هي ام جميل بنت حرب بن أمية زوجة أبي لهب، واخت ابي سفيان، حمالة الحطب، اسمها العوراء،
سميت بذلك لانها كانت غاية في الجمال، لكن فعلها لم يكن كذلك.
كانت تؤذي رسول الله صل الله عليه وسلم بلسانها وبفعلها، فمن ايذائها لرسول الله صل الله عليه وسلم بلسانها ما رواه الحاكم، عن اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنها قالت: لما نزلت: (تبت يدا أبي لهب وتب) اقبلت العوراء ام جميل بنت حرب ولها ولولة، وفي يدها فهر (حجر) وهي تقول:
مذمما عصينا وامره أبينا ودينه قلينا
النبي الله صل الله عليه وسلم جالس في المسجد، ومعه أبوبكر، فلما رآها أبوبكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله، قد أقبلت، وأنا أخاف ان تراك.
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : «انها لن تراني».
وقرأ رسول الله صل الله عليه وسلم قرآنا، فاعتصم به كما قال، وقرأ: (واذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ـ الاسراء: 45).
فوقفت على أبي بكر رضي الله عنه، ولم تر ا رسول الله صل الله عليه وسلم ، فقالت: يا أبا بكر، اين صاحبك؟ اني اخبرت ان صاحبك هجاني، والله لو وجدته لضربته بهذا الحجر والله اني لشاعرة.
فلما انصرفت قال ابوبكر رضي الله عنه: يا رسول الله اما رأتك؟ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: «ما رأتني لقد أخذ الله بصرها عني» (رواه الحاكم).
وفي صحيح البخاري، عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «الا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمما ويلعنون مذمما، وانا محمد».
واما ايذاؤها لرسول الله صل الله عليه وسلم بفعلها فقد كانت اللعينة تحمل الشوك وتطرحه على طريق رسول الله صل الله عليه وسلم، ولذلك سماها الله عز وجل حمالة الحطب. قال تعالى: (تبت يدا ابي لهب) اي: خسرت وخابت وضل عمله وسعيه، (وتب) اي: وقد تب تحقق خسارته وهلاكه.
وقوله تعالى: (سيصلى نارا ذات لهب) اي: ذات شرر ولهب واحراق شديد. (وامرأته حمالة الحطب) وكانت زوجته من سادات نساء قريش، وهي «ام جميل» واسمها: «أروى بنت حرب بن أمية» وهي اخت ابي سفيان، وكانت عونا لزوجها على كفره وجحوده وعناده، فلهذا تكون يوم القيامة عونا عليه في عذابه في نار جهنم، ولهذا قال تعالى: (حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد) يعني: تحمل الحطب فتلقي على زوجها ليزداد على ما هو فيه، هي مهيأة لذلك مستعدة له (في جيدها حبل من مسد) قال مجاهد: من مسد النار، وعن مجاهد وعكرمة (حمالة الحطب) كانت تمشي بالنميمة «واختاره ابن جرير»، وقال ابن عباس والضحاك: كانت تضع الشوك في طريق رسول الله صل الله عليه وسلم وقال سعيد بن المسيب: كانت لها قلادة فاخرة، فقالت: لانفقنها في عداوة محمد، فأعقبها الله منها حبلا في جيدها من مسد النار، والمسد الليف،
وقيل: هو قلادة من نار طولها سبعون ذراعا، قال الجوهري: المسد: الليف، والمسد ايضا: حبل من ليف او خوص،
وقال مجاهد: حبل من مسد اي: طوق من حديد.
قال ابن كثير: وقد قال بعض اهل العلم في قوله تعالى: (في جيدها حبل من مسد) اي: في عنقها حبل من نار جهنم ترفع به الى شفيرها، ثم ترمى الى اسفلها، ثم لاتزال كذلك دائما.