Şøķåŕą
01-08-2022, 07:46 PM
المــرأة والفقـــه
المنزلة العلمية للمرأة:
بلغت المرأة في الإسلام شأوًا عظيمًا في مجال الفقه والتعليم والفتوى؛ ومما يؤكد ذلك ما ورد عن الإمام مالك بن أنس (ت: 179ه)، حينما كان يُقرأ عليه الموطأ، فإن لحن القارئ في حرف أو زاد أو نقص، تدق ابنته الباب، فيقول أبوها للقارئ: "ارجع فالغلط معك، فيرجع القارئ فيجد الغلط"[1].
ومما يدل أيضًا على المنزلة العلمية للمرأة في الإسلام أنه قد تتلمذ على يديها أساطينُ العلم في مختلف العصور؛ كابن حزم وابن عساكر وابن حجر العسقلاني وغيرهم، يقول ابن حزم: "ولقد شاهدتُ النساء وعلمت من أسرارهن ما لا يكاد يعلمه غيري؛ لأني رُبيت في حجورهن، ونشأت بين أيديهن، ولم أعرف غيرهن، ولا جالست الرجال إلا وأنا في حَدِّ الشباب وحين تبقل وجهي، وهنَّ عَلَّمْنَنِي القرآن، وروينني كثيرًا من الأشعار، ودرَّبنني في الخط..."[2].
وقد أجاز لابن حجر العسقلاني العديد من أعلام النساء في القرن الثامن الهجري؛ كخديجة بنت العماد الخليلية، وشمس الملوك بنت ناصر الدين الدمشقية...، وقرأ الكتب الكثيرة على أم يوسف فاطمة بنت محمد بن عبدالهادي المقدسية الحنبلية، ومدحها بقوله: "ونعمت الشيخة كانت"، كما قرأ على أم عيسى مريم بنت أحمد بن أحمد بن شمس الدين محمد بن إبراهيم الأذرعي الكثير من مسموعاتها، وأشياء كثيرة بالإجازة، ومدحها بقوله: "ونعمت الشيخة كانت، ديانةً وصيانة ومحبَّةً في العلم"، ورَوى عن عائشة بنت محمد بن عبدالهادي الصالحية الحنبلية المذهب، وقرأ عليها كُتُبًا عديدة[3].
حِرْصُ المرأة على التَّفَقُّهِ في الدين:
لقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على التفقه في الدين بقوله: ((من يُرِدِ الله به خيرًا يفقهه في الدين))[4] ، ولم يخصَّ النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخير الرجال دون النساء، بل فتح الباب على مصراعيه لِيَلِجَ منه كل راغب في معرفة أمور دينه ودنياه؛ لذا سارع الرجال والنساء إلى التفقه في أمور دينهم، حتى إن النساء قلن لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا يومًا كما جعلته للرجال، فجاء صلى الله عليه وسلم إلى النساء فوعظهن وعلَّمهن؛ فعن أبي سعيد: ((أن النساء قُلْنَ للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا يومًا، فوعظهن))[5]، ولم تكتفِ المرأة بالتفقه في أمور دينها فحسب، بل أسهمت في التعليم والفُتْيَا أيضًا، وحفل التراث الفقهي النسائي بالعديد من النماذج النسائية التي عُرفت بالفقه والفتوى.
مراتب النساء في الفتوى:
وقد عدَّد ابن حزم الذين حُفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا ما بين رجل وامرأة، وكانوا بين مُكْثِرٍ ومتوسط ومُقِلٍّ، فذكر من المكثرين في الفتيا: عائشة رضي الله عنها، ومن المتوسطين: أم سلمة رضي الله عنها، وذكر من المقلين: أم عطية، وصفية أم المؤمنين، وأسماء بنت أبي بكر، وأم الدرداء الكبرى، وميمونة أم المؤمنين، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاطمة بنت قيس، وزينب بنت أم سلمة[6].
المرأة الفقيهة في مختلف العصور:
هذا ولم يخلُ عصر من العصور أو قرن من القرون من هؤلاء النسوة اللائي بَرَزْنَ في علم الفقه؛ سواء في المذهب الحنفي، أو المالكي، أو الشافعي، أو الحنبلي، وبلغت الحرية الفكرية ببعضهن أنهن لم يتقيَّدْنَ بالمذهب الفقهي لآبائهن أو أزواجهن.
فمن فقيهات القرن الأول الهجري السيدة عائشة رضي الله عنها، ومن القرن الثاني أخت المزني صاحب الشافعي، ومن القرن الثالث خديجة بنت سحنون، وكانت تفتي على مذهب أبي حنيفة، ومن القرن الرابع أمة الواحد بنت المَحاملي، وكانت على مذهب الشافعي، ومن القرن الخامس ابنة فايز القرطبي، ومن القرن السادس فاطمة السمرقندية، ومن القرن السابع أم المؤيد الشَّعرية، ومن القرن الثامن أم زينب فاطمة بنت عباس، وكانت قد تفقهت على مذهب الإمام أحمد، ومن القرن التاسع بيرم الديروطية، وكانت فقيهة مالكية، ومن القرن العاشر خديجة بنت محمد، وكانت حنفية المذهب مع أن أباها وإخوتها شافعيون، ومن القرن الحادي عشر بنت على النشار العاملي، ومن القرن الثاني عشر خُنَاثة بنت بكار، ومن القرن الثالث عشر زينب الفقيهة.
من النماذج الفقهية النسائية:
السيدة عائشة رضي الله عنها:
تُكْنى أم عبدالله الفقيهة، وهي أفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالدين والأدب، ولها خطب ومواقف، وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبيها وعمر وغيرهم، وروى عنها خلق كثير.
قال أبو بُردة بن أبي موسى عن أبيه: "ما أُشكل علينا - أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم - أمرُ قطُّ فسألنا عنه عائشة، إلا وجدنا عندها منه علمًا[7].
فاطمة السمرقندية:
هي ابنة الإمام السمرقندي، صاحب كتاب (تحفة الف
حِرْصُ المرأة على التَّفَقُّهِ في الدين:
لقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على التفقه في الدين بقوله: ((من يُرِدِ الله به خيرًا يفقهه في الدين))[4] ، ولم يخصَّ النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخير الرجال دون النساء، بل فتح الباب على مصراعيه لِيَلِجَ منه كل راغب في معرفة أمور دينه ودنياه؛ لذا سارع الرجال والنساء إلى التفقه في أمور دينهم، حتى إن النساء قلن لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا يومًا كما جعلته للرجال، فجاء صلى الله عليه وسلم إلى النساء فوعظهن وعلَّمهن؛ فعن أبي سعيد: ((أن النساء قُلْنَ للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا يومًا، فوعظهن))[5]، ولم تكتفِ المرأة بالتفقه في أمور دينها فحسب، بل أسهمت في التعليم والفُتْيَا أيضًا، وحفل التراث الفقهي النسائي بالعديد من النماذج النسائية التي عُرفت بالفقه والفتوى.
مراتب النساء في الفتوى:
وقد عدَّد ابن حزم الذين حُفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا ما بين رجل وامرأة، وكانوا بين مُكْثِرٍ ومتوسط ومُقِلٍّ، فذكر من المكثرين في الفتيا: عائشة رضي الله عنها، ومن المتوسطين: أم سلمة رضي الله عنها، وذكر من المقلين: أم عطية، وصفية أم المؤمنين، وأسماء بنت أبي بكر، وأم الدرداء الكبرى، وميمونة أم المؤمنين، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاطمة بنت قيس، وزينب بنت أم سلمة[6].
المرأة الفقيهة في مختلف العصور:
هذا ولم يخلُ عصر من العصور أو قرن من القرون من هؤلاء النسوة اللائي بَرَزْنَ في علم الفقه؛ سواء في المذهب الحنفي، أو المالكي، أو الشافعي، أو الحنبلي، وبلغت الحرية الفكرية ببعضهن أنهن لم يتقيَّدْنَ بالمذهب الفقهي لآبائهن أو أزواجهن.
فمن فقيهات القرن الأول الهجري السيدة عائشة رضي الله عنها، ومن القرن الثاني أخت المزني صاحب الشافعي، ومن القرن الثالث خديجة بنت سحنون، وكانت تفتي على مذهب أبي حنيفة، ومن القرن الرابع أمة الواحد بنت المَحاملي، وكانت على مذهب الشافعي، ومن القرن الخامس ابنة فايز القرطبي، ومن القرن السادس فاطمة السمرقندية، ومن القرن السابع أم المؤيد الشَّعرية، ومن القرن الثامن أم زينب فاطمة بنت عباس، وكانت قد تفقهت على مذهب الإمام أحمد، ومن القرن التاسع بيرم الديروطية، وكانت فقيهة مالكية، ومن القرن العاشر خديجة بنت محمد، وكانت حنفية المذهب مع أن أباها وإخوتها شافعيون، ومن القرن الحادي عشر بنت على النشار العاملي، ومن القرن الثاني عشر خُنَاثة بنت بكار، ومن القرن الثالث عشر زينب الفقيهة.
من النماذج الفقهية النسائية:
السيدة عائشة رضي الله عنها:
تُكْنى أم عبدالله الفقيهة، وهي أفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالدين والأدب، ولها خطب ومواقف، وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبيها وعمر وغيرهم، وروى عنها خلق كثير.
قال أبو بُردة بن أبي موسى عن أبيه: "ما أُشكل علينا - أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم - أمرُ قطُّ فسألنا عنه عائشة، إلا وجدنا عندها منه علمًا[7].
فاطمة السمرقندية:
هي ابنة الإمام السمرقندي، صاحب كتاب (تحفة الفقهاء)، وزوجة الإمام الكاساني، عالمة فاضلة، وفقيهة محدثة، تفقهت على أبيها، وحفِظت مصنفه التحفة، وأخذت العلم عن جملة من الفقهاء، وأخذ عنها كثيرون، وتصدرت للتدريس، وألفت في الفقه والحديث.
قال ابن العديم: "حكى والدي أنها كانت تنقل المذهب نقلًا جيدًا، وقال: كانت تُفتي، وكانت الفتوى أولًا تخرج عليها خطها وخط أبيها، فلما تزوجت الكاساني (ت: 587ه)، كانت الفتوى تخرج بخط الثلاثة... وقد توفيت(581ه)"[8].
ست الملوك الحنبلية:
هي فاطمة بنت علي بن الحسين بن حمزة الملقبة بست الملوك، فقيهة حنبلية، روت الحديث وحدثت، وقُرئ عليها مسند الدارمي ومصنفات البغوي، وأجازت بعض معاصريها، أصلها من واسط، وتُوفيت ببغداد سنة (710ه)[9].
فاطمة بنت عباس البغدادية:
هي الشيخة المفتية الفقيهة العالمة الزاهدة العابدة؛ أم زينب فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح البغدادية الحنبلية، تفقهت عند المقادسة بالشيخ شمس الدين وغيره، وقلَّ مَنْ أنجب من النساء مثلها، انصلح بها نساء دمشق؛ بصدقها في تذكيرها وقناعتها باليسير، وكانت تدري الفقه جيدًا وتسأل، وكانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين بن تيمية، وتستفيد منه ومن غيره، وكان ابن تيمية يتعجب من حرصها وذكائها، حتى أثنى عليها، وكان يصفها بالفضيلة والعلم، ويذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيرًا من (المغني) أو أكثره؛ ولذلك كان يستعدُّ لها من كثرة مسائلها، وحسن أسئلتها، وسرعة فهمها، تحولت بعد السبعمائة إلى مصر، وبَعُدَ صيتها، وانتفع بها نساء القاهرة، وتُوفيت ليلة عرفة سنة (714ه) عن نيف وثمانين سنة[10].
عائشة الباعونية:
ة الباعونية:
هي الشيخة الصالحة العالمة العاملة أم عبدالوهاب الدمشقية، أحد أفراد الدهر ونوادر الزمان فضلًا وعلمًا، وأدبًا وشعرًا، وديانة وصيانة، وقد حفظت القرآن الكريم ولها ثمانية أعوام.
نزلت القاهرة، ونالت من العلوم حظًّا وافرًا، وأُجيزت بالإفتاء والتدريس، وألفت عدة مؤلفات منها: الفتح الحنفي، والملامح الشريفة والآثار المنيفة، ودرر الغائص في بحر المعجزات والخصائص، والإشارات الخفية في المنازل العلية... وتُوفيت سنة (922ه)[11].
وهذا كله يدل على مكانة المرأة المسلمة في العلم والفقه والفتوى، وفيه أبلغ ردٍّ على تلك الدعاوى المُغرضة التي تُطِلُّ برأسها بين الحين والآخر، مُدَّعِيَةً أن الإسلام ظلم المرأة أو أهدر حقوقها، وما هذا - في الحقيقة - إلا إفكٌ مُفترًى، تعاون عليه قوم مُغرِضون.
المنزلة العلمية للمرأة:
بلغت المرأة في الإسلام شأوًا عظيمًا في مجال الفقه والتعليم والفتوى؛ ومما يؤكد ذلك ما ورد عن الإمام مالك بن أنس (ت: 179ه)، حينما كان يُقرأ عليه الموطأ، فإن لحن القارئ في حرف أو زاد أو نقص، تدق ابنته الباب، فيقول أبوها للقارئ: "ارجع فالغلط معك، فيرجع القارئ فيجد الغلط"[1].
ومما يدل أيضًا على المنزلة العلمية للمرأة في الإسلام أنه قد تتلمذ على يديها أساطينُ العلم في مختلف العصور؛ كابن حزم وابن عساكر وابن حجر العسقلاني وغيرهم، يقول ابن حزم: "ولقد شاهدتُ النساء وعلمت من أسرارهن ما لا يكاد يعلمه غيري؛ لأني رُبيت في حجورهن، ونشأت بين أيديهن، ولم أعرف غيرهن، ولا جالست الرجال إلا وأنا في حَدِّ الشباب وحين تبقل وجهي، وهنَّ عَلَّمْنَنِي القرآن، وروينني كثيرًا من الأشعار، ودرَّبنني في الخط..."[2].
وقد أجاز لابن حجر العسقلاني العديد من أعلام النساء في القرن الثامن الهجري؛ كخديجة بنت العماد الخليلية، وشمس الملوك بنت ناصر الدين الدمشقية...، وقرأ الكتب الكثيرة على أم يوسف فاطمة بنت محمد بن عبدالهادي المقدسية الحنبلية، ومدحها بقوله: "ونعمت الشيخة كانت"، كما قرأ على أم عيسى مريم بنت أحمد بن أحمد بن شمس الدين محمد بن إبراهيم الأذرعي الكثير من مسموعاتها، وأشياء كثيرة بالإجازة، ومدحها بقوله: "ونعمت الشيخة كانت، ديانةً وصيانة ومحبَّةً في العلم"، ورَوى عن عائشة بنت محمد بن عبدالهادي الصالحية الحنبلية المذهب، وقرأ عليها كُتُبًا عديدة[3].
حِرْصُ المرأة على التَّفَقُّهِ في الدين:
لقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على التفقه في الدين بقوله: ((من يُرِدِ الله به خيرًا يفقهه في الدين))[4] ، ولم يخصَّ النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخير الرجال دون النساء، بل فتح الباب على مصراعيه لِيَلِجَ منه كل راغب في معرفة أمور دينه ودنياه؛ لذا سارع الرجال والنساء إلى التفقه في أمور دينهم، حتى إن النساء قلن لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا يومًا كما جعلته للرجال، فجاء صلى الله عليه وسلم إلى النساء فوعظهن وعلَّمهن؛ فعن أبي سعيد: ((أن النساء قُلْنَ للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا يومًا، فوعظهن))[5]، ولم تكتفِ المرأة بالتفقه في أمور دينها فحسب، بل أسهمت في التعليم والفُتْيَا أيضًا، وحفل التراث الفقهي النسائي بالعديد من النماذج النسائية التي عُرفت بالفقه والفتوى.
مراتب النساء في الفتوى:
وقد عدَّد ابن حزم الذين حُفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا ما بين رجل وامرأة، وكانوا بين مُكْثِرٍ ومتوسط ومُقِلٍّ، فذكر من المكثرين في الفتيا: عائشة رضي الله عنها، ومن المتوسطين: أم سلمة رضي الله عنها، وذكر من المقلين: أم عطية، وصفية أم المؤمنين، وأسماء بنت أبي بكر، وأم الدرداء الكبرى، وميمونة أم المؤمنين، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاطمة بنت قيس، وزينب بنت أم سلمة[6].
المرأة الفقيهة في مختلف العصور:
هذا ولم يخلُ عصر من العصور أو قرن من القرون من هؤلاء النسوة اللائي بَرَزْنَ في علم الفقه؛ سواء في المذهب الحنفي، أو المالكي، أو الشافعي، أو الحنبلي، وبلغت الحرية الفكرية ببعضهن أنهن لم يتقيَّدْنَ بالمذهب الفقهي لآبائهن أو أزواجهن.
فمن فقيهات القرن الأول الهجري السيدة عائشة رضي الله عنها، ومن القرن الثاني أخت المزني صاحب الشافعي، ومن القرن الثالث خديجة بنت سحنون، وكانت تفتي على مذهب أبي حنيفة، ومن القرن الرابع أمة الواحد بنت المَحاملي، وكانت على مذهب الشافعي، ومن القرن الخامس ابنة فايز القرطبي، ومن القرن السادس فاطمة السمرقندية، ومن القرن السابع أم المؤيد الشَّعرية، ومن القرن الثامن أم زينب فاطمة بنت عباس، وكانت قد تفقهت على مذهب الإمام أحمد، ومن القرن التاسع بيرم الديروطية، وكانت فقيهة مالكية، ومن القرن العاشر خديجة بنت محمد، وكانت حنفية المذهب مع أن أباها وإخوتها شافعيون، ومن القرن الحادي عشر بنت على النشار العاملي، ومن القرن الثاني عشر خُنَاثة بنت بكار، ومن القرن الثالث عشر زينب الفقيهة.
من النماذج الفقهية النسائية:
السيدة عائشة رضي الله عنها:
تُكْنى أم عبدالله الفقيهة، وهي أفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالدين والأدب، ولها خطب ومواقف، وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبيها وعمر وغيرهم، وروى عنها خلق كثير.
قال أبو بُردة بن أبي موسى عن أبيه: "ما أُشكل علينا - أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم - أمرُ قطُّ فسألنا عنه عائشة، إلا وجدنا عندها منه علمًا[7].
فاطمة السمرقندية:
هي ابنة الإمام السمرقندي، صاحب كتاب (تحفة الف
حِرْصُ المرأة على التَّفَقُّهِ في الدين:
لقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على التفقه في الدين بقوله: ((من يُرِدِ الله به خيرًا يفقهه في الدين))[4] ، ولم يخصَّ النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخير الرجال دون النساء، بل فتح الباب على مصراعيه لِيَلِجَ منه كل راغب في معرفة أمور دينه ودنياه؛ لذا سارع الرجال والنساء إلى التفقه في أمور دينهم، حتى إن النساء قلن لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا يومًا كما جعلته للرجال، فجاء صلى الله عليه وسلم إلى النساء فوعظهن وعلَّمهن؛ فعن أبي سعيد: ((أن النساء قُلْنَ للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا يومًا، فوعظهن))[5]، ولم تكتفِ المرأة بالتفقه في أمور دينها فحسب، بل أسهمت في التعليم والفُتْيَا أيضًا، وحفل التراث الفقهي النسائي بالعديد من النماذج النسائية التي عُرفت بالفقه والفتوى.
مراتب النساء في الفتوى:
وقد عدَّد ابن حزم الذين حُفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا ما بين رجل وامرأة، وكانوا بين مُكْثِرٍ ومتوسط ومُقِلٍّ، فذكر من المكثرين في الفتيا: عائشة رضي الله عنها، ومن المتوسطين: أم سلمة رضي الله عنها، وذكر من المقلين: أم عطية، وصفية أم المؤمنين، وأسماء بنت أبي بكر، وأم الدرداء الكبرى، وميمونة أم المؤمنين، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاطمة بنت قيس، وزينب بنت أم سلمة[6].
المرأة الفقيهة في مختلف العصور:
هذا ولم يخلُ عصر من العصور أو قرن من القرون من هؤلاء النسوة اللائي بَرَزْنَ في علم الفقه؛ سواء في المذهب الحنفي، أو المالكي، أو الشافعي، أو الحنبلي، وبلغت الحرية الفكرية ببعضهن أنهن لم يتقيَّدْنَ بالمذهب الفقهي لآبائهن أو أزواجهن.
فمن فقيهات القرن الأول الهجري السيدة عائشة رضي الله عنها، ومن القرن الثاني أخت المزني صاحب الشافعي، ومن القرن الثالث خديجة بنت سحنون، وكانت تفتي على مذهب أبي حنيفة، ومن القرن الرابع أمة الواحد بنت المَحاملي، وكانت على مذهب الشافعي، ومن القرن الخامس ابنة فايز القرطبي، ومن القرن السادس فاطمة السمرقندية، ومن القرن السابع أم المؤيد الشَّعرية، ومن القرن الثامن أم زينب فاطمة بنت عباس، وكانت قد تفقهت على مذهب الإمام أحمد، ومن القرن التاسع بيرم الديروطية، وكانت فقيهة مالكية، ومن القرن العاشر خديجة بنت محمد، وكانت حنفية المذهب مع أن أباها وإخوتها شافعيون، ومن القرن الحادي عشر بنت على النشار العاملي، ومن القرن الثاني عشر خُنَاثة بنت بكار، ومن القرن الثالث عشر زينب الفقيهة.
من النماذج الفقهية النسائية:
السيدة عائشة رضي الله عنها:
تُكْنى أم عبدالله الفقيهة، وهي أفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالدين والأدب، ولها خطب ومواقف، وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبيها وعمر وغيرهم، وروى عنها خلق كثير.
قال أبو بُردة بن أبي موسى عن أبيه: "ما أُشكل علينا - أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم - أمرُ قطُّ فسألنا عنه عائشة، إلا وجدنا عندها منه علمًا[7].
فاطمة السمرقندية:
هي ابنة الإمام السمرقندي، صاحب كتاب (تحفة الفقهاء)، وزوجة الإمام الكاساني، عالمة فاضلة، وفقيهة محدثة، تفقهت على أبيها، وحفِظت مصنفه التحفة، وأخذت العلم عن جملة من الفقهاء، وأخذ عنها كثيرون، وتصدرت للتدريس، وألفت في الفقه والحديث.
قال ابن العديم: "حكى والدي أنها كانت تنقل المذهب نقلًا جيدًا، وقال: كانت تُفتي، وكانت الفتوى أولًا تخرج عليها خطها وخط أبيها، فلما تزوجت الكاساني (ت: 587ه)، كانت الفتوى تخرج بخط الثلاثة... وقد توفيت(581ه)"[8].
ست الملوك الحنبلية:
هي فاطمة بنت علي بن الحسين بن حمزة الملقبة بست الملوك، فقيهة حنبلية، روت الحديث وحدثت، وقُرئ عليها مسند الدارمي ومصنفات البغوي، وأجازت بعض معاصريها، أصلها من واسط، وتُوفيت ببغداد سنة (710ه)[9].
فاطمة بنت عباس البغدادية:
هي الشيخة المفتية الفقيهة العالمة الزاهدة العابدة؛ أم زينب فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح البغدادية الحنبلية، تفقهت عند المقادسة بالشيخ شمس الدين وغيره، وقلَّ مَنْ أنجب من النساء مثلها، انصلح بها نساء دمشق؛ بصدقها في تذكيرها وقناعتها باليسير، وكانت تدري الفقه جيدًا وتسأل، وكانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين بن تيمية، وتستفيد منه ومن غيره، وكان ابن تيمية يتعجب من حرصها وذكائها، حتى أثنى عليها، وكان يصفها بالفضيلة والعلم، ويذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيرًا من (المغني) أو أكثره؛ ولذلك كان يستعدُّ لها من كثرة مسائلها، وحسن أسئلتها، وسرعة فهمها، تحولت بعد السبعمائة إلى مصر، وبَعُدَ صيتها، وانتفع بها نساء القاهرة، وتُوفيت ليلة عرفة سنة (714ه) عن نيف وثمانين سنة[10].
عائشة الباعونية:
ة الباعونية:
هي الشيخة الصالحة العالمة العاملة أم عبدالوهاب الدمشقية، أحد أفراد الدهر ونوادر الزمان فضلًا وعلمًا، وأدبًا وشعرًا، وديانة وصيانة، وقد حفظت القرآن الكريم ولها ثمانية أعوام.
نزلت القاهرة، ونالت من العلوم حظًّا وافرًا، وأُجيزت بالإفتاء والتدريس، وألفت عدة مؤلفات منها: الفتح الحنفي، والملامح الشريفة والآثار المنيفة، ودرر الغائص في بحر المعجزات والخصائص، والإشارات الخفية في المنازل العلية... وتُوفيت سنة (922ه)[11].
وهذا كله يدل على مكانة المرأة المسلمة في العلم والفقه والفتوى، وفيه أبلغ ردٍّ على تلك الدعاوى المُغرضة التي تُطِلُّ برأسها بين الحين والآخر، مُدَّعِيَةً أن الإسلام ظلم المرأة أو أهدر حقوقها، وما هذا - في الحقيقة - إلا إفكٌ مُفترًى، تعاون عليه قوم مُغرِضون.