تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لراحمون يرحمهم الرحمن


رُّوحي بروحهُ
09-09-2021, 02:02 PM
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين
أمَّا بعد: الإسلام رِسالةُ خيرٍ وسَلامٍ ورحمةٍ للبشرية كُلِّها، دعا إلى التراحم، وجعل الرحمةَ من دلائل
كمال الإيمان، والرحمةُ صِفَةُ هذه الأُمَّة، وتشملهم جميعاً؛ كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:
«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» رواه مسلم.
عباد الله.. إنَّ الرحمةَ خُلُقٌ عظيم، ووصْفٌ كريم، أُوتيَه السُّعَداء، وحُرِمه الأشقياء، جَبَلَ اللهُ سبحانه الناسَ عليها
بل هذه الرحمة ضارِبةٌ في جُذور المخلوقات، ومُختلِطة بكيان الموجودات، وبها يرحم بعضُهم بعضاً
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ، قَسَمَ مِنْهَا رَحْمَةً بَيْنَ جَمِيعِ الْخَلاَئِقِ، فَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ وَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ
وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى أَوْلاَدِهَا، وَأَخَّرَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» صحيح – رواه ابن ماجه.
فما أحوجَ الناسَ إلى التخلُّق بالرحمة في هذا الزمان الذي غلبت فيه الأهواء، وأُعجِبَ فيه
كُلِّ ذِي رأيٍ برأيه؛ فإنَّ الحياةَ لا تستقيمُ إلاَّ بالتَّراحم، وأوَّل مَنْ ينتفِع بالرحمة صاحبُها في الدنيا والآخرة
يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ» - وذَكَرَ منهم: «رَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ» رواه مسلم.
والرحمة الكاملة الشاملة هي رحمةُ اللهِ، التي عمَّتْ جميعَ الكائنات، فما من مَوجودٍ
إلاَّ ويرحمه اللهُ تعالى:﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156].
ورحمةُ اللهِ تعالى بعباده لا يُمكن حَصْرُها؛ ومن أمثلتِها:
تكفُّل اللهِ تعالى برزق عباده؛ فلم يَكِلْ أحداً إلى أحد، وإنما تكفَّل بِرِزق الجميع، فلا الأولاد
وُكِلُوا لآبائهم، ولا الآباء لأولادهم، بل الجميع تحت فضلِه وكرمِه وإحسانِه، كما قال تعالى:
﴿وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ﴾ [العنكبوت: 60].
ومن رحمته: أنْ سخَّرَ لنا ما في السماوات والأرض جميعاً منه؛ لقيامِ مصالحِ حياتِنا، وانتظامِ معيشتِنا:
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ
أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحج: 65].
ومن رحمته بِنَا: أنْ بعَثَ فِينا محمداً صلى الله عليه وسلم، فهو سيِّدُ الأوَّلين والآخِرين
وهو نَبِيُّ الرحمةِ للعالَمِين أجمين، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]
بَعَثَه ربُّه فسَكَبَ في قلبِه من العلم والحِلم، وفي خُلُقِه من الإيناس والبِر، وفي طبعِه من السُّهولة والرِّفق
وفي يدِه من السَّخاوة والندى ما جعله أزكى عباد الرحمن رحمة، وأوسعهم عاطفة، وأرحبهم صدراً.
ومن رحمة الله بالعباد: إنزال الشريعة الكاملة في مبادئها ونُظُمِها وقِيَمِها وأخلاقِها
فهي شريعة شاملةٌ صالحةٌ ومُصْلِحةٌ لكلِّ زمانٍ وجِيلٍ من الناس:
﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾} [المائدة: 3].
ومن رحمته تعالى: قبوله للتوبة، قال سبحانه: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ
لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].
يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ.
ومن سَعَةِ رحمةِ اللهِ وشمولِها: رحمتُه لغير المؤمن في الدنيا؛ إذْ يتمتَّع فيها بالملذَّات، ويُمْهَل للتوبة
فإنْ ماتَ على غيرِ الإيمانِ فلا نصيب له في الآخرة، وأمَّا المؤمن فرحمةُ اللهِ عليه في الدنيا والآخرة:
﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156].
عباد الرحمن.. إنَّ رحمة الله ينالها المرءُ إذا أخذَ بأسباب الرحمة، فمَنْ أراد أنْ يرحمه اللهُ فَلْيَرْحَمْ عِبادَه
ففي الحديث: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ؛ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» صحيح – رواه الترمذي.
وجاء أيضاً: «إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» رواه البخاري ومسلم.
والمُسلِمُ يلقى الناسَ وفي قلبه عطفٌ مدخور، وبِرٌّ مكنون، يُوَسِّع لهم، ويُخَفِّفُ عنهم، ويُواسِيهم
فعن أبي موسى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه؛ أنَّه سَمِعَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَرَاحَمُوا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كُلُّنَا رَحِيمٌ.
قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ صَاحِبَهُ، وَلَكِنْ رَحْمَةُ الْعَامَّةِ، رَحْمَةُ الْعَامَّةِ» صحيح – رواه الطبراني والحاكم.
وهذه الرحمة لا تُنزع إلاَّ مِنْ شقي؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:
«لاَ تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلاَّ مِنْ شَقِيٍّ» صحيح – رواه أبو داود والترمذي.
وقال أيضاً: «مَنْ لاَ يَرْحَمِ النَّاسَ لاَ يَرْحَمْهُ اللَّهُ» رواه مسلم. فلمَّا قست قلوبُهم لم يستحقُّوا الرحمة.

د. محمود بن أحمد الدوسري.

بنت الشام
09-09-2021, 03:35 PM
سلمت اياديك
وَ يعطيك العآفية ع المُتابعة
بِ إنتظار المزيد من عبق عطآءك
لروحك إكليل الورد ..!

خالد الشاعر
09-09-2021, 03:49 PM
الله يجزاكى كل خير على مجهودكِ
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتكِ
لكى خالص تحياتى

Şøķåŕą
09-09-2021, 04:02 PM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

نور القمر
09-09-2021, 08:55 PM
جلب راقي وانتقاء مميز
بوركت جهودك المثمرة
ولا حرمنا عطائك
ودي ..

عشير الحب
09-09-2021, 09:42 PM
الله يجزاك كل خير على مجهودكِ
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك

الــنــوُر
09-10-2021, 05:10 AM
جَزْاك الله خَير الجًزاء
كُل الشُكْر والتَقْدِير لَك
ولطَرْحِك القَيْم ..
احترامي وَتقْديرْي :f17:

حلا
09-10-2021, 04:14 PM
جزاك الله خير

غلا الشمال
09-10-2021, 04:22 PM
الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك...
ننتظر جديدك...

خاطري آضمـڪ
09-11-2021, 02:39 AM
جزاك اللهُ خير الجزاء..
جعل يومگ نورا وسرورا
وجبالا من الحسنات تعانقها بُحورا
جعلها آلله في ميزان آعمآلَگ
دام لَنآ عطائك

عبد الحليم
09-11-2021, 11:30 AM
سلمت يداك على الطرح الراقي
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
لك اعجابي وتقديري

فرآشه ملآئكيه
09-11-2021, 05:05 PM
سلمت آناملك لروعة طرحهآ..
يعطِـــيكْ العَآفيَـــةْ..

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
09-26-2021, 04:14 AM
,,~

جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..،
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْت بــِطآعَة الله ..~

,,~

♡ Šąɱąя ♡
02-10-2022, 01:20 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

Şøķåŕą
05-19-2023, 11:32 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.