تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من مفاتيح إجابة الدعاء المغيبة


سليدا
12-25-2021, 10:45 AM
الحمد لله العليم القدير، العلي الكبير، الولي الحميد، العزيز المجيد، له الخلق والأمر، وبه النفع والضر، وله الحكم والتقدير، وله الملك والتدبير، لا اعتراض عليه في ملكه، ولا عتاب عليه في تدبيره، ولا لَوْمَ في تقديره، أشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، لا دليل لنا إليه إلا من طريقه، ولا نجاة لنا إلا باتباع سبيله، فاللهم صل وسلم عليه، وعلى آله وصحبه ومَن تبِعه بإحسان، وسلم تسليمًا.

أما بعد:

فنبيان كريمان على الله جل وعلا، عظيما القدر، جليلا المنزلة، تقاربت ظروفهما الأسرية من جهة الولد، كل منهما قد اتخذ الشيب من رأسه مقرًّا ومستقرًّا، وأضاء شعورهما بما ينذر بقرب لقاء الله جل وعلا، وهي السن التي يرجو فيها الوالد نفع ولده، وعونه له على أمور دنياه، وأمور دينه من قبل، وكلا النبيين الكريمين لم يرزق ولدًا حتى مع بلوغه تلك السن، صور القرآن حال نبي الله إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم في مشهد ينبئ عنه قول زوجته سارة عليها السلام حين بشرت بقرب حملها: ﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ﴾ [هود: 72]، فإذا كان هذا حال الزوج وقد اعتلاها الذهول مما سمعت، فكيف بحال زوجها الذي طعن في السن؟! والمشهد الآخر كان يصوره القرآن في حالة من الضعف الذي سببه كبر سن الزوج، وعقم المرأة، مما يستحيل في عادة الإنسان أن يولد لمثل هذين الزوجين، فينقل الله صورة نبيه الكريم زكريا صلى الله عليه وسلم في مشهد يفيض بالرحمة، فيقول: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾ [مريم: 4 - 6]، في تصوير بديع يصوره لنا القرآن الكريم حال زوج لم يجد في خاتمة عمره سوى زوجه العقيم، وقد ابيض شعر رأسه بسرعة لم يرها من قبل، وما الشيب إلا علامة على ضَعف خفي يمر به الإنسان في المنعطف الأخير من حياته، دالًّا على وهنِ العظم الذي عليه قوام الجسد، فيظهر زكريا عليه الصلاة والسلام في صورة من الذل بين يدي الرحيم، وقد اجتمع فيه ضعف الظاهر من جسده والباطن؛ مما يعجل بنزول رحمة الله وقرب إجابته، فبماذا توسل نبيَّا الله إبراهيم وزكريا عليهما الصلاة والسلام إلى الله في هذه الحال العصيبة؟ لا شك أنهما سيستجلبان إجابة الله بدعوة من أجلِّ الدعوات، وبوسيلة من أعظم القربات، ولنا فيهم أسوة حسنة: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90]، لقد توسلا إلى الله جل وعلا بتوسل عجيب نغفل عنه كثيرًا، والنتيجة فيه عظيمة لكل منهما، فإبراهيم صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ﴾ [هود: 71]، بل أعظم: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [العنكبوت: 27]، وزكريا عليه الصلاة والسلام أجيبت دعوته وهو لا يزال في محرابه: ﴿ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 7]، بل أعظم من ذلك: ﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 39].




أيها المسلمون، لقد توسل هذان النبيان الكريمان بسابق فضل الله عليهما، فبما أن الله - تعاظَم مجدُه - قد أجاب دعاءهما فيما سلف، فإنهما قد أحسنا الظنَّ بالله، وأنه سيجيب دعاءهما فيما سيأتي، فالكريم لا تنقطع عطاياه، والغني لا تنفد خزائنه، والمجيب لا يغفل عن عباده، ولسان حاليهما: قد عودتنا يا ربنا سابق عطاياك، والظن بك ألا تمنعنا فضلك فيما يستقبلنا، واسمع قول زكريا عليه الصلاة والسلام حين دعا ربه، فقال: ﴿ وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾ [مريم: 4]، وقول إبراهيم الخليل عليه وعلى آله الصلاة والسلام: ﴿ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴾ [مريم: 48]؛ أي: لَمْ أكُنْ بِدُعائِي إيَّاكَ خائِبًا في وقْتٍ مِن أوْقاتِ هَذا العُمْرِ الطَّوِيلِ، بَلْ كُلَّما دَعَوْتُكَ اسْتَجَبْتَ لِي، فهَذا تَوَسُّلٌ مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِما سَلَفَ مِنهُ تَعالى مِنَ الِاسْتِجابَةِ عِنْدَ كُلِّ دَعْوَةٍ إثْرِ تَمْهِيدِ ما يَسْتَدْعِي الرَّحْمَةَ مِن كِبَرِ السِّنِّ وضَعْفِ الحالِ، فَإنَّهُ تَعالى بَعْدَ ما عَوَّدَ عَبْدَهُ الإجابَةَ دَهْرًا طَوِيلًا لا يَكادُ يُخَيِّبُهُ أبَدًا، ولا سِيَّما عِنْدَ اضْطِرارِهِ وشَدَّةِ افْتِقارِهِ، وفي هَذا التَّوَسُّلِ مِنَ الإشارَةِ إلى عِظَمِ كَرَمِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ ما فِيهِ، حُكِيَ أنَّ حاتِمًا الطائِيَّ، أتاهُ مُحْتاجٌ فَسَألَهُ، وقالَ: أنا الَّذِي أحْسَنْتَ إلَيْهِ وقْتَ كَذا، فَقالَ: مَرْحَبًا بِمَن تَوَسَّلَ بِنا إلَيْنا، وقَضى حاجَتَهُ، فتذكر أيها المؤمن حين تدعو ربك، وتوسل به إليه، فما أحد أكرم عند الله من نفسه العلية، وذاته القدسية، فاللهم ارزُقنا حسن الأدب معك، وأعنا على ما يرضيك، إنك بنا وبالمؤمنين رؤوف رحيم.

شيخة الزين
12-25-2021, 12:34 PM
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان.
وأن يثيبك البارئ خير الثواب .
دمت برضى الرحمن

بنت الشام
12-25-2021, 02:21 PM
آنتقاء رآئع ومفعم بآلجمال وآلرقي..
يعطيك آلعافيه على هذآ آلجلب ..
وسلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ..
ودي لك ولروحك ,,~

بنت الشام
12-25-2021, 02:22 PM
جزَآك آللَه خَيِرا
علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعله فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ
الفًردوسَ الأعلى
دمت بحفظ الله

غلا الشمال
12-25-2021, 02:46 PM
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك :241:

خالد الشاعر
12-25-2021, 05:10 PM
جزاكى المولى الجنه
وكتب الله لكى اجر هذه الحروف
وجعله المولى شاهداً لكى لا عليكى
ولكى احترامي وتقديري

мя Зάмояч
12-25-2021, 05:30 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

Şøķåŕą
12-25-2021, 06:59 PM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

عبد الحليم
12-26-2021, 10:42 AM
طرح يفوق الجمال
كعادتك إبداع في صفحآتك
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الفيض
لقلبك السعادة والفرح
ودي..

- سمَـا.
12-26-2021, 11:26 AM
-












أثابك الله الأجر ..
وَ أسعد قلبك في الدنيا وَ الأخرة
دمتِ بحفظ الرحمن.

اسم مؤقت
12-26-2021, 02:57 PM
بارك الله في جهودك

شيخة المزايين
12-26-2021, 03:40 PM
سلمت اناملك على الإنتقاء
دمت بسعادة بحجم السماء
لقلبك طوق الياسمين

نور القمر
12-26-2021, 05:50 PM
سلمت اناملك الذهبيه لجمال جلبك
يعطيك العافية ولاعدمتك
بنتظار جديدك بشوق

الدكتور على حسن
12-26-2021, 06:47 PM
الرائعة والقديرة الاستاذة
سليــدا
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع اكثر من رائع
اللهم اكرمك وأسعدك وبارك فيك
ربنا يجعل كل ما تقدمونه
في موازين حسناتكم
ويجازيك عنا خير الجــزاء
يااااااااااااااااارب
لك كل تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتــور علــى
:rose::64::rose:

فرآشه ملآئكيه
12-27-2021, 03:09 AM
انتقاءك جميــل
يعطيك العافيه يارب , ع الموضوع ! دمت ودام ابداعك
ودي

غـُـلايےّ
07-13-2022, 10:33 AM
طرحَ عَذب ..!!
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر لسموك

Şøķåŕą
09-11-2023, 06:52 PM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.