تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حديث الأبرص والأقرع والأعمى


نزف القلم
03-03-2022, 11:45 AM
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبْرَصَ، وَأَقْرَعَ، وَأَعْمَى، فَأَرَادَ اللهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى الْأَبْرَصَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ، وَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْإِبِلُ - أَوْ قَالَ: الْبَقَرُ، شَكَّ إِسْحَاقُ - إِلَّا أَنَّ الْأَبْرَصَ، أَوِ الْأَقْرَعَ، قَالَ أَحَدُهُمَا: الْإِبِلُ، وَقَالَ الْآخَرُ: الْبَقَرُ- قَالَ: فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ[1]، فَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا، قَالَ: فَأَتَى الْأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذَرَنِي النَّاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ، وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْبَقَرُ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلًا، قَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا، قَالَ: فَأَتَى الْأَعْمَى، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَأُبْصِرَ بِهِ النَّاسَ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْغَنَمُ، فَأُعْطِيَ شَاةً وَالِدًا. فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا. قَالَ: فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الْإِبِلِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ، قَدِ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ[2] فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ، وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ، وَالْمَالَ، بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي، فَقَالَ: الْحُقُوقُ كَثِيرَةٌ، فَقَالَ لَهُ: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ[3] النَّاسُ؟ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ[4]، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا، فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ، قَالَ: وَأَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَى هَذَا، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ. قَالَ: وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ، انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ، شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، وَدَعْ مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ[5] الْيَوْمَ شَيْئًا أَخَذْتَهُ لِلَّهِ، فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ، إِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رُضِيَ عَنْكَ وَسُخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ»[6].
ولفظ مسلم: «فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ» وهو رواية عند البخاري[7].
هذا الحديث اشتمل على فوائد كثيرة:
أن شكر النعم من أسباب بقائها وزيادتها، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم:7]، ولذلك لما شكر الأعمى رد الله عليه بصره، وأبقى عليه ماله، وأما الآخران - الأبرص والأقرع - فإن الظاهر أن الله ردهما إلى ما كانا عليه من الفقر والعاهة والعياذ بالله.
إثبات الملائكة، والملائكة عالم غيبي، خلقهم الله عز وجل من نور، وجعل لهم قوة في تنفيذ أمر الله، وجعل لهم إرادة في طاعة الله، فهم لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، قال تعالى: ﴿ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنبياء:26-27].
أن الملائكة قد يكونون على صورة بني آدم، فإن الملك أتى لهؤلاء الثلاثة بصورة إنسان.
أن الملك مسح الأقرع، والأبرص، والأعمى مسحة واحدة، فأزال الله عيبهم بهذه المسحة؛ لأن الله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئًا قال له: كن فيكون، ولو شاء الله لأذهب عنهم العاهة بدون هذا الملك، ولكن الله جعل هذا سببًا لما يأتي ذكره من الابتلاء والامتحان.
أن الله قد يبارك للإنسان بالمال حتى ينتج منه الشيء الكثير، فإن هؤلاء النفر الثلاثة صار لواحد واد من الإبل، وللثاني واد من البقر، وللثالث واد من الغنم، وهذا من بركة الله عز وجل.
تفاوت بني آدم في شكر نعمة الله ونفع عباد الله، فإن الأبرص والأقرع وقد أعطاهم الله المال الأهم والأكبر، ولكن جحدا نعمة الله، وقالا: إنما ورثنا هذا المال كابرًا عن كابر، وهم كذبة في ذلك، فإنهم كانوا فقراء وأعطاهم الله المال، لكنهم – والعياذ بالله – جحدوا نعمة الله وقالوا: هذا من آبائنا وأجدادنا. أما الأعمى فإنه شكر نعمة الله واعترف لله بالفضل، ولذلك وُفق وهداه الله وقال للملك: «خذ ما شئت ودع ما شئت».
إثبات الرضا والسخط لله سبحانه وتعالى، أي أنه يرضى على من شاء ويسخط على من شاء، وهما من الصفات التي يجب أن نُثبتها لربنا سبحانه وتعالى؛ لأنه وصف نفسه بها.
ففي القرآن الكريم: الرضا: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التوبة:100]، وفي القرآن الكريم: ﴿ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾ ]المائدة:80]. وفي القرآن العظيم الغضب: ﴿ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ ﴾ ]النساء:93]. وهذه الصفات وأمثالها يؤمن بها أهل السنة والجماعة بأنها ثابتة لله على وجه الحقيقة، لكنها لا تشبه صفات المخلوقين، كما أن الله عز وجل لا يُشبه المخلوقين، فكذلك صفاته لا تشبه صفات المخلوقين»[8].
جواز ذكر ما اتفق لمن مضى ليتعظ به من سمعه، ولا يكون ذلك غيبة فيهم، ولعل هذا هو السر في ترك تسميتهم ولم يفصح بما اتفق لهم بعد ذلك، والذي يظهر أن الأمر فيهم وقع كما قال الملك.
فضل الصدقة والحث على الرفق بالضعفاء وإكرامهم وتبليغهم مآربهم.
الزجر عن البخل لأنه حمل صاحبه على الكذب وعلى جحد نعمة الله تعالى»[9].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] ناقة عشراء: هي التي مضى لها من حملها عشرة أشهر، وجمعها عشار، وكانت أنفس أموال العرب لقرب ولادتها ورجاء لبنها.
[2] تقطعت بي الحبال: أي الأسباب التي يتوصل بها البلاغ.
[3] يقذرك: أي يشمئز الناس من رؤيته.
[4] ورثت كابرًا عن كابر: أي ورثته عن آبائي الذين ورثوه عن آبائهم، كبيرًا عن كبير، في العز والشرف والثروة.
[5] لا أجهدك: أي لا أشق عليك في رد شيء تأخذه من مالي.
[6] صحيح البخاري برقم 3464 بلفظ: بدا لله، وصحيح مسلم برقم 2964 واللفظ له.
[7] صحيح مسلم برقم 2964، ورواية البخاري برقم 6653.
[8] شرح رياض الصالحين للشيخ ابن عثيمين رحمه الله (1/500-507).
[9] فتح الباري (6/503)
د. أمين بن عبدالله الشقاوي

мя Зάмояч
03-03-2022, 02:00 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

بنت الشام
03-03-2022, 02:39 PM
بارك الله فيك

- سمَـا.
03-03-2022, 03:04 PM
-










بارك الله فيك

وجزاك عنا كل خير
دمت بخير.

سحابة شوق
03-04-2022, 12:04 AM
سلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ..:64:
لك الود وباقة ورد ,,~ :570:

فرآشه ملآئكيه
03-04-2022, 01:51 AM
انتقاءك جميــل
يعطيك العافيه يارب , ع الموضوع ! دمت ودام ابداعك
ودي

رحيل
03-04-2022, 04:00 AM
جزاكم الله خير الجزاء
اثابكم ع ماقدمتموه
بوركت الجهود



:103:

Şøķåŕą
03-04-2022, 06:21 AM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

نور القمر
03-04-2022, 07:34 PM
سلمت اناملك على
ماجادت به من روعة بالطرح
دام لنا ابداعك بأرقى حالاته
بأنتظار عطائك القادم

هالة
03-04-2022, 11:22 PM
سلمت الايادى..
يعطيكـ الف الف عآاافيهـ ...::

♡ Šąɱąя ♡
03-05-2022, 12:53 AM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

نور القمر
03-06-2022, 01:47 PM
تسلم أيدك ع الطرح المميز

بانتظارجديدك بكل شوق

ودي وشذى الورد

خالد الشاعر
03-08-2022, 05:33 PM
أثابك الله الأجر
وأسعد قلبك في الدنيا والآخرة
دمت بحفظ الرحمن

Şøķåŕą
11-20-2022, 04:34 PM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

رحيل
02-17-2023, 04:33 PM
جزاك الله خيـر
وجعله في موازين حسناتك
آنآر الله قلبك بالآيمآن وطآعة الرحمـَن
دمتي بحفظ البآري

Şøķåŕą
04-24-2023, 07:30 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

رزان
02-25-2024, 08:28 AM
سلمت الأيادي
شكرا لك

Şøķåŕą
04-17-2024, 08:30 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير