Şøķåŕą
09-28-2021, 04:42 PM
في رحاب آيـة
( الثبات على الثوابت نجاةٌ من ضِعْف الحياة وضِعْف الممات )
﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 73 - 75]
تبادل كلٌّ من فتح وحماس التُّهَمَ أيُّهم هوالذي أفسد الحوار الذي كان مقرراُ في القاهرة؛ صحيح أن حركة حماس هي التي اعتذرت عن الحضور، وقد تضامن معها في ذلك فصائل الجهاد الإسلامي، والقيادة العامة، وجبهة النضال الشعبي، والصاعقة، بالإضافة إلى فصائل أخرى لم تُدْعَ إلى مهرجان الحوار؛ كالمقاومة الشعبية، وألوية الناصر صلاح الدين، وحركة الأحرار، وغيرهم.
وقد كان عذر هذه الجبهة أن أجهزة أمن عباس قد تَغَوَّلتْ على أنصار المقاومة بعامة، وأنصار حركة المقاومة الإسلامية بخاصة، وأن تلك المجزرة التي فاقت جرائم الاحتلال لا تَنِمُّ عن رغبة حقيقية في المصالحة، وكان الشرط البدهي لمن يريد الحوار أن يكفُّوا أيديهم، وألا يبسطوا أيديهم وألسنتهم إلينا بالسوء، وأن يتوقفوا عن وعدهم للصهاينة لئن قوتلتم لننصرنكم، فيما عرف بالنعت اللعين: (التعاون الأمني).
ولم يكن هذا هوالسبب اليتيم وراء الاعتذار؛ فإن الورقة المصرية مليئة بالأفخاخ الظاهرة والباطنة التي كانت تعني أنهم يستدرجون حركة حماس إلى ما فيه تفريط بالثوابت؛ كاشتراط التوافق الوطني لشرعية المقاومة، وإعطاء أبي مازن حقَّ التفاوض مع الاحتلال مكتفياً بالرجوع إلى المجلس الوطني القائم، بل النائم في كل المحطات السياسية، حتى إذا أريد له أن يقوم بدور المحلِّل استعير لتلك المهمة، ثم قيل له عُدْ إلى كهفك المفتقر إلى كلبٍ باسطٍ ذراعيه بالوصيد.
هذا فضلاً عن الانتخابات المتزامنة التي تعني تمديد ولاية رئيس السلطة لحين انتهاء الدورة التشريعية بعد أكثر من أربعة عشر شهراً، أوالقبول بالانتخاب المبكر، وهوالْتفاف على شرعية حماس الانتخابية، فإذا فاز بالتمديد نزل عن المنصة، وانصرف قافلاً بوصفه رئيس السلطة، لا قائد فصيل فلسطيني، مع أن خصومتنا الحقيقية مع الشرذمة التي تقوده أويقودها، ممن ارتهنوا للقرار الأمريكي الصهيوني، فحقه أن يكون على طاولة الحوار، لا على منصة الكبار.
إنه لوكانت هناك نية صادقة في التوحد والشراكة لتحقق ذلك منذ اتفاق القاهرة الأول قبل أربع سنين، ولما كنا في حاجة إلى المزاحمة السياسية، لا في التشريعي، ولا في الحكومة؛ لأن اقتحام هذه المفاصل السياسية جاء على خلفية الإحساس الأكيد بالهضم والمظلومية، بل لليقين بأن المؤامرة المبيَّتة هي استئصال المقاومة، وملاحقة أنصارها، تماماً كما يجري اليوم في الخليل، وسائر الضفة الغربية.
أما آية الإسراء فتخبر أن قريشاً قد أوشكوا أن يفتنوا نبيَّنا عليه الصلاة والسلام عن بعض ما أُوحي إليه؛ لأنه لا يعقل أن يفتنوه بالردة عن الوحي كله، وقد حذَّر الله عز وحل من محاولة المشركين فتنته عن بعض ما أنزل الله إليه؛ ذلك أن الذين يؤمنون ببعض الكتاب، ويكفرون ببعض، لا جزاء لهم إلا الخزيُ في الحياة الدنيا، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون، فهم يُرَدُّونَ إلى أشدِّ العذاب.
ولعل من وجوه الفتنة التي تطلعوا إليها أن يَكُفَّ عن تحقير آلهتهم في مقابل إيمانهم به، أوأن يجعل لهم مجلساً خاصاً، دون بقية أصحابه من الضعفاء والمساكين، إذْ لا يليق بالكبراء أن يجمعهم بهؤلاء مجلس واحد، وهم بهذا يُبَيِّتون أن يُنَفِّروا أصحابه عنه حين يقولون لهم: أرأيتم كيف قَلَاكم وازدراكم حين عزل مجلسكم؟!، أفيستحق مثله أن يكون رسولاً متبعاً؟!.
ولوفعل الرسول شيئاً مما راودوه عليه لاتخذوه صديقاً حميماً؛ لأجل أن يغروه بترك جميع ما أوحي إليه من ربه، والكف عن تبليغه؛ إذ المطالب الأولى إنما هي طرف الخيط، ومطالب المشركين لا تقف عند حَدٍّ، وقد يُخَيَّلُ لحملة الدعوة أن المطالب الطفيفة، والالتقاء في منتصف الطريق، خير من المفاصلة، فأهل الباطل يخاصمون الحق لجهلهم به، فإذا حصل الاقتراب منهم أمكن أن يسمعوا كلام الله، وأن يَحُسَنَ إسلامهم فيما بعد، وهذا فهمٌ خاطئ؛ لأن التنازل، ولوعن جزءٍ ضئيل، يفقد الهيبة، ويكشف عن ضعف الإيمان بالفكرة، وعن نوعٍ من الهزيمة الروحية، وهوما يغري أصحاب السلطان بمزيد من الإغراء أوالضغط؛ حتى ينقلب على عقبيه، ويرتد عن دعوته، وإلَّا فلماذا كانت الفتنة أشدَّ من القتل، وأكبر من القتل؟!.
وقد امتنَّ الله تبارك وتعالى على نبيه بالعصمة من الركون إليهم شيئاً قليلاً، ولوفعلها لكان من إلقاء الشيطان في أُمْنِيَتِهِ، ولكنه سبحانه قد تكفل بأن ينسخ ما يلقي الشيطان من الأماني في اجتهاد الأنبياء، ثم يحكم الله آياته، ولوسلمنا جدلاً بوقوع النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك النوع من الفتنة لكان جزاؤه ضِعْفَ العذاب في الحياة، من تراكم المصائب، واجتماع الشدائد مدة الحياة، حين يتمكن منه أعداؤه، وكذلك ضعف العذاب في الممات، سوء كان بِكُرُبات الموت، أوبأهوال الساعة، ولن يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً يدفع عنه بأس الله حين يجيئه، أويُخَفِّفُ عنه من عذابها.
إن المطلوب هوالدخول في الإسلام كافة، وعدم التفريط في أيٍّ من أوامره ونواهيه، فالدين لا يقبل المساومة ولا المداهنة، ولوترتب على التشبت به أن يستفزوك من الأرض ليخرجوك منها، فإن الإخراج من الديار أهون من الخروج من الدين، لكن طبيعة المشركين أنهم وَدُّوا لوتُدْهِنُ فيدهنون، وودوا لوتكفرون كما كفروا، فتكونون سواءاً، ومن كان في هذه أعمى ساءه أن يكون في الناس مبصرون، قد جعل الله لهم نوراً يمشون به في الناس، فهم يجتهدون في إخراج الناس من الظلمات إلى النور، بينما يجتهد أعداء الله أن يفتنوهم عن بعض ما انزل الله؛ لعلهم يتركون بعض الوحي، وتضيق به صدورهم، والمعروف أن الذين في قلوبهم زيغٌ يتبعون ما تشابه من الكتاب ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، لتحسبوه من الكتاب، وما هومن الكتاب، ويقولون: هومن عند الله، وما هومن عند الله.
فإذا عدنا إلى المهرجان الإعلامي للحوار أدركنا أن الهدف منه انتزاع تجديد ولاية الرئيس، ثم تفويضه في المفاوضات العبثية؛ ليعود إلى خضِّ الماء، دون جدوى، ولواستطاعوا أن يحملونا على التفريط في بعض الثوابت من أجل المصالحة والتقارب، لوضعوا المزيد من العراقيل والشروط، فهم يريدون أن يعودوا في غزة سيرتهم الأولى، فلا تكون السيطرة في القطاع لحركة حماس، دون الالتفات إلى الضفة الغربية، أوإلى منظمة التحرير؛ لتحريرها من الترهل والتغيب، بل ومن حَرْفِها عن أهدافها، ممن تسلقوا إلى قيادتها، أوتسللوا إلى مؤسساتها المختلفة.
ولوأن حركة حماس قد وافقت على شروط الرباعية، أواعترفت بالاحتلال، اوتخلت عن المقاومة باسم نبذ العنف والإرهاب، لتحولت إلى خليلٍ حميم لأطراف المهرجان من العرب والفصائل الفلسطينية، ولن يقف الأمر عند ذلك الحدِّ، ولسوف تستمر المساومة والضغط حتى نتخلى عن عقيدتنا وشريعتنا، كما تخلينا عن ثوابت قضيتنا فَرَضاً.
إن الله جل وعلا هوالذي امْتَنَّ علينا بهذه العصمة، وهي من بركات الشورى والرأي الجماعي، والقرار الحكيم الملزم للجميع قيادة وأفراداً، ولسوف تظهر بركاته في مقبل الأيام، فإن حكومة مصر قادرة على الضغط على عباس لوقف الخيانة والإجرام في الضفة الغربية، كما أنه لا يملك بعد شهر ونصف الشهر أن يجلس على المنصة رئيساً للشعب الفلسطيني، فيضطر أن يقود إحدى اللجان الخمس، وإن الورقة المصرية لا بد من تنقيتها مما دُسَّ فيها من المغالطات التي لا يمكن أن ينجح معها الحوار، بالإضافة إلى مسائل أخرى كثيرة حول شكل الحكومة، وآلية الانتخاب، وبناء الأجهزة الأمنية على أُسُسٍ وطنية، والمصالحة الداخلية، وإحياء منظمة التحرير،وغير ذلك، وقد مكروا مكرهم، وعند الله مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال.
( الثبات على الثوابت نجاةٌ من ضِعْف الحياة وضِعْف الممات )
﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 73 - 75]
تبادل كلٌّ من فتح وحماس التُّهَمَ أيُّهم هوالذي أفسد الحوار الذي كان مقرراُ في القاهرة؛ صحيح أن حركة حماس هي التي اعتذرت عن الحضور، وقد تضامن معها في ذلك فصائل الجهاد الإسلامي، والقيادة العامة، وجبهة النضال الشعبي، والصاعقة، بالإضافة إلى فصائل أخرى لم تُدْعَ إلى مهرجان الحوار؛ كالمقاومة الشعبية، وألوية الناصر صلاح الدين، وحركة الأحرار، وغيرهم.
وقد كان عذر هذه الجبهة أن أجهزة أمن عباس قد تَغَوَّلتْ على أنصار المقاومة بعامة، وأنصار حركة المقاومة الإسلامية بخاصة، وأن تلك المجزرة التي فاقت جرائم الاحتلال لا تَنِمُّ عن رغبة حقيقية في المصالحة، وكان الشرط البدهي لمن يريد الحوار أن يكفُّوا أيديهم، وألا يبسطوا أيديهم وألسنتهم إلينا بالسوء، وأن يتوقفوا عن وعدهم للصهاينة لئن قوتلتم لننصرنكم، فيما عرف بالنعت اللعين: (التعاون الأمني).
ولم يكن هذا هوالسبب اليتيم وراء الاعتذار؛ فإن الورقة المصرية مليئة بالأفخاخ الظاهرة والباطنة التي كانت تعني أنهم يستدرجون حركة حماس إلى ما فيه تفريط بالثوابت؛ كاشتراط التوافق الوطني لشرعية المقاومة، وإعطاء أبي مازن حقَّ التفاوض مع الاحتلال مكتفياً بالرجوع إلى المجلس الوطني القائم، بل النائم في كل المحطات السياسية، حتى إذا أريد له أن يقوم بدور المحلِّل استعير لتلك المهمة، ثم قيل له عُدْ إلى كهفك المفتقر إلى كلبٍ باسطٍ ذراعيه بالوصيد.
هذا فضلاً عن الانتخابات المتزامنة التي تعني تمديد ولاية رئيس السلطة لحين انتهاء الدورة التشريعية بعد أكثر من أربعة عشر شهراً، أوالقبول بالانتخاب المبكر، وهوالْتفاف على شرعية حماس الانتخابية، فإذا فاز بالتمديد نزل عن المنصة، وانصرف قافلاً بوصفه رئيس السلطة، لا قائد فصيل فلسطيني، مع أن خصومتنا الحقيقية مع الشرذمة التي تقوده أويقودها، ممن ارتهنوا للقرار الأمريكي الصهيوني، فحقه أن يكون على طاولة الحوار، لا على منصة الكبار.
إنه لوكانت هناك نية صادقة في التوحد والشراكة لتحقق ذلك منذ اتفاق القاهرة الأول قبل أربع سنين، ولما كنا في حاجة إلى المزاحمة السياسية، لا في التشريعي، ولا في الحكومة؛ لأن اقتحام هذه المفاصل السياسية جاء على خلفية الإحساس الأكيد بالهضم والمظلومية، بل لليقين بأن المؤامرة المبيَّتة هي استئصال المقاومة، وملاحقة أنصارها، تماماً كما يجري اليوم في الخليل، وسائر الضفة الغربية.
أما آية الإسراء فتخبر أن قريشاً قد أوشكوا أن يفتنوا نبيَّنا عليه الصلاة والسلام عن بعض ما أُوحي إليه؛ لأنه لا يعقل أن يفتنوه بالردة عن الوحي كله، وقد حذَّر الله عز وحل من محاولة المشركين فتنته عن بعض ما أنزل الله إليه؛ ذلك أن الذين يؤمنون ببعض الكتاب، ويكفرون ببعض، لا جزاء لهم إلا الخزيُ في الحياة الدنيا، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون، فهم يُرَدُّونَ إلى أشدِّ العذاب.
ولعل من وجوه الفتنة التي تطلعوا إليها أن يَكُفَّ عن تحقير آلهتهم في مقابل إيمانهم به، أوأن يجعل لهم مجلساً خاصاً، دون بقية أصحابه من الضعفاء والمساكين، إذْ لا يليق بالكبراء أن يجمعهم بهؤلاء مجلس واحد، وهم بهذا يُبَيِّتون أن يُنَفِّروا أصحابه عنه حين يقولون لهم: أرأيتم كيف قَلَاكم وازدراكم حين عزل مجلسكم؟!، أفيستحق مثله أن يكون رسولاً متبعاً؟!.
ولوفعل الرسول شيئاً مما راودوه عليه لاتخذوه صديقاً حميماً؛ لأجل أن يغروه بترك جميع ما أوحي إليه من ربه، والكف عن تبليغه؛ إذ المطالب الأولى إنما هي طرف الخيط، ومطالب المشركين لا تقف عند حَدٍّ، وقد يُخَيَّلُ لحملة الدعوة أن المطالب الطفيفة، والالتقاء في منتصف الطريق، خير من المفاصلة، فأهل الباطل يخاصمون الحق لجهلهم به، فإذا حصل الاقتراب منهم أمكن أن يسمعوا كلام الله، وأن يَحُسَنَ إسلامهم فيما بعد، وهذا فهمٌ خاطئ؛ لأن التنازل، ولوعن جزءٍ ضئيل، يفقد الهيبة، ويكشف عن ضعف الإيمان بالفكرة، وعن نوعٍ من الهزيمة الروحية، وهوما يغري أصحاب السلطان بمزيد من الإغراء أوالضغط؛ حتى ينقلب على عقبيه، ويرتد عن دعوته، وإلَّا فلماذا كانت الفتنة أشدَّ من القتل، وأكبر من القتل؟!.
وقد امتنَّ الله تبارك وتعالى على نبيه بالعصمة من الركون إليهم شيئاً قليلاً، ولوفعلها لكان من إلقاء الشيطان في أُمْنِيَتِهِ، ولكنه سبحانه قد تكفل بأن ينسخ ما يلقي الشيطان من الأماني في اجتهاد الأنبياء، ثم يحكم الله آياته، ولوسلمنا جدلاً بوقوع النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك النوع من الفتنة لكان جزاؤه ضِعْفَ العذاب في الحياة، من تراكم المصائب، واجتماع الشدائد مدة الحياة، حين يتمكن منه أعداؤه، وكذلك ضعف العذاب في الممات، سوء كان بِكُرُبات الموت، أوبأهوال الساعة، ولن يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً يدفع عنه بأس الله حين يجيئه، أويُخَفِّفُ عنه من عذابها.
إن المطلوب هوالدخول في الإسلام كافة، وعدم التفريط في أيٍّ من أوامره ونواهيه، فالدين لا يقبل المساومة ولا المداهنة، ولوترتب على التشبت به أن يستفزوك من الأرض ليخرجوك منها، فإن الإخراج من الديار أهون من الخروج من الدين، لكن طبيعة المشركين أنهم وَدُّوا لوتُدْهِنُ فيدهنون، وودوا لوتكفرون كما كفروا، فتكونون سواءاً، ومن كان في هذه أعمى ساءه أن يكون في الناس مبصرون، قد جعل الله لهم نوراً يمشون به في الناس، فهم يجتهدون في إخراج الناس من الظلمات إلى النور، بينما يجتهد أعداء الله أن يفتنوهم عن بعض ما انزل الله؛ لعلهم يتركون بعض الوحي، وتضيق به صدورهم، والمعروف أن الذين في قلوبهم زيغٌ يتبعون ما تشابه من الكتاب ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، لتحسبوه من الكتاب، وما هومن الكتاب، ويقولون: هومن عند الله، وما هومن عند الله.
فإذا عدنا إلى المهرجان الإعلامي للحوار أدركنا أن الهدف منه انتزاع تجديد ولاية الرئيس، ثم تفويضه في المفاوضات العبثية؛ ليعود إلى خضِّ الماء، دون جدوى، ولواستطاعوا أن يحملونا على التفريط في بعض الثوابت من أجل المصالحة والتقارب، لوضعوا المزيد من العراقيل والشروط، فهم يريدون أن يعودوا في غزة سيرتهم الأولى، فلا تكون السيطرة في القطاع لحركة حماس، دون الالتفات إلى الضفة الغربية، أوإلى منظمة التحرير؛ لتحريرها من الترهل والتغيب، بل ومن حَرْفِها عن أهدافها، ممن تسلقوا إلى قيادتها، أوتسللوا إلى مؤسساتها المختلفة.
ولوأن حركة حماس قد وافقت على شروط الرباعية، أواعترفت بالاحتلال، اوتخلت عن المقاومة باسم نبذ العنف والإرهاب، لتحولت إلى خليلٍ حميم لأطراف المهرجان من العرب والفصائل الفلسطينية، ولن يقف الأمر عند ذلك الحدِّ، ولسوف تستمر المساومة والضغط حتى نتخلى عن عقيدتنا وشريعتنا، كما تخلينا عن ثوابت قضيتنا فَرَضاً.
إن الله جل وعلا هوالذي امْتَنَّ علينا بهذه العصمة، وهي من بركات الشورى والرأي الجماعي، والقرار الحكيم الملزم للجميع قيادة وأفراداً، ولسوف تظهر بركاته في مقبل الأيام، فإن حكومة مصر قادرة على الضغط على عباس لوقف الخيانة والإجرام في الضفة الغربية، كما أنه لا يملك بعد شهر ونصف الشهر أن يجلس على المنصة رئيساً للشعب الفلسطيني، فيضطر أن يقود إحدى اللجان الخمس، وإن الورقة المصرية لا بد من تنقيتها مما دُسَّ فيها من المغالطات التي لا يمكن أن ينجح معها الحوار، بالإضافة إلى مسائل أخرى كثيرة حول شكل الحكومة، وآلية الانتخاب، وبناء الأجهزة الأمنية على أُسُسٍ وطنية، والمصالحة الداخلية، وإحياء منظمة التحرير،وغير ذلك، وقد مكروا مكرهم، وعند الله مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال.