بنت الشام
03-05-2021, 03:15 PM
التسامح يعود مَعنى التَسامح في اللُّغةِ العَربيَّةِ، إلى مَعنى الجُودِ، وَيُقابلهُ في الاصطلاحِ الشرعيَّ، العفو عَن الشَخصِ المُسيئ، أو الظَالِمِ، فَيَكونُ المَظلوم قَدْ جَادَ على الظَالمِ، بِأنَّهُ عَفا عَنهُ وَتَنَازَلَ عَنْ حَقِهِ، وَهُوَ خُلقٌ إسلاميٌّ رَفِيعٌ، حَثَّ الإِسلامُ عَليهِ، حيثُ قالَ اللهُ تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}،[١] والإسلام رّغَّب بالتَسامح، أَيْ بِالعفوِ، وَهُو جائزٌ بلا ضَوابِطَ، ولا حُدود، وَيُعَدُ العَفوَ هوَ الأفضَل، في غَالِبِ المواطِنِ التي تحتاجُ ذَلِكَ، وهناكَ حالاتٌ لا يُفَضَّلُ فيها العفوَ على تركِ الحقوق، ويأتي التسامحُ أيضًا بِمعنى الكَرَمِ، ويُعرفُ الإسلام دين التسامح، بحثِهِ عليهِ والترغِّيب فيهِ.[٢] الإسلام دين التسامح يُعَدُ الإسلام دين التسامح، فَقَدْ دَعَا اللهُ -تَعالى- للتسامُحِ، في آياتٍ عديدةٍ مِنَ القُرآن الكَريم، ورَّغَّبَ بِهِ رَسولُ الله، وَكَانَ تَطبيقُهُ للتسامُحِ جَليًا في سيرَتِهِ، وَحَثَّ الإِسلامُ على العفوِ عندَ المقدرةِ عَليهِا، وَجَعَلَ التسامح أَيْ عَفو الإنسان والصفحَ عمن أساءَ إليهِ، خلقٌ إسلاميٌ، نبيلٌ وعدَّ ذلكَ تساميًا عن الدنيا، وترفُعًا عنها، ودليلُ ذلك ما قالهَ تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}،[٣] وَغيرها الكَثيرُ مِنَ الآياتِ التي دَعَتْ المُسلمينَ للتسامُحِ، ومِن صُورِ سَماحةِ الإسلام وَتسامُحِهِ، أنَّهُ جعلَ أهلُ الذّمَةِ الذين يَعيشُونَ مَعَ المُسلمينَ، يُمارسونَ دِيانَتَهُم، دُونَ التعرُضِ لهم بأيِ أذى، وَتركِهِم على دينِهِم، وَكَذلِكَ عَدم مَنعِهِ صِلَّة غَيرِ المُسلمين، ما لم يكونوا في حربٍ مَعَ المُسلمين، حيثُ قال الله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.[٤] ومما يَدُلُ على أنَّ الإسلام دين التسامح، هو مُعاملةُ المُسلمينَ لِغيرِهِم، ممن لا يَدينونَ بالإسلامِ بكل إحسان، فكانوا يُحسِنونَ إليهم وَيعدِلونَ في أحكامِهم تِجَاهَهُم، كما ويبيح الإسلام طعام وذبائِحِ أهلِ الكتاب للمسلمين، كما ويأمر بِحسنِ جدالِهم والرِّفقَ في التعامُلِ مَعَهُم وَدعوَتِهم للإسلامِ، ومن عظيمِ صُورِ السماحةِ في الإسلامِ، هو أمرُ اللهِ لنبيهِ، أَنْ يَنشُرَ الدين الإسلاميَّ ويُبلِغَ النّاسَ بدعوةِ الله، من غير أنْ يحملَ النّاس على ذَلِكَ بالقوةِ، حيثُ قال الله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}،[٥] وظهرَ التسامحُ جليًا عِندَ رَسولِ الله لمّا عفا عن أَهلِ مَكةَ يومَ الفتحِ، مع أنّهُ تعرضَ للإيذاءِ منهم. وأجازَ الإسلامُ ردَّ الإساءةِ بمثلها، ولكن جعلَ الأمثلَ والأفضَلَ هو العفو والإحسانَ للمُسيئ، حيثُ قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}،[١] فبينَ الله المنهج وهو أنَّ السيئة تُردُ بسيئةٍ مثلها، ثم بينَ الأمثلَ في ذلك، وهو العفو، وكَما أَمَرَ الله رسوله أَنْ يُحسنَ في مُعاملَتِهِ للنّاسِ، وَيتواضَعَ لَهُم.[٦] آثار التسامح في المجتمع الإسلامي يُعدّ التسامح قيمة إجتماعيَّة عظيمة، كما ولَهُ آثارٌ عديدةٌ، تعودُ على المجتمعِ الإسلاميِّ بالنفعِ والفائدةِ، فالمتسامح مع النّاس، يجعل الناس متسامحةً معهُ، فتسود الأُلفةُ والودُّ في المجتمعِ، وَمن آثارِ التسامح على المجتمع ما يأتي:[٧] إزالةُ الحقدِ والكراهيَّةِ مِن نُفوسِ النّاسِ، وَتطهيرِ القُلوبِ وتنقِيَتِها، مما يُساعدُ على وجودِ مبدأ التكافلِ في المجتمعِ. وجودُ التسامحِ في المجتمعِ الإسلاميِّ، يُساعد على نشرِ المحبةِ والأُلفةِ في المجتمعِ. يؤثر التسامحُ في المجتمعِ، من خلال صِلَّةِ الرَّحمِ؛ فالتسامح يوصلُ للمحبةِ والمودةِ ويساعدُ على التواصُلِ الدائمِ بينَ أفرادِ المُجتمعِ.