شيخة رواية
03-12-2021, 06:55 AM
خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام
إذن تزايد عدد المسلمين، وما زالت القاعدة الأصيلة التي تحكم الاختيار هي: "خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا". ولم تكن تحكمهم أي قاعدة من القواعد التي اخترعها الناس للتفرقة بين البشر كالعرق، والمال، والجنس، وغير ذلك؛ لأن هذه القواعد في الواقع قواعد ظالمة؛ لأن البشر لا يملكون شيئًا بحيالها، والله سبحانه يحبُّ العدل المطلق الذي لا ظلم فيه، ولا تكون المفاضلة بين الناس إلا بأمور يستطيعون تغييرها؛ ولذلك يقول الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. والتقوى شيء مكتسب، فالمرء يستطيع أن يتحوَّل من غير تقي إلى تقي، وكذلك الأخلاق الحسنة، فإنها كذلك أمر مكتسب، مع أن لها جذورًا فطرية، فقد يكون الإنسان مجبولاً على الصدق، أو على الكرم؛ لكنها في النهاية أمر مكتسب، فيستطيع المرء -إذا أراد- أن يتحوَّل من كاذب إلى صادق، أو من خائن إلى وفي، أو من جبان إلى شجاع، وهكذا.. كذلك الكفاءة، فالمرء يستطيع أن يكتسب مهارة أو حرفة ما، فيَفْضُل بها غيرَه، ومن الأمور الخطيرة في الإسلام أن يُوَسَّد الأمر لغير أهله، أي لمن تنقصه الكفاءة؛ لذلك ففي هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الدعوة لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ينتقي الناس بقواعد ظالمة لا دخل للإنسان فيها، ولا يستطيع تغييرها إن أراد، إنما كان الاختيار فقط على ما ذكرناه من أمور يمكن فيها التفاضل والتمايز.
المساواة بين الجميع
ولهذا السبب رأينا تنوُّعًا عجيبًا في هذه المجموعة الأولى من مجموعات الإسلام، وقلَّ –أو لعله عُدِمَ- في هذا الزمان أن تجد تجمعًا يضمُّ مثل هذه الأطياف!
فعلى سبيل المثال، لم يكن هناك فرق في هذه المجموعة بين الأحرار والعبيد، فالكل أولاد آدم عليه السلام، والكل سواسية؛ بل قد يسبق العبدُ الحرَّ في مجال الأخلاق والتقوى والكفاءة؛ ولذلك وجَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته إلى العبيد كما وجهها إلى السادة، وهذا شيء مستغرب جدًّا في البيئة المكية القديمة، وهو مستغرب إلى الآن، ونحن لا نستوعب في زماننا الآن أن يجلس الوزير إلى جوار الغفير في طعام أو لقاء أو سفر، ولا نستوعب أن يُقدَّم الغفير على الوزير إذا كان أعلم وأكفأ وأقدر على إدارة الأمور؛ لكن هذا ما حدث في هذه الأيام الأولى للإسلام، والواقع أنه لم يُعْطِ قانون ولا دستور للإنسان حقَّه مثلما فعل الإسلام. ولقد رأينا بين المسلمين أبا بكر الصديق وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وعثمان بن عفان وسعيد بن زيد وغيرهم، وهؤلاء جميعًا من أشراف مكة، ورأينا كذلك العبيد والموالي أمثال بلال بن رباح وعامر بن فهيرة وزيد بن حارثة وعبد الله بن مسعود وغيرهم، وليس هذا إلا في دين الإسلام.
كذلك لم يكن هناك فرق بين الغني والفقير؛ فالمال لا يصلح للمفاضلة بين الناس، والله عز وجل يرزق من يشاء بغير حساب، بينما يُضَيِّق على آخرين لحكمةٍ يعلمها سبحانه؛ قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 30]، فالأوائل الذين أسلموا كان فيهم الأغنياء واسعو الثراء؛ كالصديق وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، وكان منهم الفقراء شديدو الفقر؛ مثل: عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وسمية بنت خياط وخباب بن الأرت.
إذن تزايد عدد المسلمين، وما زالت القاعدة الأصيلة التي تحكم الاختيار هي: "خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا". ولم تكن تحكمهم أي قاعدة من القواعد التي اخترعها الناس للتفرقة بين البشر كالعرق، والمال، والجنس، وغير ذلك؛ لأن هذه القواعد في الواقع قواعد ظالمة؛ لأن البشر لا يملكون شيئًا بحيالها، والله سبحانه يحبُّ العدل المطلق الذي لا ظلم فيه، ولا تكون المفاضلة بين الناس إلا بأمور يستطيعون تغييرها؛ ولذلك يقول الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. والتقوى شيء مكتسب، فالمرء يستطيع أن يتحوَّل من غير تقي إلى تقي، وكذلك الأخلاق الحسنة، فإنها كذلك أمر مكتسب، مع أن لها جذورًا فطرية، فقد يكون الإنسان مجبولاً على الصدق، أو على الكرم؛ لكنها في النهاية أمر مكتسب، فيستطيع المرء -إذا أراد- أن يتحوَّل من كاذب إلى صادق، أو من خائن إلى وفي، أو من جبان إلى شجاع، وهكذا.. كذلك الكفاءة، فالمرء يستطيع أن يكتسب مهارة أو حرفة ما، فيَفْضُل بها غيرَه، ومن الأمور الخطيرة في الإسلام أن يُوَسَّد الأمر لغير أهله، أي لمن تنقصه الكفاءة؛ لذلك ففي هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الدعوة لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ينتقي الناس بقواعد ظالمة لا دخل للإنسان فيها، ولا يستطيع تغييرها إن أراد، إنما كان الاختيار فقط على ما ذكرناه من أمور يمكن فيها التفاضل والتمايز.
المساواة بين الجميع
ولهذا السبب رأينا تنوُّعًا عجيبًا في هذه المجموعة الأولى من مجموعات الإسلام، وقلَّ –أو لعله عُدِمَ- في هذا الزمان أن تجد تجمعًا يضمُّ مثل هذه الأطياف!
فعلى سبيل المثال، لم يكن هناك فرق في هذه المجموعة بين الأحرار والعبيد، فالكل أولاد آدم عليه السلام، والكل سواسية؛ بل قد يسبق العبدُ الحرَّ في مجال الأخلاق والتقوى والكفاءة؛ ولذلك وجَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته إلى العبيد كما وجهها إلى السادة، وهذا شيء مستغرب جدًّا في البيئة المكية القديمة، وهو مستغرب إلى الآن، ونحن لا نستوعب في زماننا الآن أن يجلس الوزير إلى جوار الغفير في طعام أو لقاء أو سفر، ولا نستوعب أن يُقدَّم الغفير على الوزير إذا كان أعلم وأكفأ وأقدر على إدارة الأمور؛ لكن هذا ما حدث في هذه الأيام الأولى للإسلام، والواقع أنه لم يُعْطِ قانون ولا دستور للإنسان حقَّه مثلما فعل الإسلام. ولقد رأينا بين المسلمين أبا بكر الصديق وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وعثمان بن عفان وسعيد بن زيد وغيرهم، وهؤلاء جميعًا من أشراف مكة، ورأينا كذلك العبيد والموالي أمثال بلال بن رباح وعامر بن فهيرة وزيد بن حارثة وعبد الله بن مسعود وغيرهم، وليس هذا إلا في دين الإسلام.
كذلك لم يكن هناك فرق بين الغني والفقير؛ فالمال لا يصلح للمفاضلة بين الناس، والله عز وجل يرزق من يشاء بغير حساب، بينما يُضَيِّق على آخرين لحكمةٍ يعلمها سبحانه؛ قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 30]، فالأوائل الذين أسلموا كان فيهم الأغنياء واسعو الثراء؛ كالصديق وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، وكان منهم الفقراء شديدو الفقر؛ مثل: عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وسمية بنت خياط وخباب بن الأرت.