قطوفُ الخيرِ والجمالِ ،
في الْقُرْآنِ الكريمِ ،
ولما كانَ جمالُ الكلامِ ،
ينبعُ من جمالِ المتكلمِ ،
ولما كانَ الْقُرْآنُ الكريمُ ،
كلامَ اللهِ تَعَالَى،
فإنَّ جمالَ الْقُرْآنِ الكريمِ ،
يفوقُ كُلَّ جمالٍ ..
عندما تتكررُ الحروفُ علي لسانِ البشرِ،
نشعرُ بالضيقِ والمللِ،
وعندما تتكررُ في الْقُرْآنِ الكريمِ،
نستمتعُ بموسيقي عجيبةٍ،
وسيمفونيةٍ إبداعيةٍ،
تُطرِبُ الآذانَ. ليسَ عجباً!
فهَذَا كلامُ الناسِ،
أما ذاكَ، فكلامُ ربِ الناسِ،
سُبْحَانَه وَتَعَالَى..
انظرْ إلى قَوْلِهِ تَعَالَى:
«قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ
وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ
سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ .. »
وفيها تكررَ حرفُ الميمِ،
ستَ عشرةَ مرةً !
ورغمَ ذلكَ،
لا يشعرُ القارئُّ بشئٍّ من الصعوبةِ،
عندَ النُطقِ،
ولا عندَ الاستماعِ،
بل يزدادُ استمتاعاً !
ثم انظرْ إلى قَوْلِهِ تَعَالَى:
«وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ
إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ
مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ
قَالَ لأقْتُلَنَّكَ قَالَ
إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ .. »
وفيها تكررَ حرفُ القافِ،
عَشْرَ مراتٍ !
ورغمَ شدةِ الحرفِ،
وقوتِه، وقلقلتِه، وجهرِه،
واستعلائِه، لايشعرُ القارئُّ
إلا بسهولةِ النُطقِ ، وسلاسةِ اللفظِ.
وصدقَ اللهُ تعالى:
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ
فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ..
جَاءَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ،
إِلَى رَسُولِ اللهِ ، صلى اللهُ عليه وَسَلَّمَ،
فَقَالَ لَهُ : اقْرَأْ عَلَيَّ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ
وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ،
وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ
وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.
قَالَ: أَعِدْ، فَأَعَادَ النَّبِيُّ
(صلى الله عليه وسلم)
فَقَالَ:
وَاللهِ إِنَّ لَهُ لَحَلَاوَةً ،
وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً ،
وَإِنَّ أَعْلَاهُ لَمُثْمِرٌ،
وَإِنَّ أَسْفَلُهُ لَمُغْدِقٌ وَمَا يَقُولُ هَذَا بَشَرٌ».
وذُكِرَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ:
فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ .. فسجدَ،
وقالَ: سجدتُ لفصاحتِه !
وسُمِعَ آخرُ يقرأُ:
فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا ..
فَقَالَ المستَمِعُ:
أَشْهَدُ أَنَّ مَخْلُوقًا لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ .
وَحَكَى الْأَصْمَعِيُّ :
أَنَّهُ سَمِعَ كَلَامَ جَارِيَةٍ،
فَقَالَ لَهَا: قَاتَلَكِ اللَّهُ ، مَا أَفْصَحَكِ !
فَقَالَتْ: أو يعدُّ هَذَا فَصَاحَةً ؟
بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ
فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ
فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي
إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ
وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ..
فَجَمَعَ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ بَيْنَ أَمْرَيْنِ،
وَنَهْيَيْن، وَخَبَرَيْنِ، وَبِشَارَتَيْنِ !
وقَوْلُهُ تَعَالَى:
إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ
وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ..
جمعَ فى ثلاثِ جُمَلٍ بينَ :
العنوانِ، والكتابِ، والحاجةِ .
لكم خالص تحياتى وتقديرى
و
رمضـان كريـم
الدكتــور علــى