المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حسن اختيار الألفاظ


Şøķåŕą
07-04-2021, 04:11 PM
حسن اختيار الألفاظ

من كمل عقلُه حسن لفظُه


إذا وُجِد طريقان مُوصّلان إلى مطلوب، فمن الحكمة أن يسلُك المرءُ الطريق السابلة السهلة، أما الذي ينعرج إلى الطريق الوعرة، كثيرة الأخطار والعقبات، فأحدُ رجلين: إما جاهل، وإما أحمق متهور، إلاّ أن يمنعَ مانعٌ عن سلوك السبيل الأولى، أو يأطِر آطِرٌ إلى سلوك الثانية؛ فإن الراكب طريق القحمة المنيعة، والعقبة الكؤود، فوق ما يلقاه من جهد وعنت، قد يصل إلى مراده وقد ينقطع.

وهكذا الشأنُ في كل مطلوب يريد المرءُ تحصيلَه أو تأديته.

فإن كان طريق الأداء هو الكلام، فليس من الحكمة أن يلجأ المتكلم إلى الألفاظ الخشنة الوعرة، والسهلة اللطيفة متيسرةٌ، اللهم إلاّ أن يضطره مقتضٍ خارجي إلى الإغلاظ؛ فإن القول الحسن أبعد لنزغ الشيطان، وأقرب لقبول الحق، بل لقبول المَقُولِ مطلقاً، وكم من باطل يزينه الرجلُ بحسن لفظه، وحلاوة منطقه، وتنميق عبارته، والتلطف في مقصده، فيُبرزه في صورة الحق فيُقبل، وكم من حق يخرجه بتهجينه وسوء تعبيره في صورة مشوهة قبيحة فيُرَد، "ومن تأمل المقالات الباطلة، والبدع كلها، وجدها قد أخرجها أصحابها في قوالب مستحسنة، وكسوها ألفاظاً يقبلها بها من لم يعرف حقيقتها، ولقد أحسن القائل:
تقول هذا جناءُ النحل تمدحُه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإن تشأ قلتَ ذا قيءُ الزنابيرِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

مدحاً وذماً وما جاوزتَ وصفَهما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والحقُّ قد يعتريه سوءُ تعبيرِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




ورأى بعض الملوك كأن أسنانه قد سقطت، فعبرها له معبر بموت أهله وأقاربه، فأقصاه وطرده، واستدعى آخر فقال له: لا عليك، تكون أطول أهلك عمراً، فأعطاه وأكرمه وقربه، فاستوفى المعنى، وغير له العبارة، وأخرج المعنى في قالب حسن"[1].

وقد ذكر هذا الخبر السَرَخْسيُّ، ثم قال: "وهما في المعنى سواء، ليعلم أنه ينبغي للمرء أن يراعي عبارته" ثم قال: "وإذا أسر الأسير وابنه من المسلمين، فأرادوا قتلهما فقال الأب: قدموا ابني بين يدي حتى أحتسبه. فهو آثم في مقالته فعلوا ذلك أو لم يفعلوا؛ لأنه أمرهم بمعصية الله تعالى، ولو قال: إني أريد أن أحتسب ابني فلا تقتلوني قبله. رجوت ألا يأثم".

ولهذا كان تحسين الألفاظ بابا عظيما اعتنى به أصحاب العقول الراجحة من الأكابر والعلماء، قال ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر خبر بعض الخلفاء وقد سأل ولده - وفي يده مِسْواك - ما جَمْعُ هذا؟ فقال: (محاسنك) يا أمير المؤمنين. قال: "وهذا من الفراسة في تحسين اللفظ، وهو باب عظيم, اعتنى به الأكابر والعلماء، وله شواهد كثيرة في السنة، وهو من خاصية العقل والفطنة، فقد روينا عن عمر رضي الله عنه أنه خرج يعس المدينة بالليل, فرأى ناراً موقدة في خباء, فوقف وقال: (يا أهل الضوء). وكره أن يقول: يا أهل النار. وسأل رجلاً عن شيء: (هل كان)؟ قال: لا، أطال الله بقاءك, فقال: (قد علمتم فلم تتعلموا, هلا قلت: لا, وأطال الله بقاءك)؟ وسئل العباس: أنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: هو أكبر مني, وأنا ولدت قبله. وسئل عن ذلك قباث بن أشيم؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر مني, وأنا أسن منه. وكان لبعض القضاة جليس أعمى, وكان إذا أراد أن ينهض يقول: يا غلام, اذهب مع أبي محمد, ولا يقول: خذ بيده, قال: والله ما أخلَّ بها مرة.

ومن ألطف ما يحكى في ذلك: أن بعض الخلفاء سأل رجلا عن اسمه؟ فقال: سعد يا أمير المؤمنين. فقال: أي السعود أنت؟ قال: سعد السعود لك يا أمير المؤمنين, وسعد الذابح لأعدائك, وسعد بلع على سماطك, وسعد الأخبية لسرك, فأعجبه ذلك. ويشبه هذا: أن معن بن زائدة دخل على المنصور, فقارب في خطوه. فقال له المنصور: كبرت سنك يا معن, قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين. قال: إنك لجلد. قال: على أعدائك, قال: وإن فيك لبقية, قال: هي لك. وأصل هذا الباب: قوله تعالى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الإسراء: 53]، فالشيطان ينزغ بينهم إذا كلم بعضهم بعضاً بغير التي هي أحسن, فرب حرب وقودها جثث وهام, أهاجها القبيح من الكلام، وفي الصحيحين من حديث سهل بن حنيف, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقولن أحدكم: خبثت نفسي, ولكن ليقل: لقست نفسي)، و(خبثت) و(لقست) و(غثت) متقاربة المعنى؛ فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظ (الخبث) لبشاعته, وأرشدهم إلى العدول إلى لفظ هو أحسن منه, وإن كان بمعناه تعليما للأدب في المنطق, وإرشاداً إلى استعمال الحسن, وهجر القبيح من الأقوال, كما أرشدهم إلى ذلك في الأخلاق والأفعال"[2].

ومن هذا الباب أيضاً الكنايات التي تذكر تحسيناً للفظ وإكراماً للمذكور، وفي القرآن من ذلك طرف مأثور مثلوا له بقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا ﴾ [البقرة: 235]، وقوله: ﴿ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ ﴾ [النساء: 43]، وقوله: ﴿ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ﴾ [المائدة: 75]، وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم الكناية عما يقبح التصريح به، والأمثلة في السنة كثيرة، ومن قبيل هذا الباب باب آخر كان عليه الصلاة والسلام يستعمله، وهو ميله إلى التعريض عوضاً عن التصريح في بعض مقامات الإنكار.

يا صاحب الحق! إن رمت لما تحمله قبولاً فلا تكن فظاً غليظاً، فما كان الرفق في شيء إلاّ زانه، وما نزع من شيء إلاّ شانه.

مرَّ بصلة بن أَشْيَمْ وأصحابه فتى يجر ثوبه، فهمَّ أصحاب صلة أن يأخذوه بألسنتهم أخذاً شديداً، فقال صلة: دعوني أكفكم أمره. فقال: يا ابن أخي إن لي إليك حاجة!

قال: وما حاجتك؟

قال: أحب أن ترفع إزارك.

قال: نعم ونعمى عين. فرفع إزاره، فقال صلة لأصحابه: هذا كان أمثل مما أردتم لو شتمتموه وآذيتموه لشتمكم[3].

وهذا من فقهه رحمه الله، ومِلكِه لنفسه، وبعد نظره، أما طلابه فقد أخذتهم بادي الأمر الحمية، فكاد يذهب مقصودهم، فلا هم هدوا الرجل، ولا كان معهم سلطان يزجره عما هو فيه، فلو أغلظوا له لأغلظ لهم، واستمر المنكر، واستمرأه صاحبه، ولكنه عقل صلة أرشده لتحسين لفظه فحصل مقصوده.

والقصص والأخبار عن السلف في هذا الباب كثيرة، ومع ذلك يُعرض عنها بعضنا، ويلتمس ما ندّ وشرد من الألفاظ، فيستعمل ألفاظاً خشنة، ويجعل ذلك ديدنه وهِجِّيراه مع المخالفين، بحجة أن أبا بكر رضي الله عنه استعمل تلك الكلمة، وفلان استعمل الأخرى، وثالث الثالثة... - مع أن أبا بكر رضي الله عنه والثاني والثالث قد يكون ما قالها غير مرة في كل ما أسند إليه! فيتصيد بعضُ من لم يوفّق للحكمة تلك الكلمات، وربما استخدامها في غير موضعها مع إخوته من أهل السنة! ودون فقه يوصل إلى مقصوده، بل بدافع الحمية والقوة الغضبية التي تفسد في كثير من الأحيان أكثر مما تصلح.

وحري بأصحاب المقاصد الحسنة، والغايات المحمودة أن يتوسلوا إليها بطرق محمودة مشروعة، لا تثير فتنة، ولا تُحْفِظ مخاطباً، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فهذا أقرب لحصول المقصود، وأوفق لقواعد الشريعة، وأقرب لعامة هدي السلف.

واللهَ نسألُ أن يهدينا إلى الطيب من القول، وأين يهدينا إلى صراط الحميد، وأن يقينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأقوالنا.

sally
07-04-2021, 04:37 PM
جلب راقي وانتقاء مميز بوركت جهودك المثمرة ولا حرمنا عطائك ودي ..

نور القمر
07-04-2021, 04:42 PM
كعادتك
مواضيعك مميزة وجميله
فشكراً لك من القلب
وشكرالموضوعك الاكثر من رائع
دمت بكل خير
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/flower_by_vafiehya-d8yzsfr.gif

سليدا
07-04-2021, 09:52 PM
https://lh4.googleusercontent.com/-JYQQIckMzvU/Tx2jEsKIzmI/AAAAAAAABp8/8k-_3q2pvcE/h80/0_5b11c_bde3a17d_M.jpg.gif
جزاگ اللهُ خَيرَ الجَزاءْ..
جَعَلَ يومگ نُوراً وَسُرورا
وَجَبالاُ مِنِ الحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحورا
جَعَلَهُا آلله في مُيزانَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآ عَطآئُگ
https://lh5.googleusercontent.com/-am_a9JDohRM/Tx2jHmhBc_I/AAAAAAAABqM/Db6eBVB6mh0/h80/0_5b11f_af893e9a_M.jpg.gif

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
07-05-2021, 12:33 AM
,,~

جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..،
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْت بــِطآعَة الله ..~

,,~

رُّوحي بروحهُ
07-05-2021, 02:27 AM
جزاك الله كل خير ..

رحيل
07-05-2021, 03:33 AM
جزاك الله خيرا ولا حرمك الأجر
بوركت وطرحك الطيب

Şøķåŕą
07-05-2021, 05:54 AM
اميره
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-05-2021, 05:54 AM
روحي تحبك
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-05-2021, 05:54 AM
سالي
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-05-2021, 05:54 AM
نبض وريدي
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-05-2021, 05:55 AM
سيلدا
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-05-2021, 05:55 AM
غرام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

عبد الحليم
07-05-2021, 08:19 AM
سلمت يداك على الطرح الراقي
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
لك اعجابي وتقديري

بنت الشام
07-05-2021, 02:38 PM
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك
ولك احترامي وتقديري

https://i1.wp.com/diamunta.com/wp-content/uploads/2020/07/4-23.png?fit=400%2C298&ssl=1

خالد الشاعر
07-05-2021, 04:21 PM
الله يجزاكِى كل خير على مجهودكِ
ويجعل الأجر الأوفر بميزان حسناتكِ
ننتظر جديدكِ القادم

tarhal
07-06-2021, 03:25 AM
الله يقويك ويعطيك العافية

~:nay2:

Şøķåŕą
07-06-2021, 06:44 AM
عبد الحليم
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-06-2021, 06:44 AM
بنت الشام
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-06-2021, 06:44 AM
خالد
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

Şøķåŕą
07-06-2021, 06:44 AM
ترحال
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

الدكتور على حسن
07-06-2021, 06:49 PM
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
سلمت يداك على روعة طرحك
الاكثر من رائـــع
وسلم لنا ذوقك الراقى
على روعة الاختيــار
أسال الله عز وجل
لك سعادة دائمة لا تنتهــى
لك ولحضورك الجميل
كل الشكر وكل التقدير
تحياتى وتقديرى وإحترامى
الدكتـــور علـــى
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/for_you_by_kmygraphic-d9sjvhq.gif

Şøķåŕą
07-06-2021, 08:00 PM
الدكتور على حسن
شكرا على المرور الكريم
عطر أرجاء متصفحي
بارك الله فيك
دمت بود

غـُـلايےّ
09-01-2022, 09:55 AM
جّلبْ انيَيق وَمميُز
وَعِطاءْ رآقيُ وَجميلْ ..
تسِلم ايُديكْ يــآربَ ..
ولاعَدمنا جمُآل إطِلالتك
تقِديُري ِ ،’
..~

Şøķåŕą
05-07-2023, 11:16 AM
جزاك الله خير

Şøķåŕą
04-28-2025, 03:55 PM
شكرا لك على المرور العذب 1

Şøķåŕą
04-28-2025, 03:55 PM
شكرا لك على المرور العذب 2

Şøķåŕą
04-28-2025, 03:55 PM
شكرا لك على المرور العذب 3

Şøķåŕą
04-28-2025, 03:56 PM
شكرا لك على المرور العذب 4

Şøķåŕą
04-28-2025, 03:56 PM
شكرا لك على المرور العذب 5

Şøķåŕą
04-28-2025, 03:56 PM
شكرا لك على المرور العذب 6