تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قل خيرا أو اصمت (خطبة)


Şøķåŕą
07-04-2021, 04:34 PM
قُلْ خَيرًا أو اصْمُتْ


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:
قولُ الخيرِ والصَّمْتُ عن الشَّر من خِصال أهل الإيمان، ومن واجبات الدِّين، يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ؛ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَصْمُتْ» رواه البخاري ومسلم. والمعنى: مَنْ كان يُؤمِنُ الإيمانَ الكامِلَ المُنْجِي من عذاب الله، المُوصِل إلى رضوانه؛ فليقل خيرًا أو لِيَصْمُتْ، فهذه الوَصِيَّةُ الغاليةُ أصلٌ في حِفظِ اللسان.

قال ابن حجر رحمه الله: (هَذَا مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ كُلَّهُ: إِمَّا خَيْرٌ، وَإِمَّا شَرٌّ، وَإِمَّا آيِلٌ إِلَى أَحَدِهِمَا؛ فَدَخَلَ فِي الْخَيْرِ كُلُّ مَطْلُوبٍ مِنَ الْأَقْوَالِ فَرْضُهَا وَنَدْبُهَا، فَأَذِنَ فِيهِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ، وَدَخَلَ فِيهِ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِمَّا هُوَ شَرٌّ، أَوْ يَئُولُ إِلَى الشَّرِّ، فَأَمَرَ عِنْدَ إِرَادَةِ الْخَوْضِ فِيهِ بِالصَّمْتِ).

وقال أيضًا: (وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ الْمَرْءَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ؛ فَلْيُفَكِّرْ قَبْلَ كَلَامِهِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ، وَلَا يَجُرُّ إِلَى مُحَرَّمٍ، وَلَا مَكْرُوهٍ؛ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا، فَالسَّلَامَةُ فِي السُّكُوتِ؛ لِئَلَّا يَجُرَّ الْمُبَاحُ إِلَى الْمُحَرَّمِ، وَالْمَكْرُوهِ).

وقال النووي رحمه الله: (مَعْنَاهُ: أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فَإِنْ كَانَ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ خَيْرًا مُحَقَّقًا، يُثَابُ عَلَيْهِ، وَاجِبًا، أو مندوبًا، فَلْيَتَكَلَّمْ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّهُ خَيْرٌ، يُثَابُ عَلَيْهِ، فَلْيُمْسِكْ عَنِ الْكَلَامِ، سَوَاءٌ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ حَرَامٌ، أَوْ مَكْرُوهٌ، أَوْ مُبَاحٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْكَلَامُ الْمُبَاحُ مَأْمُورًا بِتَرْكِهِ، مَنْدُوبًا إِلَى الْإِمْسَاكِ عَنْهُ؛ مَخَافَةً مِنِ انْجِرَارِهِ إِلَى الْمُحَرَّمِ، أَوِ الْمَكْرُوهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]. وَقَدْ نَدَبَ الشَّرْعُ إِلَى الْإِمْسَاكِ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمُبَاحَاتِ؛ لِئَلَّا يَنْجَرَّ صَاحِبُهَا إِلَى الْمُحَرَّمَاتِ، أَوِ الْمَكْرُوهَاتِ).

وجاء في حديثِ أَسْوَدَ بْنِ أَصْرَمَ الْمُحَارِبِيِّ رضي الله عنه أنه قال لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللهِ! أَوْصِنِي، قَالَ: «هَلْ تَمْلِكُ لِسَانَكَ؟» قَالَ: فَمَا أَمْلِكُ إِذَا لَمْ أَمْلِكْهُ؟ ثم قال له: «فَلَا تَقُلْ بِلِسَانِكَ إِلَّا مَعْرُوفًا» صحيح – رواه الطبراني. وقد ورد أنَّ استقامةَ اللِّسان من خِصال الإيمان؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ» حسن – رواه أحمد. والصَّمت من سُبل النَّجاة؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَمَتَ نَجَا» صحيح – رواه الترمذي.

والكلمة من الشَّر قد يقولها الرَّجل، فيكون فيها هلاكُه؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا؛ يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» رواه البخاري. وفي لفظ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يَرَى بِهَا بَأْسًا؛ فَيَهْوِي بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ سَبْعِينَ خَرِيفًا» صحيح - رواه ابن ماجه. وفي الحديث المشهور: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ؛ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» صحيح - رواه الترمذي.

قال ابن القيم رحمه الله: (وَمِنَ الْعَجَبِ: أَنَّ الْإِنْسَانَ يَهُونُ عَلَيْهِ التَّحَفُّظُ وَالِاحْتِرَازُ مِنْ أَكْلِ الْحَرَامِ وَالظُّلْمِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَمِنَ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَيَصْعُبُ عَلَيْهِ التَّحَفُّظُ مِنْ حَرَكَةِ لِسَانِهِ، حَتَّى تَرَى الرَّجُلَ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالدِّينِ وَالزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ، وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَاتِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا؛ يَنْزِلُ بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَكَمْ تَرَى مِنْ رَجُلٍ مُتَوَرِّعٍ عَنِ الْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ؛ وَلِسَانُهُ يَفْرِي فِي أَعْرَاضِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، وَلَا يُبَالِي مَا يَقُولُ!).

أيها الأحبة.. ومِمَّا ورد في فَضْلِ الصَّمت: ما جاء عن أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: لَقِيَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلمَ أَبَا ذَرٍّ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ! أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى خَصْلَتَيْنِ هُمَا أَخَفُّ عَلَى الظَّهْرِ، وَأَثْقَلُ فِي المِيزَانِ مِنْ غَيْرِهَا؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: «عَلَيْكَ بِحُسْنِ الخُلُقِ، وَطُولِ الصَّمْتِ؛ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا تَجَمَّلَ الخَلاَئِقُ بِمِثْلِهِمَا» حسن – رواه أبو يعلى والطبراني.

قال الفضيلُ بن عياض رحمه الله: (ما حَجٌّ ولا رِباطٌ ولا جِهادٌ أشدَّ مِنْ حَبْسِ اللِّسان، ولو أصبحتَ يهمُّكَ لسانُك، أصبحتَ في غَمٍّ شديد). وسُئِلَ ابنُ المبارك رحمه الله - عن قولِ لقمان لابنه: (إنَّ كان الكلامُ من فضَّةٍ، فإنَّ الصَّمتَ من ذهبٍ)، فقال: (معناه: لو كان الكلامُ بطاعةِ الله من فضة، فإنَّ الصَّمتَ عن معصيةِ الله من ذهبٍ).

الخطبة الثانية:
الحمد لله...

عباد الله.. ينقسم الكلامُ إلى خمسة أقسام: فإمَّا أن يكون واجِبًا، أو مُسْتحبًّا، أو مُحرَّمًا، أو مَكروهًا، أو مُباحًا.

فمِثالُ الكلامِ الواجب: قراءةُ الفاتحة في الصلاة، والأذكارُ الواجبة، والشهادةُ الواجبة إذا تعيَّنتْ عليه.

ومِثالُ الكلامِ المُستحب: أذكارُ الصباح والمساء.

ومِثالُ الكلام المُحرَّم: الكذبُ، والغِيبةُ، والنَّميمةُ، وشهادةُ الزُّور.

ومِثالُ الكلامِ المَكروه: هو الكلامُ الذي لا فائدة تُرجى من وراءه، أو الكلامُ في بعضِ ما لا يَعْنيه.

ومِثالُ الكلامِ المُباح: الكلام المُباح في أمور المعاش، والعمل.

والصَّمتُ كالكلام، منه ما يكون واجبًا، أو مُسْتحبًّا، أو مُحرَّمًا، أو مَكروهًا، أو مُباحًا.

فالصَّمتُ الواجب: كالصَّمتِ عن الكذبِ، والغِيبةِ، والوقيعةِ بين الناس.

والصَّمتُ المُستحب: كالصَّمتِ عن كثيرٍ مِمَّا لا يعني الإنسانَ أنْ يخوضَ فيه.

والصَّمتُ المُحرَّم: كالصَّمتِ عن الشَّهادة الواجبة، والصَّمتِ عن النهي عن المُنكر؛ حيثُ تعيَّن الإنكار.

والصَّمتُ المَكروه: كالجلوسِ في المسجد بدون ذِكرِ الله.

والصَّمتُ المُباح: كالصَّمتِ للاستجمامِ في أوقاتِ الراحة.

فلسنا مأمورين بالكلامِ بإطلاق، ولا بالصَّمتِ بإطلاق؛ إنَّما يكون الكلامُ في مَوضِعِ الكلام؛ حيثُ يجب، أو يُستحبُّ الكلامُ. والصَّمتُ في موضعِ الصَّمتِ؛ حيثُ يجب، أو يُستحبُّ الصَّمتُ.

والخلاصة: إذا كانت الطَّاعةُ في الكلام تكلَّمَ، وإذا كانت الطَّاعةُ في الصَّمتِ صمتَ.

نور القمر
07-04-2021, 04:59 PM
كعادتك
مواضيعك مميزة وجميله
فشكراً لك من القلب
وشكرالموضوعك الاكثر من رائع
دمت بكل خير

بنت الشام
07-04-2021, 05:47 PM
جزااك الله كل خير

وجعله الباري في موازين حسناتك

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
07-05-2021, 12:40 AM
,,~

جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..،
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْت بــِطآعَة الله ..~

,,~

رحيل
07-05-2021, 03:58 AM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض
بآرك الله فيك على الطَرح القيم
في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,,
آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !!
وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك
وعَمر آلله قلبك بآآآلايمَآآنْ
علىَ طرحَك آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ
دمت بـِ طآعَة الله

Şøķåŕą
07-05-2021, 06:49 AM
بنت الشام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-05-2021, 06:49 AM
اميره
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-05-2021, 06:49 AM
روحي تحبك
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-05-2021, 06:50 AM
غرام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

عبد الحليم
07-05-2021, 08:33 AM
سلمت يداك على الطرح الراقي
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
لك اعجابي وتقديري

خالد الشاعر
07-05-2021, 04:27 PM
الله يجزاكِى كل خير على مجهودكِ
ويجعل الأجر الأوفر بميزان حسناتكِ
ننتظر جديدكِ القادم

رُّوحي بروحهُ
07-05-2021, 11:48 PM
-



جزاك الله كل خير ..،

tarhal
07-06-2021, 03:12 AM
الله يقويك ويعطيك العافية

~:nay2:

Şøķåŕą
07-06-2021, 06:59 AM
عبد الحليم
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-06-2021, 06:59 AM
خالد
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-06-2021, 06:59 AM
نبض وريدي
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-06-2021, 06:59 AM
ترحال
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

الدكتور على حسن
07-06-2021, 07:48 PM
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
سلمت يداك على روعة طرحك
الاكثر من رائـــع
وسلم لنا ذوقك الراقى
على روعة الاختيــار
أسال الله عز وجل
لك سعادة دائمة لا تنتهــى
لك ولحضورك الجميل
كل الشكر وكل التقدير
تحياتى وتقديرى وإحترامى
الدكتـــور علـــى
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/for_you_by_kmygraphic-d9sjvhq.gif

Şøķåŕą
07-06-2021, 08:45 PM
الدكتور على
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

فرآشه ملآئكيه
07-07-2021, 07:00 PM
سلمت يمناگ على الانتقاء الاكثٌرً من رائع
ولاحرمنا جديدگ
تحياتي

Şøķåŕą
07-08-2021, 07:44 AM
فراشه
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

☆Šømă☆
03-18-2024, 07:15 AM
سلمتِ على هكذا إنفراد وَ تميُز
دام حضورك وَ عطائِك اللا محدود
لروحك آكاليل الورد .

Şøķåŕą
04-13-2025, 05:43 PM
شكرا لك على المرور العذب:k10:

Şøķåŕą
04-13-2025, 05:43 PM
شكرا لك على المرور العذب:80:

Şøķåŕą
04-13-2025, 05:43 PM
شكرا لك على المرور العذب:h5:

Şøķåŕą
04-13-2025, 05:43 PM
شكرا لك على المرور العذب:155::em16:

Şøķåŕą
04-13-2025, 05:43 PM
شكرا لك على المرور العذب:102:

Şøķåŕą
04-13-2025, 05:44 PM
شكرا لك على المرور العذب:eq-34::588:

Şøķåŕą
04-13-2025, 05:44 PM
شكرا لك على المرور العذب:2277::123:

Şøķåŕą
04-13-2025, 05:44 PM
شكرا لك على المرور العذب:112::613:

Şøķåŕą
04-13-2025, 05:44 PM
شكرا لك على المرور العذب:eq-102::102::f12::p34: