تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سيرة عبدالله بن عمرو بن حرام رضي الله عنه


رحيل
06-23-2021, 01:13 PM
سيرة عبدالله بن عمرو بن حرام رضي الله عنه
د. أمين بن عبدالله الشقاوي



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد:
فهذه مقتطفات من سيرة علم من أعلام هذه الأمة، وبطل من أبطالها، صحابي جليل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، نقتبس من سيرته العطرة الدروس والعبر.

كان رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام، وكان أحد النقباء ليلة العقبة، وشهد بدرًا، واستشهد يوم أُحد، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله كلمه كفاحًا؛ أي من غير واسطة.

إنه عبدالله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري السلمي، والد جابر الصحابي المشهور.

قال ابن سعد: «كان عبدالله أول من قُتل يوم أُحد، وكان أحمر، أصلع، ليس بالطويل»[1].

وقد كانت لعبدالله بن عمرو مواقف عظيمة تدل على فضله وبذله ونصرته لهذا الدين، روى ابن حبان في صحيحه من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهفي حديث طويل، وقال صلى الله عليه وسلم في آخره: «جَزَى اللَّهُ الأَنْصَارَ عَنَّا خَيْرًا، وَلَا سِيَّمَا عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ»[2].

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، جِيءَ بِأَبِي مُسَجًّى[3]، وَقَدْ مُثِّلَ[4] بِهِ، قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْفَعَ الثَّوْبَ، فَنَهَانِي قَوْمِي، ثُمَّ أَرَدْتُ أَنْ أَرْفَعَ الثَّوْبَ، فَنَهَانِي قَوْمِي، فَرَفَعَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم - أَوْ أَمَرَ بِهِ فَرُفِعَ، فَسَمِعَ صَوْتَ بَاكِيَةٍ أَوْ صَائِحَةٍ، فَقال صلى الله عليه وسلمَ: «مَنْ هَذِهِ؟»، فَقَالُوا: ابْنَةُ عَمْرٍو - أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو، فَقَالَ: «وَلِمَ تَبْكِي؟ فَمَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ»[5].


قال الحافظ ابن حجررحمه الله: «ومعناه أنه مكرم بصنيع الملائكة وتزاحمهم عليه لصعودهم بروحه؛ لأن هذا الجليل القدر الذي تظله الملائكة بأجنحتها لا ينبغي أن يُبكى عليه، بل يفرح له بما صار إليه»[6].

وروى والترمذي في سننه وابن حبان في صحيحه من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: «يَا جَابِرُ مَالِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا وَعِيَالًا، فَقَالَ: «أَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَإِنَّ اللَّهَ أَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا، وَقَالَ: يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ مَا شِئْتَ أُعْطِيكَ، قَالَ: تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلُ فِيكَ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لَا، إِنِّي أَقْسَمْتُ بِيَمِينٍ أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ»يَعْنِي الدُّنْيَا، ونزلت هذه الآية: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169][7].

وروى النسائي في سننه من حديث جابر رضي الله عنه قال: لَمَّا أُصِيْبَ أَبِي وَخَالِي يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءتْ أُمِّي بِهِمَا قَدْ عَرَضَتْهُمَا عَلَى نَاقَةٍ، فَأَقْبَلَتْ بِهِمَا إِلَى المَدِيْنَةِ، فَنَادَى مُنَادٍ: ادْفِنُوا القَتْلَى فِي مَصَارِعِهِم، فَرُدَّا حَتَّى دُفِنَا فِي مَصَارِعِهِمَا[8].

وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: لما كان يوم أُحد أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على الشهداء الذين قُتلوا يومئذ، فقال: «زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ فَإِنِّي قَدْ شَهِدْتُ عَلَيْهِمْ»، فَكَانَ يُدْفَنُ الرَّجُلَانِ وَالثلَاثَةُ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ وَيُسْأَلُ: أَيُّهُمْ كَانَ أَقْرَأَ لِلْقُرْآنِ فَيُقَدِّمُونَهُ. قَالَ جَابِرٌ: فَدُفِنَ أَبِي وَعَمِّي يَوْمَئِذٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ[9].

وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قتلى أُحد: «لَا تُغَسِّلُوهُمْ، فَإِن كُل جُرْحٍ - أَوْ كُل دَمٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[10].

وروى البخاري في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه قال: لما حضر أُحد دعاني أبي من الليل، فقال: مَا أُرَانِي إِلَّا مَقْتُولًا فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم، وَإِنِّي لَا أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا، فَأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ[11].

قال ابن حجررحمه الله: «وهذا يخالف في الظاهر ما وقع في الموطأ عن عبدالرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبدالله بن عمرو الأنصاريين، كانا قد حفر السيل قبرهما، وكانا في قبر واحد، فحفر عنهما ليغيِّرا من مكانهما، فوجدا لم يتغيَّرا كأنهما ماتا بالأمس، وكان بين أُحد ويوم حفر عنهما ست وأربعون سنة، وقد جمع بينهما ابن عبدالبر بتعدُّد القصة، وفيه نظر؛ لأن الذي في حديث جابر أنه دفن أباه في قبر وحده بعد ستة أشهر، وفي حديث الموطأ أنهما وُجدا في قبر واحد بعد ست وأربعين سنة، فإما أن يكون المراد بكونهما في قبر واحد قُرب المجاورة، أو أن السيل خرق أحد القبرين، فصارا كقبرٍ واحد، وقد ذكر ابن إسحاق في المغازي، فقال: حدثني أبي عن أشياخ من الأنصار، قالوا: لما ضرب معاوية عينه التي مرَّت على قبور الشهداء، انفجرت العين عليهم، فجئنا فأخرجناهما - يعني عمرو وعبدالله - وعليهما بردتان قد غطى بهما وجوههما، وعلى أقدامهما شيء من نبات الأرض، فأخرجناهما يتثنيان تثنيًا كأنهما دُفنا بالأمس، وله شاهد بإسناد صحيح عند ابن سعد من طريق أبي الزبير عن جابر[12].

ومنفوائدالحديث:
1- الإرشاد إلى بر الأولاد بالآباء خصوصًا بعد الوفاة.

2- وفيه الاستعانة على ذلك بإخبارهم بمكانتهم من القلب.

3- وفيه قوة إيمان عبدالله رضي الله عنه المذكورة لاستثنائه النبي صلى الله عليه وسلم ممن جعل ولده أعز عليه منهم.

4- وفيه كرامته بوقوع الأمر على ما ظن، وكرامته بكون الأرض لم تبل جسده مع لبثه فيها، والظاهر أن ذلك لمكان الشهادة.

5- وفيه فضيلة لجابر رضي الله عنه لعمله بوصية أبيه بعد موته في قضاء دينه»[13].


فروى البخاري في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه: أن أباه توفي وعليه دين، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إِنَّ أَبِي تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَلَيْسَ عِنْدِي إِلَّا مَا يُخْرِجُ نَخْلُهُ، وَلَا يَبْلُغُ مَا يُخْرِجُ سِنِينَ مَا عَلَيْهِ، فَانْطَلِقْ مَعِي لِكَيْ لَا يُفْحِشَ عَلَيَّ الغُرَمَاءُ، فَمَشَى حَوْلَ بَيْدَرٍ مِنْ بَيَادِرِ التَّمْرِ فَدَعَا، ثَمَّ آخَرَ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «انْزِعُوهُ»، فَأَوْفَاهُمُ الَّذِي لَهُمْ وَبَقِيَ مِثْلُ مَا أَعْطَاهُمْ[14].

وفي رواية في صحيح البخاري: وَبَقِيَ تَمْرِي كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ[15].

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] الطبقات الكبرى (3/ 424).


[2] صحيح ابن حبان برقم 6981، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم 461.


[3] أي مغطى؛ انظر النهاية (2/ 310).


[4] مُثل: بضم الميم وكسر الثاء، ومثل بالقتيل إذا قطع أطرافه أو أنفه أو أذنه .. ونحو ذلك؛ انظر النهاية (4/ 251).


[5] صحيح البخاري برقم 1293، وصحيح مسلم برقم 2471.


[6] فتح الباري (3/ 116).


[7] صحيح ابن حبان برقم 6983، وسنن الترمذي برقم 3010، وحسنه الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي برقم 2408، وكتاب التوحيد لابن خزيمة (2/ 890)، واللفظ له، والزيادة في آخر الحديث للترمذي، ورواه الإمام أحمد في مسنده (23/ 163) برقم 11488مختصرًا، وقال محققوه: إسناده حسن.



[8] برقم 2005 وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في أحكام الجنائز ص25.


[9] (39/ 64-65) برقم 23660، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط البخاري.


[10] (22/ 97) برقم 14189، وقال محققوه: حديث صحيح.


[11] برقم 1351.


[12] فتح الباري (3/ 216).


[13] فتح الباري (3/ 217).


[14] برقم 3580.


[15] برقم 2127.

نور القمر
06-23-2021, 01:26 PM
طرح يفوق البهاءَ
لـا حُرمنا جَزيل عطائـِك
وّ مدائن من الشٌكر لـــ روُحك
ولِقلبِكْ الأُوركِيدَ

فرآشه ملآئكيه
06-23-2021, 02:38 PM
يّسّلُمُــؤٌ انَــامُلُــك عّ الُطِــرًحَ الُــرًائــعّ
رًبُــيّ يّعّطِيّــك ألُـعّــافُيّــهّ •••

Şøķåŕą
06-23-2021, 02:44 PM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

عبد الحليم
06-23-2021, 02:45 PM
سلمت يداك على الطرح الراقي
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
لك اعجابي وتقديري

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
06-24-2021, 09:04 AM
,,~

جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..،
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْت بــِطآعَة الله ..~

,,~

خالد الشاعر
06-24-2021, 03:16 PM
الله يجزاكِى كل خير على مجهودكِ
ويجعل الأجر الأوفر بميزان حسناتكِ
ننتظر جديدكِ القادم

الدكتور على حسن
06-24-2021, 06:43 PM
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
سلمت يداك على روعة طرحك
الاكثر من رائـــع
وسلم لنا ذوقك الراقى
على روعة الاختيــار
أسال الله عز وجل
لك سعادة دائمة لا تنتهــى
لك ولحضورك الجميل
كل الشكر وكل التقدير
تحياتى وتقديرى وإحترامى
الدكتـــور علـــى
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/for_you_by_kmygraphic-d9sjvhq.gif

بنت الشام
06-25-2021, 08:20 AM
طـرح رآئــع سلمت آناملك ع الإنتقاء
لاحرمنا الله من عبير تواجدك وجديدك
دمت بسعادهـ بــحـجم السماء
لقلبك طوق آليآسمين

أبو علياء
06-25-2021, 06:43 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

خاطري آضمـڪ
06-26-2021, 01:54 AM
جزاك اللهُ خير الجزاء..
جعل يومگ نورا وسرورا
وجبالا من الحسنات تعانقها بُحورا
جعلها آلله في ميزان آعمآلَگ
دام لَنآ عطائك

رُّوحي بروحهُ
06-26-2021, 05:35 PM
-




جزاك الله كل خير ..

إميلي.
06-27-2021, 01:55 AM
انتقاء بآذخ الجمآل ,
بِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
لك من الشكر وافره,~

ضامية الشوق
06-28-2021, 10:19 AM
جزاك الله خيرا

نور القمر
06-28-2021, 05:41 PM
كعادتك
مواضيعك مميزة وجميله
فشكراً لك من القلب
وشكرالموضوعك الاكثر من رائع
دمت بكل خير

♡ Šąɱąя ♡
01-15-2022, 03:42 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

Şøķåŕą
04-26-2023, 03:47 PM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.