تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هدي النبي صلى الله عليه وسلم في المحافظة على صحته


نور القمر
01-06-2022, 02:43 PM
أرسل الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا ؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذنه ، ويهديهم إلى صراط مستقيم ، ولم يبعثه طبيبا يداوي الأمراض والأسقام البدنية ، وأمره ببناء المساجد ولم يأمره ببناء المستشفيات ، ورغب الناس في العلاج الرحماني بالقرآن الذي يداوي أدواء القلوب فتؤمن بعد كفرها ، وتطيع بعد عصيانها ، وترشد بعد ضلالها ، ولم ينزل القرآن ليصف الدواء من الأوجاع ، وإن كان شفاء لأمراض القلوب والأبدان ؛ كما قال الله تعالى : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ) فصلت/44 ، وقوله سبحانه : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) الإسراء/82 .

قال الشوكاني رحمه الله :
" اختلف أهل العلم في معنى كونه شفاء على قولين : الأول : أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وذهاب الريب وكشف الغطاء عن الأمور الدالة على الله سبحانه ، القول الثاني : أنه شفاء من الأمراض الظاهرة بالرقى والتعوذ ونحو ذلك ، ولا مانع من حمل الشفاء على المعنيين " انتهى من "فتح القدير" (3 / 362).
ولا شك أن هذا من بركة القرآن وكمال فضائله ، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتداوى بالقرآن ، ويرقي بالتعويذات الشرعية ، ويأمر بها عند الشكوى .
فروى البخاري (5016) ومسلم (2192) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا " .
وروى البخاري (3371) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ : ( إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ ) .

وكان يكثر من الدعاء بالعافية ويأمر بذلك ، والعافية تشمل عافية الدين والدنيا .
فعن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ أنه قَالَ لِأَبِيهِ : " يَا أَبَتِ إِنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ : ( اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، تُعِيدُهَا ثَلَاثًا حِينَ تُصْبِحُ وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي ، وَتَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنت ، تُعِيدُهَا حِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي , قَالَ: نَعَمْ يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِنَّ فَأُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ ".
رواه أحمد (19917) وأبو داود (5090) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .

وكان صلى الله عليه وسلم ربما وصف العلاج والدواء المناسب من غير القرآن والرقى ، وحض على ما ينفع ونهى عما يضر ؛ فروى مسلم (1204) عن عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ إِذَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ : ( ضَمَّدَهُمَا بِالصَّبِرِ ) .
وروى الحاكم (7438) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا حم أحدكم فليشن عليه الماء البارد ثلاث ليال من السحر ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (1310) .
وروى البخاري (5680) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ : شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنْ الْكَيِّ ) .

ومن الآداب الجليلة التي تنفع الصحة وتحافظ عليها وتقيها من الأمراض : ترك النهم والشره للطعام ، والنهي عن الإسراف والتبذير فيه ؛ فروى الترمذي (2380) عَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ ). وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وَهَذَا مِنْ أَنْفَعِ مَا لِلْبَدَنِ وَالْقَلْبِ ، فَإِنَّ الْبَطْنَ إِذَا امْتَلَأَ مِنَ الطَّعَامِ ضَاقَ عَنِ الشَّرَابِ ، فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ الشَّرَابُ ضَاقَ عَنِ النَّفَسِ ، وَعَرَضَ لَهُ الْكَرْبُ وَالتَّعَبُ بِحَمْلِهِ بِمَنْزِلَةِ حَامِلِ الْحِمْلِ الثَّقِيلِ، هَذَا إِلَى مَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ الْقَلْبِ ، وَكَسَلِ الْجَوَارِحِ عَنِ الطَّاعَاتِ ، وَتَحَرُّكِهَا فِي الشَّهَوَاتِ الَّتِي يَسْتَلْزِمُهَا الشِّبَعُ ، فَامْتِلَاءُ الْبَطْنِ مِنَ الطَّعَامِ مُضِرٌّ لِلْقَلْبِ وَالْبَدَنِ " .
انتهى من "زاد المعاد" (4/ 17) .

والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على نفسه وصحة بدنه بأربعة أمور :
الأول : بالرقية بالقرآن والتعاويذ الشرعية .
الثاني : بالدعاء وطلب العافية .
الثالث : بالوقاية ، والتي هي خير من العلاج .
الرابع : بما أطلعه الله عليه وعلمه مما شاء من العلاج والدواء .

أما شعره صلى الله عليه وسلم : فقد كان يتعاهده بالغسل والتسريح والادّهان والخضاب ، وكان يقول : ( مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ ) رواه أبو داود (4163) ، وصححه الألباني .
وروى الترمذي (1851) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

وأما عينه صلى الله عليه وسلم : فقد ثبت أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَكْتَحِلُ فِي عَيْنِهِ الْيُمْنَى ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَالْيُسْرَى مَرَّتَيْنِ ) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/ 376) وصححه الألباني في "الصحيحة" (633) .
وروى الترمذي (1757) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اكْتَحِلُوا بِالْإِثْمِدِ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ ) . وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

ولمطالعة تفاصيل أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ننصح بمراجعة الكتاب النافع للإمام ابن القيم : "زاد المعاد في هدي خير العباد" ، وخاصة المجلد الرابع منه ، وهو خاص بالطب النبوي ، وكذلك ننصح بمراجعة الأبواب الخاصة بذلك في كتاب " الآداب الشرعية والمنح المرعية " لشمس الدين ابن مفلح الحنبلي .

على أنه لا ينبغي للعاقل أن يجعل كل همه في مثل ذلك ؛ وليكن أكبر همه هو هم الآخرة ، وما ينجيه عند الله جل جلاله . وقد روى ابن ماجة (257) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ آخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ ) حسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة" (207) .
والله تعالى أعلم .

بنت الشام
01-06-2022, 02:48 PM
بارك الله فيك:158:

خالد الشاعر
01-06-2022, 06:03 PM
جزاكى المولى الجنه
وكتب الله لكى اجر هذه الحروف
وجعله المولى شاهداً لكى لا عليكى
ولكى احترامي وتقديري

محمد المقاول
01-06-2022, 07:02 PM
مجهودك كبير
جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك
احترامي ومروري

мя Зάмояч
01-06-2022, 09:22 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

عبد الحليم
01-06-2022, 09:59 PM
طرح يفوق الجمال
كعادتك إبداع في صفحآتك
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الفيض
لقلبك السعادة والفرح
ودي..

Şøķåŕą
01-07-2022, 07:45 AM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

- سمَـا.
01-07-2022, 09:53 AM
-










أثابك الله الأجر ..
وَ أسعد قلبك في الدنيا وَ الأخرة
دمتِ بحفظ الرحمن.

خاطري آضمـڪ
01-08-2022, 05:24 AM
جزاك اللهُ خير الجزاء..
جعل يومگ نورا وسرورا
وجبالا من الحسنات تعانقها بُحورا
جعلها آلله في ميزان آعمآلَگ
دام لَنآ عطائك

الدكتور على حسن
01-08-2022, 08:05 PM
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع اكثر من رائع
اللهم اكرمك وأسعدك وبارك فيك
ربنا يجعل كل ما تقدمونه
في موازين حسناتكم
ويجازيك عنا خير الجــزاء
يااااااااااااااااارب
لك كل تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتــور علــى
:rose::64::rose:

♡ Šąɱąя ♡
01-09-2022, 12:09 AM
جزاك الله خير الجزاء
ورفع قدرك في السماء
ورزقك الجنه ونفع بك
وبطرحك القييم بارك الله فيك

شيخة المزايين
01-09-2022, 02:14 AM
سلمت اناملك على الإنتقاء
دمت بسعادة بحجم السماء
لقلبك طوق الياسمين

فرآشه ملآئكيه
01-09-2022, 08:55 AM
انتقاءك جميــل
يعطيك العافيه يارب , ع الموضوع ! دمت ودام ابداعك
ودي

نور القمر
01-09-2022, 04:44 PM
منورين بمروركم العطر

Şøķåŕą
04-28-2023, 01:49 PM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.