03:36 PM
~




يعافيك ربي على زاويتك الراقية
وشُكراً لطرحك المُميز وإختيارك الرائِع
عبق الجوري لِـ روحك .

♡ Šąɱąя ♡
03-20-2022, 03:45 PM
جزاك الله خيراا

мя Зάмояч
03-20-2022, 03:56 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

سمارا
03-20-2022, 04:40 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

خالد الشاعر
03-20-2022, 04:52 PM
جزاكى الله خير الجزاء
جعل يومكِ نوراً وَسروراً
وجبال من الحسنات تعآنقها بحورا
جعلها الله فى ميزان اعمالكِ
دام لنا عطائكِ

فرآشه ملآئكيه
03-20-2022, 05:05 PM
انتقاءك جميــل
يعطيك العافيه يارب , ع الموضوع ! دمت ودام ابداعك
ودي

اميرة الصمت
03-20-2022, 05:15 PM
جزَآك آللَه كل خَيِرا علىَ طرحكَ آلقيَم
وًجعله فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ
الفًردوسَ الأعلى
دمت بحفظ الله:kf1:

إميلي.
03-20-2022, 05:47 PM
جَلبَ ممُيَّز جِدَاً
وإنتقِاءَ رآِئعْ
تِسَلّمْ الأيَادِيْ
ولآحُرمِناْ مِنْ جَزيلِ عَطّائك

عواد الهران
03-20-2022, 05:49 PM
بارك الله فيك

جزاك الله خير الجزاء,

والتميز بكمن بما نستفيد ونفيد,

وقمة التفاعل:

بالرد عليكم ,وتلقي ردودكم الكريمه.

نور القمر
03-20-2022, 08:39 PM
سلمت الأنامل على الطرح الرائع
في انتظار جديدك
لاخلا ولا عدم

إميلي.
03-21-2022, 02:50 AM
جَلبَ ممُيَّز جِدَاً
وإنتقِاءَ رآِئعْ
تِسَلّمْ الأيَادِيْ
ولآحُرمِناْ مِنْ جَزيلِ عَطّائك

☆Šømă☆
03-21-2022, 06:14 PM
جزاكي الله كل خير
وبارك الله فيكم
شكرا لكم

♔ قمر بغداد ♔
03-22-2022, 06:02 AM
طَرِحْ ممُيَّز جِدَاً وَرآِئعْ
تِسَلّمْ الأيَادِيْ
ولآحُرمِناْ مِنْ جَزيلِ عَطّائِهاْ

خاطري آضمـڪ
03-23-2022, 12:53 AM
يعطيك العافيه على هذا الابداع
سلمت يمناك ولاعدمنا جديدك المميز
لـروحك حدائق من الجــوري

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:08 AM
اميرة
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:08 AM
سوما
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:08 AM
مون
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:08 AM
سما
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:09 AM
ملك الغرام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:09 AM
ميار
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:09 AM
بنت الشام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:10 AM
خالد
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:10 AM
سمارا
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:10 AM
شيخه
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:10 AM
سمر
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:10 AM
عواد
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:11 AM
فراشه
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:11 AM
همس الورد
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:11 AM
قمر بغداد
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:11 AM
خاطري اضمك
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
03-29-2022, 11:12 AM
سوما
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

رحيل
03-29-2022, 11:20 AM
جزاك الله خيرا
واثابك الجنه
ع ماقدمتموه
بوركت الجهود


:131:

Şøķåŕą
04-08-2022, 02:28 PM
غرام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود