إميلي.
12-10-2020, 02:37 PM
ان الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
أمَّا بعدُ:
حديثي معكم في هذه الخطبة استكمال لما بدأت به في الجمع الماضية في بيان بعض شمائل النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يتعلق بشؤون حياته الدنيوية، ففي هذه الخطبة أذكر ما وقفت عليه مما صح في شراب النبي صلى الله عليه وسلم وطريقة شربه صلى الله عليه وسلم، وبعض الأحكام المتعلقة بالشراب.
النبي صلى الله عليه وسلم يشرب الماء أحيانًا خالصًا، وأحيانًا مخلوطًا مع غيره من الطيبات، فكان النبي صلى يشرب النبيذ، والنبيذ ماء يجعل فيه التمر أو الزبيب، ثم يشرب بعد أن يكون حلوًا بتحلل التمر والزبيب فيه، فعن ابن عباس: قال: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنْقَعُ لَهُ الزَّبِيبُ، فَيَشْرَبُهُ الْيَوْمَ وَالْغَدَ وَبَعْدَ الْغَدِ إِلَى مَسَاءِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِ، فَيُسْقَى أَوْ يُهَرَاقُ))؛ رواه مسلم (2004)، فلا يشربه إذا قارب الغليان.
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُرْسِهِ، وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ وَهِيَ الْعَرُوسُ، قَالَ سَهْلٌ: تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنْ اللَّيْلِ، فَلَمَّا أَكَلَ سَقَتْهُ إِيَّاهُ"؛ رواه البخاري (5176)، ومسلم (2006)، فالفاكهة ليست موجودة في المدينة، فكان عصير النبي صلى الله عليه وسلم النبيذ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب العسل؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ"؛ رواه البخاري (5431)، ومسلم (1474)، فيشرب العسل خالصًا أحيانًا، ويخلط مع الماء أحياناً، والله أعلم.
ويشرب النبي صلى الله عليه وسلم الماء مخلوطًا بالسويق، فيفطر عليه؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتْ الشَّمْسُ، قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ: يَا فُلَانُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ، قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَوْ أَمْسَيْتَ، قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا، قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا قَالَ انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا، فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمْ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ"؛ رواه البخاري (1955)، ومسلم (1101)، والجدْح: خلْط السويق بالماء، والسويق بُر أو شعير يُحمَّص، ثم يُخلَط مع تمر أو غيره.
وشرب النبي صلى الله عليه وسلم الحليب مخلوطًا مع الماء، وغير مخلوط، ويأتي.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب أطيب الماء الموجود وأحلاه، فتارة يشرب من آبار المدينة الحلوة؛ ففي حديث أنس في تصدق أبي طلحة ببَيْرُحَاءَ قال أنس: "كَانَ أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ"؛ الحديث رواه البخاري (5611)، ومسلم (998).
وتارة يرسل النبي صلى الله عليه وسلم من يأتي له بالماء العذب من المكان البعيد؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسْتَعْذَبُ لَهُ الْمَاءُ مِنْ بُيُوتِ السُّقْيَا"؛ رواه أبو داود (3735)، وصحَّحه ابن حِبَّان (5332)، والحاكم (4/154)، وجوَّد إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح (10/74).
قال قتيبة بن سعيد أحد رواة الحديث بيوت السقيا: عين بينها وبين المدينة يومان؛ أي: في سير الجمال ونحوها؛ قال الحافظ ابن حجر في الفتح (10/7475)، قال ابن بطال: استعذاب الماء لا ينافي الزهد، ولا يدخل في الترفه المذموم ...، وليس في شرب الماء الملح فضيلة.
فالنبي صلى الله عليه وسلم ينقل له الماء من مسافات طويلة تارة لأجل التمتع بشربه، وتارة لنيل البركة التي جعلها الله فيه، فكان ينقل له ماء زمزم وهو في المدينة؛ فعن عروة بن الزبير قال: "إِنَّ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - حَمَلَتْ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فِي الْقَوَارِيرِ لِلْمَرْضَى، وَقَالَتْ: حَمَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَدْوَاءِ وَالْقِرَبِ، وَكَانَ يَصُبُّهُ عَلَى الْمَرْضَى، وَيَسْقِيهِمْ"؛ رواه الفاكهي في أخبار مكة (1126) - واللفظ له - والترمذي (963)، وإسناده حسن لشاهده من مرسل عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي حسين، قال: إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه يَسْتَهْدِيهِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِرَاوِيَةٍ أَوْ رَاوِيَتَيْنِ"؛ رواه عبدالرزاق (9127)، والفاكهي في أخبار مكة (1123)، والأزرقي في أخبار مكة (2/51) بإسناد صحيح.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبرد له الماءُ ونحوه في القربة؛ فعن ثُمَامَةُ بْنَ حَزْنٍ الْقُشَيْرِيَّ - قَالَ لَقِيتُ عَائِشَةَ، فَسَأَلْتُهَا عَنِ النَّبِيذِ، فَدَعَتْ عَائِشَةُ جَارِيَةً حَبَشِيَّةً، فَقَالَتْ: سَلْ هَذِهِ؛ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتِ الْحَبَشِيَّةُ: كُنْتُ أَنْبِذُ لَهُ فِي سِقَاءٍ مِنَ اللَّيْلِ وَأُوكِيهِ وَأُعَلِّقُهُ، فَإِذَا أَصْبَحَ شَرِبَ مِنْهُ"؛ رواه مسلم (2005)، وربما خلط الحليب بالماء؛ ليبرده إذا شرِبه بعد حلْبه.
أمَّا بعدُ:
حديثي معكم في هذه الخطبة استكمال لما بدأت به في الجمع الماضية في بيان بعض شمائل النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يتعلق بشؤون حياته الدنيوية، ففي هذه الخطبة أذكر ما وقفت عليه مما صح في شراب النبي صلى الله عليه وسلم وطريقة شربه صلى الله عليه وسلم، وبعض الأحكام المتعلقة بالشراب.
النبي صلى الله عليه وسلم يشرب الماء أحيانًا خالصًا، وأحيانًا مخلوطًا مع غيره من الطيبات، فكان النبي صلى يشرب النبيذ، والنبيذ ماء يجعل فيه التمر أو الزبيب، ثم يشرب بعد أن يكون حلوًا بتحلل التمر والزبيب فيه، فعن ابن عباس: قال: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنْقَعُ لَهُ الزَّبِيبُ، فَيَشْرَبُهُ الْيَوْمَ وَالْغَدَ وَبَعْدَ الْغَدِ إِلَى مَسَاءِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِ، فَيُسْقَى أَوْ يُهَرَاقُ))؛ رواه مسلم (2004)، فلا يشربه إذا قارب الغليان.
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُرْسِهِ، وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ وَهِيَ الْعَرُوسُ، قَالَ سَهْلٌ: تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنْ اللَّيْلِ، فَلَمَّا أَكَلَ سَقَتْهُ إِيَّاهُ"؛ رواه البخاري (5176)، ومسلم (2006)، فالفاكهة ليست موجودة في المدينة، فكان عصير النبي صلى الله عليه وسلم النبيذ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب العسل؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ"؛ رواه البخاري (5431)، ومسلم (1474)، فيشرب العسل خالصًا أحيانًا، ويخلط مع الماء أحياناً، والله أعلم.
ويشرب النبي صلى الله عليه وسلم الماء مخلوطًا بالسويق، فيفطر عليه؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتْ الشَّمْسُ، قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ: يَا فُلَانُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ، قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَوْ أَمْسَيْتَ، قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا، قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا قَالَ انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا، فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمْ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ"؛ رواه البخاري (1955)، ومسلم (1101)، والجدْح: خلْط السويق بالماء، والسويق بُر أو شعير يُحمَّص، ثم يُخلَط مع تمر أو غيره.
وشرب النبي صلى الله عليه وسلم الحليب مخلوطًا مع الماء، وغير مخلوط، ويأتي.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب أطيب الماء الموجود وأحلاه، فتارة يشرب من آبار المدينة الحلوة؛ ففي حديث أنس في تصدق أبي طلحة ببَيْرُحَاءَ قال أنس: "كَانَ أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ"؛ الحديث رواه البخاري (5611)، ومسلم (998).
وتارة يرسل النبي صلى الله عليه وسلم من يأتي له بالماء العذب من المكان البعيد؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسْتَعْذَبُ لَهُ الْمَاءُ مِنْ بُيُوتِ السُّقْيَا"؛ رواه أبو داود (3735)، وصحَّحه ابن حِبَّان (5332)، والحاكم (4/154)، وجوَّد إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح (10/74).
قال قتيبة بن سعيد أحد رواة الحديث بيوت السقيا: عين بينها وبين المدينة يومان؛ أي: في سير الجمال ونحوها؛ قال الحافظ ابن حجر في الفتح (10/7475)، قال ابن بطال: استعذاب الماء لا ينافي الزهد، ولا يدخل في الترفه المذموم ...، وليس في شرب الماء الملح فضيلة.
فالنبي صلى الله عليه وسلم ينقل له الماء من مسافات طويلة تارة لأجل التمتع بشربه، وتارة لنيل البركة التي جعلها الله فيه، فكان ينقل له ماء زمزم وهو في المدينة؛ فعن عروة بن الزبير قال: "إِنَّ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - حَمَلَتْ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فِي الْقَوَارِيرِ لِلْمَرْضَى، وَقَالَتْ: حَمَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَدْوَاءِ وَالْقِرَبِ، وَكَانَ يَصُبُّهُ عَلَى الْمَرْضَى، وَيَسْقِيهِمْ"؛ رواه الفاكهي في أخبار مكة (1126) - واللفظ له - والترمذي (963)، وإسناده حسن لشاهده من مرسل عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي حسين، قال: إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه يَسْتَهْدِيهِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِرَاوِيَةٍ أَوْ رَاوِيَتَيْنِ"؛ رواه عبدالرزاق (9127)، والفاكهي في أخبار مكة (1123)، والأزرقي في أخبار مكة (2/51) بإسناد صحيح.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبرد له الماءُ ونحوه في القربة؛ فعن ثُمَامَةُ بْنَ حَزْنٍ الْقُشَيْرِيَّ - قَالَ لَقِيتُ عَائِشَةَ، فَسَأَلْتُهَا عَنِ النَّبِيذِ، فَدَعَتْ عَائِشَةُ جَارِيَةً حَبَشِيَّةً، فَقَالَتْ: سَلْ هَذِهِ؛ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتِ الْحَبَشِيَّةُ: كُنْتُ أَنْبِذُ لَهُ فِي سِقَاءٍ مِنَ اللَّيْلِ وَأُوكِيهِ وَأُعَلِّقُهُ، فَإِذَا أَصْبَحَ شَرِبَ مِنْهُ"؛ رواه مسلم (2005)، وربما خلط الحليب بالماء؛ ليبرده إذا شرِبه بعد حلْبه.