المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدعاء عندما يقع ما لا يرضاه أو غلب على أمره


بنت الشام
01-03-2022, 03:01 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-

((الدعاء عندما يقع ما لا يرضاه أو غلب على أمره ))
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صل الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِن الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ»[1].

معاني الكلمات:

المُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِن المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ: المراد بالقوة هنا عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة.


وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ: أي في كل من القوي والضعيف خير لاشتراكهما في الإيمان مع ما يأتي به الضعيف من العبادات.


احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ: أي احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك، ولا تعجِز ولا تكسل عَنْ طلب الطاعة، ولا عَنْ طلب الإعانة.


وَاسْتَعِنْ بِاللهِ: أي أطلب الإعانة من الله سبحانه وتعالى.


وَلَا تَعْجَز: أي لا تعجز عَن الطاعات، ولا تَكِسل عنها، ويحتمل العموم في أمور الدنيا والآخرة؛ والمراد منه: ألا يترك النشاط.


وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ: أي شيء مما تكرهه.


قُلْ: قَدَرُ اللهِ: أي هذا قدر الله، أو قدر الله هكذا.


وَمَا شَاءَ فَعَلَ: أي ما شاء الله أن يفعل فَعَل، فإن المشيئة له، والذي قدره كائن لا محالة، ولا ينفع قول العبد: لو كان كذا لكان كذا.


فَإِنَّ لَوْ: تعليل لقوله: «لا تقل لو»؛ أي: التلفظ بكلمة «لو» «تفتح عمل الشيطان».


تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ:أي يلقي في القلب معارضةَ القدر فيوسوِس به الشيطان، وهو محمولٌ على التأسف على حظوظِ الدنيا ونحوها.


المعنى العام:

المؤمن الذي له عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة، ويكون له كثرة الإقدام على العدو في الجهاد، وسرعة الخروج والذَّهاب في طلبه، وشدة العزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عَن المنكر، والصبر على الأذى في كل ذلك، واحتمال المشاق في ذات الله تعالى، وشدة الرغبة في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات، والنشاط في طلبها، والمحافظة عليها، ونحو ذلك.


واعلم أن المراد بقوله: «فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ»: الإتيان بها في صيغة تكون فيها منازعة القدر على ما فاته من أمور الدنيا، ولم يكن المراد به كراهة التلفظ بكلمة «لو» في جميع الأحوال، وسائر الصور، ويبيِّن هذا المعنى قوله تعالى: ﴿ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ﴾ [آل عمران: 154].


فأتت الآية على قسمين: ما يُحمَد منه وما يُذَّم.


وقوله صلى الله عليه وسلم: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ»[2]، وما أشبهه من كلامه صلى الله عليه وسلم غير داخل في هذا الباب؛ لأنه لم يُرِدْ به المنازعةَ في القدر.


وكلمة «لو» في قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا ﴾ [آل عمران: 156]، من قبيل ردِّ القدر، والمنازعة فيه، ولذلك ذمَّهم الله تعالى، وجعل ذلك حسرة في قلوبهم، فعرفنا أن التلفظ بكلمة «لو» إنما يكون مذمومًا إذا كان مُفْضيًا بالعبد إلى التكذيب بالقدر، وعدم الرضا بصُنْعِ الله تعالى.


فائدة [1]: أهمية الاستعانة بالله سبحانه وتعالى:

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: «ومن ترك الاستعانة بالله، واستعان بغيره، وكَلَه الله إلى مَن استعان به، فصار مخذولًا»[3].


وقال الإمام ابن القيم: «الاستعانة تجمع أصلين: الثقة بالله، والاعتماد عليه، فإن العبد قد يثق بالواحد من الناس، ولا يعتمد عليه في أموره مع ثقته به لاستغنائه عنه، وقد يعتمد عليه مع عدم ثقته به لحاجته إليه، ولعدم من يقوم مقامه، فيحتاج إلى اعتماده عليه، مع أنه غيرُ واثقٍ به»[4].


فائدة [2]: الاستعانة ثلاثة أنواع:

أحدهما:الاستعانة التي تكون مقرونة بالذل والخضوع، فهذه عبادة لا تكون إلا الله، ومن صرفها لغير الله كفر.


قال الله تعالى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].


قال الحافظ ابن كثير في تفسير الآية: «قدم المفعول وهو (إِيَّاكَ)، وكرَّر للاهتمام والحصر، أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا هو كمال الطاعة»[5].


الثاني:الاستعانة بمخلوق فيما يقدر عليه؛ كمن يستعين بحي حاضر قادر على حمل متاعه، فهذا جائز؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].


الثالث: الاستعانة بمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ كمن يستعين بحي أو ميت، حاضر أو غائب على شفائه؛ فهذا شرك؛ لقوله تعالى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].


الفوائد المستنبطة من الحديث:

1- المؤمن القوي الذي يأخذ بالعزيمة أفضل ممن يتكاسل.


2- ينبغي للمسلم ألا يضيع وقته فيما لا ينفع.


3- يستحب للمسلم أن يقول: «قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ» عند حدوث ما لا يرضى.


4- ينبغي للمسلم أن يأخذ بالأسباب، وألا يلوم نفسه إن حدث ما لا يرجوه.


5- من استعان بغير الله سبحانه وتعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى أشرَك.


6- لا يجوز للعبد أن يقول: لو فعلت كذا لكان كذا، ولولا السائق لهلكنا، ولولا خبرتي ومذاكرتي ما نجحت، ونحو ذلك؛ لأن لو تفتح عمل الشيطان.


7- الحديث فيه رد على القدرية الذين يقولون: إن الإنسان يخلق فعل نفسه، ولا عَلاقة لله بفعل الإنسان.


8- الحديث فيه رد على الجبرية الذين يقولون: إن الإنسان مجبور على كل أفعاله الحسنة والسيئة.


9- كلما كان العبد أقرب إلى الله كان أحبَّ إليه جل جلاله.


10- حرص النَّبِي صل الله عليه وسلم على تعليم أمَّته كلَّ ما ينفعهم من أمور دينهم ودنياهم.


11- حرص النَّبِي صلى الله عليه وسلم على حماية جَناب التوحيد.


12- تقرير مبدأ الإيمان بالقضاء والقدر.
*********************

[1] صحيح: رواه مسلم (4923).

[2] متفق عليه: رواه البخاري (1651)، ومسلم (1211).

[3] انظر: جامع العلوم والحكم، لابن رجب الحنبلي (1 /482).

[4] انظر: مدارج السالكين، لابن القيم (1 /96).

[5] انظر: تفسير ابن كثير (1 /134).

محمد المقاول
01-03-2022, 08:33 PM
شكرا على مجهودك الكبير
بارك الله فيك
تحياتي مع التقدير

мя Зάмояч
01-03-2022, 08:42 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

بنت الشام
01-03-2022, 08:54 PM
منوووورين بحضوركن العطر

عبد الحليم
01-03-2022, 09:08 PM
طرح يفوق الجمال
كعادتك إبداع في صفحآتك
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الفيض
لقلبك السعادة والفرح
ودي..

فرآشه ملآئكيه
01-04-2022, 08:27 AM
انتقاءك جميــل
يعطيك العافيه يارب , ع الموضوع ! دمت ودام ابداعك
ودي

Şøķåŕą
01-04-2022, 10:15 AM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

بنت الشام
01-04-2022, 10:31 AM
شكرا لحضوركن الجميل

- سمَـا.
01-04-2022, 02:59 PM
-












بارك الله فيك وَ نفع بك
وَ آثابك الفردوس الأعلى مِن الجنة
دمتِ بسعادة :241:.

بنت الشام
01-04-2022, 03:32 PM
يسسسلمو علي المرور:44:

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
01-04-2022, 04:36 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعنا الله وإياك بما تقدمه

خالد الشاعر
01-04-2022, 05:53 PM
جزاكى المولى الجنه
وكتب الله لكى اجر هذه الحروف
وجعله المولى شاهداً لكى لا عليكى
ولكى احترامي وتقديري

نور القمر
01-04-2022, 09:02 PM
مدائن من الشكر لروحك الطيبه
ع النقـــــل الرائع والمميز
ارقى التحايا لروحك العذبه

♡ Šąɱąя ♡
01-05-2022, 12:03 AM
جزاك الله خير الجزاء
ورفع قدرك في السماء
ورزقك الجنه ونفع بك
وبطرحك القييم بارك الله فيك

بنت الشام
01-05-2022, 02:24 PM
يسلمو علي المرور

بنت الشام
01-05-2022, 02:25 PM
منورين:44:

غلا الشمال
01-05-2022, 02:44 PM
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك :44:

نور القمر
01-05-2022, 04:18 PM
سلمت أناملك ع روعة طرحك
وسلم ذوقكـ على حسن الانتـــــــقااء
بـ إنتظآر جديدك وعذب أطرٌوحآتك
تحيتي وتقديري

الدكتور على حسن
01-05-2022, 05:13 PM
الرائعة والقديرة الاستاذة
بنت الشـام
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع اكثر من رائع
اللهم اكرمك وأسعدك وبارك فيك
ربنا يجعل كل ما تقدمونه
في موازين حسناتكم
ويجازيك عنا خير الجــزاء
يااااااااااااااااارب
لك كل تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتــور علــى
:rose::64::rose:

بنت الشام
01-05-2022, 07:48 PM
تسسلم ديااتك علي المرور:85:

رُّوحي بروحهُ
01-05-2022, 11:44 PM
،






جزاك الله كل خير

بنت الشام
01-06-2022, 12:23 PM
:585:شكرا للمرور القيم:222:

Şøķåŕą
04-26-2023, 12:15 PM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.