الدكتور على حسن
04-13-2021, 05:33 PM
أكد الدكتور عبدالغفار عبدالستار رئيس قسم الحديث بكلية الدراسات العربية والإسلامية بالشرقية أن النفوس الخبيثة والعادات القبيحة وشياطين الإنس أشد غواية للإنسان من شياطين الجن، وحذر من ارتكاب ما يذهب بالحسنات وأجر الصيام، مشيرا إلى أن الجوارح خاصة اللسان، هى أخطر ما يحبط عمل الصائم،.
وفى حوار مع «أنوار رمضان»، دعا عبدالغفار إلى اغتنام شهر القرآن فى قراءة القرآن وتدبره والعمل بما جاء به، لافتا إلى أن إهمال التدبر والتفكر لكتاب الله هو نوع من الهجر وإن كان المصحف لصيقا بصاحبه، مؤكدا أن تدبر آية والتفكر فيها خير من قراءة ثلاثين جزءا بلا تدبر وتحقيق ختمة كاملة. وإلى تفاصيل الحوار:
«إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ»، ما المقصود بتصفيد الشياطين؟
صفدت بضم الصاد وتشديد الفاء المكسورة، أى شدت بالأصفاد، وهى الأغلال، و«سلسلت»، أى شدت بالسلاسل. وفائدة هذا التصفيد أو التسلسل هو: منعهم من أذى المسلمين، وإضعاف إغوائهم على المعاصى. وقيل: رفع عذر المكلف، كأنه يقال له: قد كففت الشياطين عنك، فلا تعتل بهم فى ترك الطاعة ولا فى فعل المعصية.
وهذا يثير التساؤال لدى البعض: لماذا الذنوب والمعاصى إذن مادامت الشياطين مصفدة أو مسلسلة؟
هنا نود أن نشير إلى أن التصفيد والتقييد ليس لكل الشياطين، وإنما هو للمردة منهم كما جاء فى بعض الروايات «وتغل فيه مردة الشياطين»، وربما يكون المقصود تقليل الشرور فى شهر رمضان عن غيره، وهذا أمر محسوس، فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره، إذ لا يلزم من تصفيدهم جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية، لأن للمعصية أسباباً أخرى غير الشياطين، كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الإنسية، فهؤلاء أشد غواية وأثرا من الشياطين.
يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفرله ما تقدم من ذنبه»، كيف يكون الصيام إيمانا واحتسابا؟
معنى إيماناً -أى: تصديقاً- ومعنى احتساباً –أى طلباً للمثوبة عند الله عز وجل-ولذا ينبغى أن نحقق التعبدفى الصيام باستحضار النية دائماً والهدف من هذا الامتناع أى: عن الملذات والشهوات إرضاء رب العالمين وقيل معنى ايمانا واحتسابا: أى من صام رمضان مؤمناً بأن الله فرض الصيام وله على عباده حق الطاعة على الدوام، واحتسب -أى طلب الأجر من صيامه من ربه جل وعلا له عهد عند الله بأن الله يغفر ما تقدم من ذنبه، ومما ينبغى أن ننبه عليه أن هذا الشرط «ايمانا واحتسابا» فى غاية الأهمية،لأن قوله –صلى الله عليه وسلم- «إيماناً» أخرج به من لم يصمه إيماناً، ولم يقر بصيامه، وإنما صامه هكذا عادة، وقوله «احتساباً»: أخرج به من صامه رياءً وسمعة، فمن صامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن هنا أؤكد على أنه ينبغى على كل من صام رمضان وقامه أن يتحقق فيه هذا الشرط «إيمانا واحتسابا» أى مصدقًا بفرضية الصيام، وراغبًا فى ثوابه، طيبة نفسه بالصيام، غير كاره لصيامه ولا مستثقل لقيامه، وبعض الناس يصوم ويقوم عادة لأنه رأى الناس يفعلون ذلك، وهذا خطأ، فإنَّه لا تُنال هذه الأجور العظيمة إلا بإِخلاص وابتغاء ثواب الله وجزائه.
وماذا تقول لمن يهمل طوال رمضان، ويترقب ليلة القدر؟استنادا لقوله صلى الله عليه وسلم «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»؟
قيام ليلة القدر ليس المقصود من إقامتها القيام فيها فقط، إنما المقصود قيام مع موافقة، أى استبانت له بعلامة من علاماتها.فالنبى –صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يقم ليلة القدر إيماناً واحتساباً فيوافقها غفر له ما تقدم من ذنبه».
وهنا ننبه إلى أن موافقة ليلة القدر والاجتهاد فيها،إنما هو نوع من الرزق يعطاه من أخلص واجتهد، فإدراك ليلة القدر ليس مصادفة، ولكنه ثمرة جهد وطاعة وصدق نية وتعلق بالله سبحانه وتعالى، فهى مكافأة للعبد على تعلقه بربه وترقبه طوال العام، ثم اجتهاده طوال شهر رمضان، لاسيما العشر الأواخر، طمعا ورجاء، وأملا فى أن يغفر الله له، وهذه الليلة المباركة لن ينالها خامل كسول بعيد عن أسباب الهداية. لذا فمن أراد أن يدرك ليلة القدر فليستعد لها مع استعداده لرمضان، فالصحابة كانوا يستعدون لرمضان قبل قدومه بستة أشهر، وليحرص على اغتنام جميع ليالى رمضان فى القيام والذكر والتقرب إلى الله، وحينئذ لا يشغله أى الليالى كانت: خمسا وعشرين، أم سبعا وعشرين، أم تسعا وعشرين؟
الجميع يركز على تلاوة القرآن فى رمضان، وينشغلون بعدد الختمات، ولا يهم الفهم والتدبر.. ما تعليقكم؟
من هدى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- مدارسة القرآن فى رمضان، فهو وسيلة عظيمة لشفاء القلوب وهدايتها، وعلى قدر صلة المسلم بالقرآن تكون صلته بالله.. قال صلى الله عليه وسلم: «أبشروا!! فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبداً» هذه الوسيلة العظيمة لن تحقق مقصودها ولن تكون هدى وشفاءً ونوراً إلا إذا تعاملنا معها بالشكل الذى يريده الله عز وجل.
لقد نزل القرآن لنتدبره ونستخرج منه ما ينفعنا لا لنقرأه بألسنتنا فقط، قال تعالى: «كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ» قال بعض السلف: لا يجالس أحد القرآن ويقوم سالما إما أن يربح أو يخسر قال تعالى: «وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا» لقد قرأنا القرآن بألسنتنا قبل ذلك مرات ومرات، وكان هم الواحد منا الانتهاء من ختمه، بل وكان بعضنا يتنافس فى عدد المرات التى يختمه فيها وبخاصة فى رمضان، فأى استفادة حقيقية استفدناها من ذلك؟! ماذا غير فينا القرآن؟! إن القراءة باللسان فقط - دون حضور القلب - كالنخالة كبيرة الحجم قليلة الفائدة، وهذا ما كان يؤكده الصالحون على مر العصور، قال على رضى الله عنه: لا خير فى قراءة ليس فيها تدبر، وقال الحسن، كيف يرق قلبك وإنما همك أخر السورة؟ ويؤكد هذا المعنى ابن القيم فيقول رحمه الله: لا شىء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر، فإنه جامع لجميع منازل السائرين، وأحوال العالمين، ومقامات العارفين.. فلو علم الناس ما فى قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواه، فقراءة آية بتفكر خير من ختمة بغير تدبر وتفهم.
برأيكم ما أخطر ما يذهب بأجر الصائم ويضيع عليه صيامه؟
بعض الناس يصومون عما أحل الله ويفطرون على ما حرم الله، فيصومون عن الأكل والشرب والجماع، لكنهم يرتكبون أشياء محرمةً، مثل الغيبة والنميمة واللغو والخوض فى أعراض الناس وشهادة الزور والكذب، والسب والشتم وغيرها من المحرمات، سواء أكانت قوليةً أم فعلية.. وهذا لا شك أنه انتكاس فى مفهوم الصيام؛ لأن الصوم تربية، وليس من المعقول أن يربيك الله تعالى على ترك بعض المباح، ثم تذهب لترتكب أشياءً محرمةً فى الصوم.
لذا تعد الجوارح، خاصة اللسان، من أخطر ما يهدد الصيام، وخطر اللسان ليس فى أنه يضيع أجر الصيام فحسب، بل إنه يلقى بصاحبه فى النار، ففى حديث النبى صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟!».
ما الفرق بين الحديث النبوى والقدسى؟
الحديث القدسى هو كل قول نسبه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل من غير القرآن، وسمى حديثا: لأنه من أخبار النبى صلى الله عليه وسلم،ومن حكايته له عن ربه. وسمى قدسيا: لأنه أسند إلى الله تعالى من حيث أنه المتكلم به والمنشىء له، فنسبته إليه سبحانه نسبة إنشاء، ويسمى بالحديث الإلهى أو الربانى أو القدسى. وعند رواية الحديث القدسى نقول:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه،وهذه عبارة السلف، أو أن نقول: قال الله تعالى فيما رواه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه عبارة الخلف.
أما الحديث النبوى فهو كل ما جاء عن النبى من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.
وما الفرق بين الحديث القدسى والقرآن الكريم؟
القرآن الكريم لفظه ومعناه من عند الله عز وجل، أما الحديث القدسى فإن معناه من عند الله ولفظه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
القرآن تحرم روايته بالمعنى، أما الأحاديث القدسية فتجوز روايتها بالمعنى.
القرآن يتعبد بتلاوته، والأحاديث القدسية لا يتعبد بها.. القرآن لا يكون إلا بوحى جلى، أما الأحاديث القدسية فقد تكون بوحى خفى كالإلهام والمنام.
القرآن معجز للإنس والجن محفوظ من التبديل والتغيير، والأحاديث القدسية ليست كذلك. القرآن الكريم حوى الأمور الشرعية والأحكام صغيرها وكبيرها، أما الحديث القدسى ففى الغالب يتحدث فيما يتعلق بتنزيه ذاته تعالى وصفاته الجلالية والجمالية وبيان سلطانه وقدرته.
وفى حوار مع «أنوار رمضان»، دعا عبدالغفار إلى اغتنام شهر القرآن فى قراءة القرآن وتدبره والعمل بما جاء به، لافتا إلى أن إهمال التدبر والتفكر لكتاب الله هو نوع من الهجر وإن كان المصحف لصيقا بصاحبه، مؤكدا أن تدبر آية والتفكر فيها خير من قراءة ثلاثين جزءا بلا تدبر وتحقيق ختمة كاملة. وإلى تفاصيل الحوار:
«إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ»، ما المقصود بتصفيد الشياطين؟
صفدت بضم الصاد وتشديد الفاء المكسورة، أى شدت بالأصفاد، وهى الأغلال، و«سلسلت»، أى شدت بالسلاسل. وفائدة هذا التصفيد أو التسلسل هو: منعهم من أذى المسلمين، وإضعاف إغوائهم على المعاصى. وقيل: رفع عذر المكلف، كأنه يقال له: قد كففت الشياطين عنك، فلا تعتل بهم فى ترك الطاعة ولا فى فعل المعصية.
وهذا يثير التساؤال لدى البعض: لماذا الذنوب والمعاصى إذن مادامت الشياطين مصفدة أو مسلسلة؟
هنا نود أن نشير إلى أن التصفيد والتقييد ليس لكل الشياطين، وإنما هو للمردة منهم كما جاء فى بعض الروايات «وتغل فيه مردة الشياطين»، وربما يكون المقصود تقليل الشرور فى شهر رمضان عن غيره، وهذا أمر محسوس، فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره، إذ لا يلزم من تصفيدهم جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية، لأن للمعصية أسباباً أخرى غير الشياطين، كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الإنسية، فهؤلاء أشد غواية وأثرا من الشياطين.
يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفرله ما تقدم من ذنبه»، كيف يكون الصيام إيمانا واحتسابا؟
معنى إيماناً -أى: تصديقاً- ومعنى احتساباً –أى طلباً للمثوبة عند الله عز وجل-ولذا ينبغى أن نحقق التعبدفى الصيام باستحضار النية دائماً والهدف من هذا الامتناع أى: عن الملذات والشهوات إرضاء رب العالمين وقيل معنى ايمانا واحتسابا: أى من صام رمضان مؤمناً بأن الله فرض الصيام وله على عباده حق الطاعة على الدوام، واحتسب -أى طلب الأجر من صيامه من ربه جل وعلا له عهد عند الله بأن الله يغفر ما تقدم من ذنبه، ومما ينبغى أن ننبه عليه أن هذا الشرط «ايمانا واحتسابا» فى غاية الأهمية،لأن قوله –صلى الله عليه وسلم- «إيماناً» أخرج به من لم يصمه إيماناً، ولم يقر بصيامه، وإنما صامه هكذا عادة، وقوله «احتساباً»: أخرج به من صامه رياءً وسمعة، فمن صامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن هنا أؤكد على أنه ينبغى على كل من صام رمضان وقامه أن يتحقق فيه هذا الشرط «إيمانا واحتسابا» أى مصدقًا بفرضية الصيام، وراغبًا فى ثوابه، طيبة نفسه بالصيام، غير كاره لصيامه ولا مستثقل لقيامه، وبعض الناس يصوم ويقوم عادة لأنه رأى الناس يفعلون ذلك، وهذا خطأ، فإنَّه لا تُنال هذه الأجور العظيمة إلا بإِخلاص وابتغاء ثواب الله وجزائه.
وماذا تقول لمن يهمل طوال رمضان، ويترقب ليلة القدر؟استنادا لقوله صلى الله عليه وسلم «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»؟
قيام ليلة القدر ليس المقصود من إقامتها القيام فيها فقط، إنما المقصود قيام مع موافقة، أى استبانت له بعلامة من علاماتها.فالنبى –صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يقم ليلة القدر إيماناً واحتساباً فيوافقها غفر له ما تقدم من ذنبه».
وهنا ننبه إلى أن موافقة ليلة القدر والاجتهاد فيها،إنما هو نوع من الرزق يعطاه من أخلص واجتهد، فإدراك ليلة القدر ليس مصادفة، ولكنه ثمرة جهد وطاعة وصدق نية وتعلق بالله سبحانه وتعالى، فهى مكافأة للعبد على تعلقه بربه وترقبه طوال العام، ثم اجتهاده طوال شهر رمضان، لاسيما العشر الأواخر، طمعا ورجاء، وأملا فى أن يغفر الله له، وهذه الليلة المباركة لن ينالها خامل كسول بعيد عن أسباب الهداية. لذا فمن أراد أن يدرك ليلة القدر فليستعد لها مع استعداده لرمضان، فالصحابة كانوا يستعدون لرمضان قبل قدومه بستة أشهر، وليحرص على اغتنام جميع ليالى رمضان فى القيام والذكر والتقرب إلى الله، وحينئذ لا يشغله أى الليالى كانت: خمسا وعشرين، أم سبعا وعشرين، أم تسعا وعشرين؟
الجميع يركز على تلاوة القرآن فى رمضان، وينشغلون بعدد الختمات، ولا يهم الفهم والتدبر.. ما تعليقكم؟
من هدى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- مدارسة القرآن فى رمضان، فهو وسيلة عظيمة لشفاء القلوب وهدايتها، وعلى قدر صلة المسلم بالقرآن تكون صلته بالله.. قال صلى الله عليه وسلم: «أبشروا!! فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبداً» هذه الوسيلة العظيمة لن تحقق مقصودها ولن تكون هدى وشفاءً ونوراً إلا إذا تعاملنا معها بالشكل الذى يريده الله عز وجل.
لقد نزل القرآن لنتدبره ونستخرج منه ما ينفعنا لا لنقرأه بألسنتنا فقط، قال تعالى: «كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ» قال بعض السلف: لا يجالس أحد القرآن ويقوم سالما إما أن يربح أو يخسر قال تعالى: «وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا» لقد قرأنا القرآن بألسنتنا قبل ذلك مرات ومرات، وكان هم الواحد منا الانتهاء من ختمه، بل وكان بعضنا يتنافس فى عدد المرات التى يختمه فيها وبخاصة فى رمضان، فأى استفادة حقيقية استفدناها من ذلك؟! ماذا غير فينا القرآن؟! إن القراءة باللسان فقط - دون حضور القلب - كالنخالة كبيرة الحجم قليلة الفائدة، وهذا ما كان يؤكده الصالحون على مر العصور، قال على رضى الله عنه: لا خير فى قراءة ليس فيها تدبر، وقال الحسن، كيف يرق قلبك وإنما همك أخر السورة؟ ويؤكد هذا المعنى ابن القيم فيقول رحمه الله: لا شىء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر، فإنه جامع لجميع منازل السائرين، وأحوال العالمين، ومقامات العارفين.. فلو علم الناس ما فى قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواه، فقراءة آية بتفكر خير من ختمة بغير تدبر وتفهم.
برأيكم ما أخطر ما يذهب بأجر الصائم ويضيع عليه صيامه؟
بعض الناس يصومون عما أحل الله ويفطرون على ما حرم الله، فيصومون عن الأكل والشرب والجماع، لكنهم يرتكبون أشياء محرمةً، مثل الغيبة والنميمة واللغو والخوض فى أعراض الناس وشهادة الزور والكذب، والسب والشتم وغيرها من المحرمات، سواء أكانت قوليةً أم فعلية.. وهذا لا شك أنه انتكاس فى مفهوم الصيام؛ لأن الصوم تربية، وليس من المعقول أن يربيك الله تعالى على ترك بعض المباح، ثم تذهب لترتكب أشياءً محرمةً فى الصوم.
لذا تعد الجوارح، خاصة اللسان، من أخطر ما يهدد الصيام، وخطر اللسان ليس فى أنه يضيع أجر الصيام فحسب، بل إنه يلقى بصاحبه فى النار، ففى حديث النبى صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟!».
ما الفرق بين الحديث النبوى والقدسى؟
الحديث القدسى هو كل قول نسبه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل من غير القرآن، وسمى حديثا: لأنه من أخبار النبى صلى الله عليه وسلم،ومن حكايته له عن ربه. وسمى قدسيا: لأنه أسند إلى الله تعالى من حيث أنه المتكلم به والمنشىء له، فنسبته إليه سبحانه نسبة إنشاء، ويسمى بالحديث الإلهى أو الربانى أو القدسى. وعند رواية الحديث القدسى نقول:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه،وهذه عبارة السلف، أو أن نقول: قال الله تعالى فيما رواه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه عبارة الخلف.
أما الحديث النبوى فهو كل ما جاء عن النبى من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.
وما الفرق بين الحديث القدسى والقرآن الكريم؟
القرآن الكريم لفظه ومعناه من عند الله عز وجل، أما الحديث القدسى فإن معناه من عند الله ولفظه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
القرآن تحرم روايته بالمعنى، أما الأحاديث القدسية فتجوز روايتها بالمعنى.
القرآن يتعبد بتلاوته، والأحاديث القدسية لا يتعبد بها.. القرآن لا يكون إلا بوحى جلى، أما الأحاديث القدسية فقد تكون بوحى خفى كالإلهام والمنام.
القرآن معجز للإنس والجن محفوظ من التبديل والتغيير، والأحاديث القدسية ليست كذلك. القرآن الكريم حوى الأمور الشرعية والأحكام صغيرها وكبيرها، أما الحديث القدسى ففى الغالب يتحدث فيما يتعلق بتنزيه ذاته تعالى وصفاته الجلالية والجمالية وبيان سلطانه وقدرته.