الدكتور على حسن
04-15-2021, 04:36 PM
لا عَجَبَ أنْ يكونَ حُسْنُ الخُلُقِ
غايةَ الغاياتِ فى سَعْيِ العَبدِ لاستكمالِ
الصفاتِ على أساسٍ مِن التوحيدِ
وثابتِ الإخلاصِ واليقين
وقد كان إمامُ الأنبياءِ
رسول الله صلى الله عليه وسلم
فى «حُسْنِ الخُلُقِ» على القمةِ الشامخةِ،
وفوقَ الغايةِ والمُنتهى، فكان كما قال
عنه ربُّهُ –عزَّ وجلَّ-:
«وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ» القلم- 4.
وهو مع ذلك لا يَنْفَكُّ يدعو ربَّهُ فى قيامِ
الليلِ بقولِهِ:
(اللهم اهْدِنِى لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ،
فَإِنَّهُ لا يَهْدِى لأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ،
وَاصْرِفْ عَنِّى سَيِّئِهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّى سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ).
رواهُ مسلمٌ عن عليٍّ –رضى اللهُ عنه-.
يطلبُ مِن ربِّهِ أنْ يُرشدَهُ لصوابِ الأخلاقِ،
ويُوفِّقَهُ للتخلُّقِ به، وأنْ يصرفَ عنه
قبيحَ الأخلاقِ ومذمومَ الصفاتِ،
ويُبعِدَ ذلك عنه، مع أنهُ على خُلُقٍ عظيمٍ،
ومع أنَّ خُلَقَهُ القرآنُ الكريمُ.
أخبر سعدُ بن هشام بن عامرٍ
أنه سألَ عائشةَ –رضى اللهُ عنها-،
فقال:
«قلتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِى
عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟
قُلْتُ: بَلَى.قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ الْقُرْآنُ».
رواه مسلم.
ومعنى أنَّ خُلُقَهُ القرآنُ أنه يعملُ به،
ويقفُ عند حدودِهِ، ويتأدبُ بآدابِهِ،
ويعتبرُ بأمثالِهِ وقَصَصِهِ، ويتدبرُهُ، ويُحسِنُ تلاوتَهُ.
وإذا كان النبيُّ مِن حُسنِ الخُلُقِ بهذه المثابةِ،
وهو –مع ذلك- يسألُ الهدايةَ لأحسنِ الأخلاقِ،
ويستعيذُ مِن سيِّئِهَا، فكيفُ يصنعُ مَن خُلُقُهُ
إلى خُلُقِ النبيِّ كقطرةٍ فى بحرٍ أو دون ذلك؟
وكلُّ إنسانٍ -لا محالة- يجهلُ الكثيرَ
مِن عيوبِ نَفْسِهِ، فإذا جَاهَدَ نَفْسَهُ
أَدْنَى مجاهدةٍ حتى تَرَكَ فواحشَ المعاصى،
فربما ظنَّ بنفسِهِ أنه قد هذَّبَ نفسَهُ،
وصَفَّى أخلاقَهُ، وحسَّنَ خُلُقَهُ، واستغنى
عن المجاهدةِ، واستنامَ إلى حُسنِ ظنِّهِ بنفسِهِ
واتَّبَعَ هَوَاهُ.لكم خالص ورَمَضَانُ شَهْرُ مَكَارِمِ
الأَخْلَاقِ والصيام هو لِجَامُ الْمُتَّقِينَ،
وَجُنَّةُ الْمُحَارِبِينَ، وَرِيَاضَةُ الْأَبْرَارِ الْمُقَرَّبِينَ،
وَهُوَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ؛
فَإِنَّ الصَّائِمَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَتْرُكُ
شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ،
فَهُوَ تَرْكُ مَحْبُوبَاتِ النَّفْسِ وَتَلَذُّذَاتِهَا؛
إيثَارًا لِمَحَبَّةِ اللّهِ وَمَرْضَاتِهِ، وَهُوَ سِرٌّ
-أى الصيامُ-
بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ سِوَاهُ،
وَالْعِبَادُ قَدْ يَطَّلِعُونَ مِنْهُ عَلَى تَرْكِ
الْمُفْطِرَاتِ الظّاهِرَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ تَرَكَ طَعَامَه
وَشَرَابَه وَشَهْوَتَه مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ؛
فَهُوَ أَمْرٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الخلقُ،
وَذَلِكَ حَقِيقَةُ الصّوْمِ
وللصومِ تأثيرٌ عجيب فى حفظِ الجوارحِ
الظاهرة والقُوى الباطنة، وحِمْيَتِها
عن التخليطِ الجالبِ لها الموادَّ الفاسدة
التى إذا استولت عليها أفسدتها، واستنكار
للموادِّ الرديئةِ المانعةِ لها مِن صِحتِها،
فالصومُ يحفظُ على القلبِ والجوارح صِحَّتَها،
ويُعيدُ إليها ما اسْتَلَبَتْهُ منها أيدى الشهوات،
فهو من أكبرِ العَوْنِ على التقوى.
كما قال اللهُ -جلَّ وعلا-:
«لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»
البقرة -183
وقال النبيُّ: «الصَّوْمُ جُنَّة».
وأيها الصائم :احْفَظ لِسَانَكَ مِن الغِيبَةِ
والنَّمِيمَةِ وَفَاحِشِ القَوْلِ، واحْبِس
لِسَانَكَ عن كلِّ ما يُغْضِبُ اللهَ،
وَأَلْزِم نَفْسَكَ الكلامَ الطَّيِّبَ الجَمِيلَ،
وَليَكُن لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ اللهِ،
وهى فرصةٌ لِلتزَوُّدِ
مِن الطاعةِ والتَّفَرُّغِ للعبادةِ .
تحياتى وتقديرى
و
رمضان كريــم
الدكتــور علـــى
غايةَ الغاياتِ فى سَعْيِ العَبدِ لاستكمالِ
الصفاتِ على أساسٍ مِن التوحيدِ
وثابتِ الإخلاصِ واليقين
وقد كان إمامُ الأنبياءِ
رسول الله صلى الله عليه وسلم
فى «حُسْنِ الخُلُقِ» على القمةِ الشامخةِ،
وفوقَ الغايةِ والمُنتهى، فكان كما قال
عنه ربُّهُ –عزَّ وجلَّ-:
«وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ» القلم- 4.
وهو مع ذلك لا يَنْفَكُّ يدعو ربَّهُ فى قيامِ
الليلِ بقولِهِ:
(اللهم اهْدِنِى لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ،
فَإِنَّهُ لا يَهْدِى لأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ،
وَاصْرِفْ عَنِّى سَيِّئِهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّى سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ).
رواهُ مسلمٌ عن عليٍّ –رضى اللهُ عنه-.
يطلبُ مِن ربِّهِ أنْ يُرشدَهُ لصوابِ الأخلاقِ،
ويُوفِّقَهُ للتخلُّقِ به، وأنْ يصرفَ عنه
قبيحَ الأخلاقِ ومذمومَ الصفاتِ،
ويُبعِدَ ذلك عنه، مع أنهُ على خُلُقٍ عظيمٍ،
ومع أنَّ خُلَقَهُ القرآنُ الكريمُ.
أخبر سعدُ بن هشام بن عامرٍ
أنه سألَ عائشةَ –رضى اللهُ عنها-،
فقال:
«قلتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِى
عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟
قُلْتُ: بَلَى.قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ الْقُرْآنُ».
رواه مسلم.
ومعنى أنَّ خُلُقَهُ القرآنُ أنه يعملُ به،
ويقفُ عند حدودِهِ، ويتأدبُ بآدابِهِ،
ويعتبرُ بأمثالِهِ وقَصَصِهِ، ويتدبرُهُ، ويُحسِنُ تلاوتَهُ.
وإذا كان النبيُّ مِن حُسنِ الخُلُقِ بهذه المثابةِ،
وهو –مع ذلك- يسألُ الهدايةَ لأحسنِ الأخلاقِ،
ويستعيذُ مِن سيِّئِهَا، فكيفُ يصنعُ مَن خُلُقُهُ
إلى خُلُقِ النبيِّ كقطرةٍ فى بحرٍ أو دون ذلك؟
وكلُّ إنسانٍ -لا محالة- يجهلُ الكثيرَ
مِن عيوبِ نَفْسِهِ، فإذا جَاهَدَ نَفْسَهُ
أَدْنَى مجاهدةٍ حتى تَرَكَ فواحشَ المعاصى،
فربما ظنَّ بنفسِهِ أنه قد هذَّبَ نفسَهُ،
وصَفَّى أخلاقَهُ، وحسَّنَ خُلُقَهُ، واستغنى
عن المجاهدةِ، واستنامَ إلى حُسنِ ظنِّهِ بنفسِهِ
واتَّبَعَ هَوَاهُ.لكم خالص ورَمَضَانُ شَهْرُ مَكَارِمِ
الأَخْلَاقِ والصيام هو لِجَامُ الْمُتَّقِينَ،
وَجُنَّةُ الْمُحَارِبِينَ، وَرِيَاضَةُ الْأَبْرَارِ الْمُقَرَّبِينَ،
وَهُوَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ؛
فَإِنَّ الصَّائِمَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَتْرُكُ
شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ،
فَهُوَ تَرْكُ مَحْبُوبَاتِ النَّفْسِ وَتَلَذُّذَاتِهَا؛
إيثَارًا لِمَحَبَّةِ اللّهِ وَمَرْضَاتِهِ، وَهُوَ سِرٌّ
-أى الصيامُ-
بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ سِوَاهُ،
وَالْعِبَادُ قَدْ يَطَّلِعُونَ مِنْهُ عَلَى تَرْكِ
الْمُفْطِرَاتِ الظّاهِرَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ تَرَكَ طَعَامَه
وَشَرَابَه وَشَهْوَتَه مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ؛
فَهُوَ أَمْرٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الخلقُ،
وَذَلِكَ حَقِيقَةُ الصّوْمِ
وللصومِ تأثيرٌ عجيب فى حفظِ الجوارحِ
الظاهرة والقُوى الباطنة، وحِمْيَتِها
عن التخليطِ الجالبِ لها الموادَّ الفاسدة
التى إذا استولت عليها أفسدتها، واستنكار
للموادِّ الرديئةِ المانعةِ لها مِن صِحتِها،
فالصومُ يحفظُ على القلبِ والجوارح صِحَّتَها،
ويُعيدُ إليها ما اسْتَلَبَتْهُ منها أيدى الشهوات،
فهو من أكبرِ العَوْنِ على التقوى.
كما قال اللهُ -جلَّ وعلا-:
«لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»
البقرة -183
وقال النبيُّ: «الصَّوْمُ جُنَّة».
وأيها الصائم :احْفَظ لِسَانَكَ مِن الغِيبَةِ
والنَّمِيمَةِ وَفَاحِشِ القَوْلِ، واحْبِس
لِسَانَكَ عن كلِّ ما يُغْضِبُ اللهَ،
وَأَلْزِم نَفْسَكَ الكلامَ الطَّيِّبَ الجَمِيلَ،
وَليَكُن لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ اللهِ،
وهى فرصةٌ لِلتزَوُّدِ
مِن الطاعةِ والتَّفَرُّغِ للعبادةِ .
تحياتى وتقديرى
و
رمضان كريــم
الدكتــور علـــى