تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : على شفير الموت


نور القمر
01-23-2022, 04:03 PM
في ذلك المساء، أخذت الغيوم تتلاحق تباعا لتكسو سماء المدينة، و شرعت شيئا فشيئا في ابتلاع ذلك القرص الأصفر المتوهج، و سميرة سائقة التاكسي. لا تزال تنتظر أن يأتي أحد الزبائن لتوصله الى وجهته، لكن ها قد طال بها الحال دون أي جديد يذكر، قررت في الأخير التوجه الى البيت.

كان رذاذ الماء الخفيف المتساقط من السماء كافيا لطردها من ذلك المكان، فهي لا تحب القيادة تحت المطر، تشعر أن هناك خطرا يهدد حياتها، تطلق أحصنة سيارتها الصغيرة برفق، و تنطلق الى خارج المدينة قاصدة بلدتها الصغيرة.
دخلت نسمات باردة من نافذة السيارة، فسارعت الى اغلاقها بعدما تملكتها القشعريرة، و سالت دموعها من تأثير تلك الريح الباردة.

و فجأة، سمعت صافرة، و شاب يهرول باتجاهها، كان زبونا في عجلة من أمره، صعد في المقعد الخلفي، بعدما ألقى حقيبته السوداء الكبيرة داخل السيارة، القى بجسمه أيضا هناك، و اتخذ حقيبته كوسادة...و قال لسميرة
:أنا متعب يا سيدتي. سأنام قليلا و عندما نصل الى مدينة بودواو قومي بإيقاظي.

في تلك اللحظة، فزعت سميرة، و لم تستطع الانطلاق بسيارتها كما أنها لم تستطع ايقاظ ذلك الرجل من مكانه أو رفض توصيله، تملكها الخوف الشديد، فهي لم تعتد أن يقوم زبائنها بالنوم في السيارة.و أحست أن شيئا سيئا سوف يحدث لها من قبل هذا الشخص الغريب، ربما سيخنقها ليستولي على سيارتها، أو ربما سيحولها الى وجهة أخرى بالقوة.انه كابوس مرعب سقطت فيه تلك السائقة المسكينة.

كانت سميرة فتاة ذكية جدا، و كانت تعرف بأنها ستجد حلا لهذه الورطة، و بعد تفكير سريع ألهمت الفكرة التي ستخلصها من ذلك المأزق و طرد تلك الهواجس اللعينة.

قررت أن تقوم بحمل شخص اخر معهم في الطريق، فلا يمكن أن يقوم شخصان لا يعرفان بعضهما بإيذائها، و عندما صادفت أول شخص في الطريق، فتحت باب السيارة الامامي، و دعته الى الصعود معها، شعرت بعدها بارتياح عميق...

أرادت سميرة ان تتجاذب اطراف الحديث مع الزبون الجديد، حتى تشعر ببعض الطمأنينة ، و توصل رسالة قوية الى ذلك الشخص الذي يرقد في المقعد الخلفي، بأن هناك من يحميها، و سيتدخل فورا عند ابداءه لأي نية سيئة اتجاهها.
قالت له:
-الطقس اليوم سيء، يا لحظك! جاءتك توصيلة في الوقت المناسب!

في تلك اللحظة، نظر اليها الزبون الجديد باستغراب...
-ماذا قلتي يا....
ثم صمت.

هنا، شعرت سميرة بقشعريرة تسري في كامل جسمها، و ايقنت أن هذا الشخص كابوس اخر لا يقل خطرا عن سابقه، أرسلته رياح القدر اليها، و سيرافقها في رحلتها، و هو أكثر غرابة من الزبون الاخر الذي يرقد في الخلف.

-هل عندك قليل من دم السبع؟
-لا يا سيدي...لا أملك أي دم سبع في سيارتي؟!
-هاهاها...هل حقا لا تملكين دم السبع؟ أم أنك لا تعرفين ماذا يعني دم السبع أيتها الحمقاء؟

و قبل أن تتلفظ سميرة بأي كلمة، اردف قائلا كأنه يكلم نفسه:
-أنا لا أعرف كيف لامرأة خرقاء مثلك، أن تملك هذه السيارة الجميلة!

زادت كلمات الرجل المحيرة، شكوك سميرة في أن مكروها سوف يحصل لها، و لم تجد سبيلا اخر للنجاة من قبضة قدرها المحتوم، و مصيرها المشؤوم، سوى أن تزيد من سرعة السيارة، غير ابهة لحال الطريق الزلق، جراء تهاطل الامطار.

-هل تعلمين كم بقي بينك و بين الموت يا امرأة؟

و من يجيب عن هكذا سؤال؟ لم تصدق سميرة أنها المعنية بذلك السؤال...و أي سؤال؟

لم تستطع الاجابة و بدأ العرق في التصبب من جبينها، مواصلة قيادتها المجنونة للمركبة، حتى أنها لم تعد تعرف في أي مكان هي بالضبط.

ينهرها بشدة...

-هيا أجيبي أيتها المغفلة...كم بقي بينك و بين الموت؟!

شرعت بالبكاء و انهمرت من عيونها دموع غزيرة دافئة...لا أعرف...لا أعرف أرجوك يا سيدي ...لا تؤذيني...لا تؤذيني...

-الان سأقول لك كم بقي بينك و بين الموت!

خمسة سنتيمترات! نعم....هي مجرد خمسة سنتيميترات بين هذا السكين الحاد و بطنك يا عزيزتي...ما رأيك بأن تركني سيارتك جانبا ل حتى نتحدث قليلا!

رأت سميرة شريط حياتها يمر سريعا بين عينيها، تذكرت عائلتها التي تنتظر عودتها بفارغ الصبر، أولادها الصغار و زوجها المريض المقعد، كيف سيكون مصيرهم من دونها، و هي معيلهم الوحيد و أملهم الكبير في هذه الحياة، انه لأمر مريع أن تتركهم هكذا فريسة للأيام القاسية و الوحدة القاتلة.

ركنت سميرة السيارة بجانب الطريق، و كلها امل بأن يكتفي ذلك الرجل بسرقة سيارتها دون أن يقتلها.

هنا، شعر ذلك الرجل بجسم معدني خشن قد لامس رأسه من الخلف، التفت وراءه، انها فوهة مسدس مصوب نحوه...يمسك به ذلك الشخص الذي كان نائما و لم يشعر بوجوده معهم، ثم قال له: و أنت؟....هل يمكنك حساب المسافة التي تفصلك عن الموت؟!

الكاتب عبد الرزاق مربح (عبد الرحيم الجزائري)

أيــلُولَ
01-23-2022, 04:10 PM
-


بوركت آكفك لهذا الجلب
في انتظار جديدك المتميز
كل الود:68:

Şøķåŕą
01-23-2022, 10:19 PM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

♡ Šąɱąя ♡
01-23-2022, 11:20 PM
سلمت يدآك على روعة الطرح
وسلم لنآ ذوقك الراقي على جمال الاختيار ..
لك ولحضورك الجميل كل الشكر والتقدير ..
اسأل البآري لك سعآدة دائمة ..
ودي وتقديري لسموك

- سمَـا.
01-24-2022, 11:10 AM
-










سلمت الأيادي ..
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء
لروحك آكاليل الورد.

ضيآء
01-25-2022, 12:04 AM
يمه يمه صج خفت وياها :60::60:
قصه فيها من العبر الكثير:r2::em1::em1:
واييد مشكوره على القصه الجميله
والسرد اللطيف اندمجت وايد :q144:
شكرا من القلب ياقمر :em1:

هالة
01-25-2022, 10:18 AM
طرحت فابدعت دمت ودام عطائك
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك
لكـ خالص احترامي

خالد الشاعر
01-25-2022, 02:33 PM
قصة رائعة ومميزة
طرحتى فابدعتى دمتى ودام عطائكِ
سلمتْ أناملكِ على الجلب المميز
اعذب التحايا لكى
خ ـالد الشاعر :5ajle:

نور القمر
01-25-2022, 04:14 PM
منورين بمروركم العطر

بنت الشام
01-25-2022, 07:31 PM
سلمت يدآك..
على جميل طرحك وحسن ذآئقتك
يعطيك ربي ألف عافيه
بإنتظار جديدك بكل شوق.
لك مني جزيل الشكر والتقدير...
..}~ مودتي

رُّوحي بروحهُ
01-26-2022, 11:51 PM
-





يعطيك العافيه يارب , ع الموضوع
دمت ودام ابداعك ف سما عشق ..

رحيل
01-27-2022, 01:37 AM
جميل ان يكتب الابداع
ع صفحات روايه
اشعاع من النور
تحيه والياسمين




:131:

رحيل
01-29-2022, 11:30 PM
يعطيك العافية على روعة طرحك
سلمت أناملك وبانتظار جديدك
لروحك الياسمين والجوري

Şøķåŕą
09-20-2022, 04:16 PM
_



سلمت الأيادي ..
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء
لروحك جنائن الورد .

نور القمر
09-25-2023, 04:25 PM
عُطِآءَ مُتوآصِلَ آخُآذِ . .
وفُيضِ آخُرَ مَِن المُعّرفةِ والفُآئِدةَ
شُكرِ مُمَِتِددِ وتُقديِرَ . .

☆Šømă☆
12-11-2023, 03:42 PM
سلمت يداك ع الجمال
لاتحرمينا من جديدك

Şøķåŕą
11-08-2024, 07:03 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير