المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليعلم الله من يخافه بالغيب


بنت الشام
07-26-2021, 02:10 PM
الخطبة الأولى)

الحمدُ لله، بجودِهِ وكرمِهِ أسبغَ النِعم، وبلطفِهِ ورحمتِهِ دفعَ النِقم، القائلِ في محكمِ التنزيل: ï´؟ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ï´¾ [النحل: 18].



والصلاةُ والسلامُ على عبدِهِ الشكور نبينا محمد، وعلى آله وصحبِه وسلم تسليمًا كثيرا، أما بعد:

فاتقوا اللهَ عبادَ الله، فتقوى اللهِ حصينٌ منيعٌ أمامَ المغرياتِ والشهواتِ المحرمة، قال تعالى: ï´؟ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ï´¾ [الحشر: 18].



أيها المسلمون.. إن اللهَ خَلَقَ الخَلقَ لعبادتِه، كما قال في كتابه: ï´؟ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ï´¾ [الذاريات: 56]، وأنعمَ عليهم بالجوارحِ التي تُعينُهم على ذلك، وجعلَ هذه الجوارحَ ابتلاءً وامتحانا، قال جلَّ وعلا: ï´؟ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ï´¾ [الإنسان: 2] فمن رحمةِ اللهِ بعباده، أن جعلَ لهم حاسةَ (السمعِ والبصر) فهما جارحتانِ عظيمتان، أكثرَ اللهُ من ذكرِهما في كتابِه، وبيّنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شأنَهما في سُنتِه، لأنهما بوابتانِ إلى القلب، وشريانٌ كبيرٌ يغذيانِ القلبَ نفعًا أو ضرا.



أيها المسلمون.. وإذا انضافَ إلى هاتين النعمتين نعمةُ القلب، كانت هذه الأعضاءُ الثلاثة، هي أشرفُ الأعضاءِ وملُوكُها والمتصرِفَةُ فيها والحاكِمَةُ عليها، خَصّها اللهُ بالذكر في السؤالِ عنها قال تعالى: ï´؟ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ï´¾ [الإسراء: 36].



عبادَ الله.. إنما ينتفِعُ العبدُ من سمعِهِ وبصرِه، إذا كان ما يسمعُهُ وينظُرُ إليه مقربًا إلى اللهِ تعالى، قال جلَّ وعلا في الحديث القدسي: «ولا يزالُ عبدي يتقربُ إليَّ بالنوافلِ حتى أُحبَهُ، فإذا أَحببتُهُ كنتُ سمعَه الذي يسمَعُ به، وبصَرَهُ الذي يُبصِرُ به...»؛ رواه البخاري.



قال ابنُ رجب رحمه الله:

فمتى امتلأ القلبُ بعظمةِ اللهِ تعالى، محا ذلكَ من القلبِ كُلَ ما سواه، ولم يبقَ للعبدِ شيءٌ من نفسِهِ وهواه، ولا إرادةَ إلا ما يُريدُهُ مولاه، فحينئذٍ لا ينطقُ العبدُ إلا بذكرِهِ، ولا يتحركُ إلى بأمره، فإن نَطَقَ نَطَقَ بالله، وإن سَمِعَ سَمِعَ به، وإن نَظَر نَظَرَ به... إلخ) رحمه الله.



أيها المسلمون.. لقد ذم اللهُ جلّ وعلا عبادَه الكفار، وشبَههم بالأنعام، لأن جوارِحَهم تعطلت عن العبوديةِ للهِ تعالى، فلم ينتفعوا بها قال اللهُ جلّ وعلا: ï´؟ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ï´¾ [الأعراف: 179]، فإذا تعطلت الجوارحُ عن العبوديةِ لله تعالى، ولم يستعملها المرءُ في طاعة الله، لم يتميز عن البهائم، بل لربما كانت البهائمُ أحسنَ حالًا منه.



بارك اللهُ لي ولكم في الكتابِ والسنة، ونفعنا بما فيهما من الآياتِ والذكرِ والحكمة، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم، وللمؤمنين والمؤمنات، الأحياءِ منهم والأموات فاستغفِرُوه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ القائل: ï´؟ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ï´¾ [الإسراء: 36]، والصلاةُ والسلامُ على عبدِه ورسولِه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ًكثيرًا، أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله.



أيها المسلمون.. قد يكونُ المباحُ حراما!.



لقد أباحَ اللهُ الصيدَ لعباده، وحَرّمه عليهم في حالِ إحرامِهم بالحج أو العمرة، وأمرَ اللهُ الصيدَ أن يتعرضَ لعباده المحرمين ابتلاءً وامتحانًا، ليعلمَ اللهُ من يخافُه بالغيب.



فيا عبدَ الله، ويا أمةَ الله.. إياكما أعني، وكلاكُما أريد، إني أحبُّ لكما الخيرَ كما أُحِبُّه لنفسي، فأرعياني أسماعَكما:

لقدَ أوجدَ اللهُ لعبادِه في هذا الزمن، وسائلَ التواصُلَ الاجتماعي بأنواعِها، من أجهزةٍ وتطبيقات، وهي من الأمورِ المباحة، وقد تكون وسيلةً للحرام! فقد يتعرضُ فيها المرءُ للفتن، كالصورِ والإعلانات والمقاطعِ المحرمة، فينساقَ المرءُ وراءها، ابتلاءً وامتحانا، ليعلمَ اللهُ من يخافُه بالغيب.



عباد الله.. إنما تعظمُ المصيبةُ في هذا الزمن، الذي انفتح فيه الإعلام، وضعفت فيه المراقبةُ للهِ جلّ جلاله، إذا كان الرجلُ أو المرأةُ، يجتهدانِ في تعطيلِ أسماعِهم وأبصارِهم عن العبوديةِ للهِ تعالى، وذلك بسماعِ ما حرمَ اللهُ جلّ وعلا، أو مشاهدةِ ما حرمَ اللهُ جلّ وعلا.



أيها المسلمون.. ألا تستمعون؟! قد تكون المصيبةُ أعظمُ وأعظمُ إذا كان الرجلُ أو المرأة، يجتهدانِ في نشرِ ما حرَّمَ اللهُ بين العباد، ما بين مسموعٍ محرم ومرئيٍ محرم، طلبًا للشهرة وكثرةِ المتابعين، يتخللُ ذلك صورٌ ومقاطعٌ، لنساءٍ كاسياتٍ عارياتٍ، وسخريةٍ بالدين وأهلِه، ووصفهم بالتخلفِ والرجعية، وتسهيلِ التبرجِ والاختلاطِ، ونشرِ صورٍ لعوراتٍ ظاهرات، لينشأ على ذلك الصغار ويَسهُلَ في أعينهم رؤيةَ المحرمات، أوّه! أوّه! عينُ الحرام، عينُ الحرام فكم لهم من أسيرٍ وقتيل من الشباب والفتيات، قال اللهُ جل وعلا: ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ï´¾ [النور: 19].



فلا إله إلا الله كم جنوا من ثمــــــار الحنظل! المتمثلِ في كســـــبِ السيئات فوقَ السيئات، قال الله تعالى: ï´؟ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ï´¾ [العنكبوت: 13].



ولا إله إلا الله كم فتكت هذه الصورُ والمقاطعُ في القلوب وحجَبتها عن الوصولِ إلى عَلّامِ الغيوب قال ابنُ تيميةَ رحمه الله - في قول النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تدخلُ الملائكةُ بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة » -: (إذا كانت الملائكةُ المخلوقون يمنعها الكلبُ والصورةُ عن دخولِ البيت فكيف تلجُ معرفةُ الله عز وجل، ومحبتُه وحلاوةُ ذكره، والأُنسُ بقربه، في قلبٍ ممتلئٍ بكلابِ الشهواتِ وصورِها؟) انتهى كلامه رحمه الله.



أيها المسلمون.. كيفَ النجاةُ من هذه الفتن؟ إنما النجاةُ والسعادةُ فيمن عُوفي من هذه الوسائل، وإن كانَ العبدُ لا بدَ فاعلا فالنجاةُ والسعادةُ فيمن استعملها في طاعةِ الله تعالى، وسخّرَها في هدايةِ الناس إلى عبودية الله، ودافعَ فيها الشبهاتِ والبدع، وبين فيها السننَ القوليةِ والفعليةِ للنبي صلى الله عليه وسلم.



قال ابنُ باز رحمه الله: (الإنسانُ مسؤولٌ عن سمعِه، وعن بصرِه، وعن فؤادِه، عن قلبِه وعقلِه، هل استعمَلَه في طاعةِ الله أو في محارمِ الله، الأمرُ عظيم، فالواجبُ على كُلِّ مكلفٍ أن يصونَ سمعَه عما حَرّمَ الله، وأن يصونَ بَصَرَه عما حَرّمَ الله، وأن يعمرَ قلبَه بتقوى الله، ويحذرَ محارِمَ الله..) إلخ رحمه الله.



هذا وصلوا وسلموا على من أمركم اللهُ بالصلاةِ والسلامِ عليه، قال اللهُ جل وعلا: (إن اللهَ وملائكتَه يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا) اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك، على عبدك ونبيك محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وانصر عبادَك المرابطين، وانصر عبادك المستضعفين والموحدين في كل مكان،،اللهم رُدَّ كيد الكافرين، من اليهود والنصارى وأعوانِهم، اللهم لا ترفع لهم راية، واجعلهم يا قوي يا عزيز لمن خلفهم آية، اللهم فُكَ أَسرَ المسلمين في كل مكان، اللهم اجعل لهم من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن كل بلاء عافية، وارزقهم الفرج من حيث لا يحتسبون، اللهم إنّا نسألُك الجنةَ وما قرّبَ إليها من قولٍ وعمل، ونعوذُ بك من النارِ وما قرّبَ إليها من قولٍ وعمل، اللهم اجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر يا سميع الدعاء، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا، وسائرَ بلادَ المسلمين يا رب العالمين، اللهم ...إلخ.

Şøķåŕą
07-26-2021, 02:12 PM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

بنت الشام
07-26-2021, 03:06 PM
يسسسلمو علي المررور

إيلين
07-26-2021, 03:49 PM
°•



ماأروع مواضيعك وجمآلية طرحگ
مبدع دوما بجلب أروع المواضيع وطرحها
يعطيك العافيه لكل بصمة تتركها بموضوعك
ابدعت وتميزت بالطرح اگثر وأكثر
شكرا لك ولابداعاتك 642.gif
لاننحرم من جديد مواضيعك وتألقك
دمت بخير :1042:

http://love-img.com/wp-content/uploads/2017/11/2445-9.gif

بنت الشام
07-26-2021, 04:02 PM
يسسسلمو علي المررور

خالد الشاعر
07-26-2021, 04:37 PM
الله يجزاكِى كل خير على مجهودكِ
ويجعل الأجر الأوفر بميزان حسناتكِ
ننتظر جديدكِ القادم

شيخة الزين
07-26-2021, 06:00 PM
بارك الله فيك ...
وجزاك خير ...
دمت بحفظ الله ورعايته...

بنت الشام
07-26-2021, 10:28 PM
يسسلمو علي مروركن:ah4:

عبد الحليم
07-27-2021, 09:50 AM
سلمت يداك على الطرح الراقي
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
لك اعجابي وتقديري

بنت الشام
07-27-2021, 11:36 AM
شكرا لكم علي المرور

بنت الشام
07-27-2021, 12:00 PM
شكرا لكم ع المرور

نور القمر
07-27-2021, 02:19 PM
شكراً ع روووعة طرحك
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك
كل الود
.

غلا الشمال
07-27-2021, 02:53 PM
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك :121:

بنت الشام
07-27-2021, 03:03 PM
شكرا لكم علي المرور

بنت الشام
07-27-2021, 03:34 PM
يسسلمو ع المرور

فرآشه ملآئكيه
07-27-2021, 06:33 PM
يعطيگ العافيہ يارب
, ع الموضوع
دمتِ ودام ابداعگ

هالة
07-27-2021, 06:43 PM
موضوع في قمة الخيااال
طرحت فابدعت
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
لك خالص حبي وأشواقي
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته

رُّوحي بروحهُ
07-27-2021, 07:20 PM
-



جزاك الله كل خير ..

بنت الشام
07-28-2021, 09:33 AM
شكرا لكم علي المرور

نور القمر
07-28-2021, 02:10 PM
كعادتك
مواضيعك مميزة وجميله
فشكراً لك من القلب
وشكرالموضوعك الاكثر من رائع
دمت بكل خير

بنت الشام
07-28-2021, 04:05 PM
شكرا لكم علي المرور

الدكتور على حسن
07-28-2021, 07:08 PM
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
سلمت يداك على روعة طرحك
الاكثر من رائـــع
وسلم لنا ذوقك الراقى
على روعة الاختيــار
أسال الله عز وجل
لك سعادة دائمة لا تنتهــى
لك ولحضورك الجميل
كل الشكر وكل التقدير
تحياتى وتقديرى وإحترامى
الدكتـــور علـــى

https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/flower_by_vafiehya-d8yzsfr.gifhttps://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/flower_by_vafiehya-d8yzsfr.gif

بنت الشام
07-29-2021, 02:44 PM
يسسلمو علي المرور

شيخة المزايين
07-30-2021, 03:50 AM
سلمت اناملك على الإنتقاء
دمت بسعادة بحجم السماء
لقلبك طوق الياسمين

بنت الشام
07-30-2021, 05:15 PM
شكرا لكم علي المرور

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
07-31-2021, 06:22 PM
,,~

جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..،
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْت بــِطآعَة الله ..~

,,~

Şøķåŕą
04-20-2023, 04:54 PM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله