المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النفس المطمئنة


نور القمر
12-30-2020, 02:38 PM
الحمدُ لله خلق النفس فسواها، وألهمها فجورها وتقواها، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له رب الخلائق ومولاها، وأشهد أن محمدًا أزكى البرية وأتقاها، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ما بزغت شمس بضحاها.. أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله؛ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [البقرة: 278].



أيها المؤمنون!

طيب حال النفس إنما يكون بقدر ما قام فيها من طمأنينة، تسكب فيها السكينة والهدوء والاستقرار. وذاك الحال أبلغ حال تصل النفوس إليه. فما حقيقة تلك الطمأنينة؟ وما أثرها على النفس؟ وما سبل تحصيلها؟



النفس المطمئنة – كما قال ابن القيم -: نفس قد سكنت إلى ربها وطاعته وأمره وذكره، ولم تسكن إلى ما سواه، فقد اطمأنت إلى محبته وعبوديته وذكره، واطمأنت إلى أمره ونهيه وخبره، واطمأنت إلى لقائه ووعده، واطمأنت إلى التصديق بحقائق أسمائه وصفاته، واطمأنت إلى الرضى به ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، واطمأنت إلى قضائه وقدره، واطمأنت إلى كفايته وحسَبِه وضمانه، فاطمأنت بأنه وحده ربها وإلهها ومعبودها ومليكها ومالك أمرها كله، وأن مرجعها إليه، وأنها لا غنى لها عنه طرفة عين!



أيها المسلمون!

متى حلت الطمأنينة في ربوع القلب ترقّى صُعُدًا في معراج الإيمان السامقة، كما قال الله – تعالى -: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الفتح: 4]، وبالطمأنينة اطراد العبودية وغدق الخير في معاصيف الحياة ومباهجها، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم –: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له» رواه مسلم.



وبطمأنينة القلب استجلاء الحقائق عند اشتباه الأمور، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: " الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْك " رواه أحمد وحسنه النووي.



وطمأنينة النفس وسكينتها تكسب القلب القوة والشجاعة وترشد إلى حسن التصرف في أحلك الظروف، كما قال تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ﴾ [الأنفال: 9 – 11]. بل تهديه تلك الطمأنينة إلى قول الحكمة والصواب، كما قال ابن عباس – رضي الله عنهما -: " كنا نتحدث أن السكينة تنطق على لسان عمر وقلبه".



والطمأنينة غنى متى حل في القلب لم يفتقر أبدًا، قال حاتم الأصم: " التوكل طمأنينة القلب بموعود الله تعالى، فإذا كنت مطمئنا بالموعود استغنيت غنى؛ لا تفتقر أبدًا ". وبتلك الطمأنينة تطيب الحياة وتزدان ويطيف بها السرور وإن برّحتها الآلام، يقول الله – تعالى -: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ ﴾ [الرعد: 28 ، 29]، قال ابن عباس: " فرح وقرة عين ". قال يحيى بن معاذ: " لم أجد السرور إلا في ثلاث خصال: التنعم بذكر الله، واليأس من عباد الله، والطمأنينة إلى موعود الله – يعني: في الرزق - ". ومنتهى الفرح الدنيوي للنفس المطمئنة يكون ساعة الاحتضار المريح حين يقال لها – كما جاء في حديث البراء بن عازب -: " اخرجي أيتها الروح المطمئنة! اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان؛ فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء " رواه الحاكم وصححه ابن القيم.



وما تزال تحف البشائر تتوالى على رحاب تلك النفس المطمئنة حتى تبشر بالرضا من الله عليها وبرضاها عن جزاء الله يوم الدين لها وهي ترجع إلى الأجساد التي عمرتها بالعبادة في الدنيا لتساق وفود المتقين إلى الرحمن وجنته، ﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30].



الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله...



أيها المؤمنون!

إن لبلوغ غاية الطمأنينة السامية سبلًا تفضي إليها، قد أوضحتها النصوص، ورغبت في سلوكها. ومن تلك السبل لزوم ذكرِ الله الذي به توجل القلوب، والصبرِ الجميل على المصاب، وإقامةِ الصلاة على ما شرع الله، والسخاءِ بالنفقة الواجبة والمستحبة. وذاك ما رغّب الله إليه في قوله: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ﴾ [الحج: 34] - وهم المطمئنون كما فسره جمع من السلف – ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [الحج: 35]. والصدق سبيل قويم لحلول الطمأنينة في القلب، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبُ رِيبَةٌ» رواه الترمذي وصححه.

:
م/ن

بنت الشام
12-30-2020, 02:44 PM
موضوع رائع ومميز
طرحت فابدعت دمت ودام عطائك
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك
لكـ خالص احترامي

ضامية الشوق
12-30-2020, 03:38 PM
جزاك الله خيرا

الدكتور على حسن
12-30-2020, 03:57 PM
تحياتى وتقديرى وإحترامى
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـا
ربنا يبارك فيك ويسعدك
ويجعله فى ميزان حسناتك يارب
تحياتى وتقديرى وشكرى
الدكتــور علــى
:f15::f15:
:f15:

فرآشه ملآئكيه
12-30-2020, 04:35 PM
سلمت أناملك ع روعة طرحك
وسلم ذوقكـ على حسن الانتـــــــقاااء
بـ إنتظآر جديدك وعذب أطرٌوحآتك

شيخة الزين
12-30-2020, 04:40 PM
الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك...

حكاية حب
12-30-2020, 05:38 PM
جزاكم ربي خير الجزاء
ونفع الله (https://hwazen.com/vb/t361.html)بكم وسدد خطاكم
وجعلكم من أهل جنات النعيم

tarhal
12-30-2020, 08:27 PM



طرح قيم
تسلم

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
12-31-2020, 04:42 AM
,,~

جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..،
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْت بــِطآعَة الله ..~

,,~

الأمير
12-31-2020, 07:35 AM
الف شكر لموآفآتنا بكل جديد
سلمتم ودآم عطآئكم الوهآج
الله يعطيك الصحة والعآفية
https://f.top4top.io/p_17417y5wt0.jpg (https://top4top.io/)

شيخة رواية
12-31-2020, 11:20 AM
:f15:
موضوع في قمة الخيااال
طرحت فابدعت
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
:f15:

نور القمر
12-31-2020, 02:43 PM
منورين بمروركم العطر

هالة
01-01-2021, 08:19 AM
سلمت أناملك ع الطرح
وسلم ذوقكـ على حسن الانتـــــــقاااء
بـ إنتظآر جديدك وعذب أطرٌوحآتك
كل الوووود

خالد الشاعر
01-01-2021, 08:54 AM
جزاكى الله خير وجعله بموازين حسناتكِ
لا عدمناا حضووركِ
لروحكِ احترامي وتقديري

شيخة رواية
01-01-2021, 09:23 AM
:f15:
موضوع في قمة الخيااال
طرحت فابدعت
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
:f15:

نور القمر
01-01-2021, 01:57 PM
منورين بمروركم العطر

لَـحًـــنِ ♫
01-01-2021, 08:38 PM
طَرحْ رَـاَئعْ ’ مُتْرَفْ ـاَلْرُقَة ..
رَبِي يِعْطِيكْ ـاَلفْ عَافْيَةْ ..
سَلمتِ وَ سلمتْ يمْنَاكْ .
ـاَشْكُرك لْرَوعَة طَرحُكْ يَاعُطْر ..
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’ وَباقاَت وَردْ

http://www.lakii.com/vb/smile/9-77.gifhttp://www.lakii.com/vb/smile/9-77.gif

جوهره
01-01-2021, 11:46 PM
جزاك الله كل خير
طرح رائع يحمل الخير بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك

نور القمر
01-03-2021, 01:50 PM
سلمت يدآك ع آلطـرح الانتقاء المميز
الله يعطيك العافية يآرب
بـ نتظـآر آلمزيد من هـذآ العطــآء
دمت بكًل خير

نور القمر
01-03-2021, 01:51 PM
منورين بمروركم العطر

شيخة المزايين
01-03-2021, 07:18 PM
جزاك الله خير
جعله الله بميزان حسناتك

ابوصالح S
01-06-2021, 01:42 AM
جزاك الله خير الجزاء
وشكرا لطرحك الهادف و اختيارك القيم
وجعل ما كتب فى موازين حسناتك

روحي تبيك
02-16-2021, 06:37 PM
بارك الله لك وسدد خطاك وأنار قلبك
ورزقك الفردوس الأعلى من الجنـــــة
لك شكري وتقديري

Şøķåŕą
06-02-2022, 05:54 AM
سلمت الأيادي ..
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء
لروحك جنائن الورد .

Şøķåŕą
10-10-2024, 02:59 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير