أسرار.. وفتوحات
ويؤكد الدكتور يحيى أبوالمعاطى العباسى،
أستاذ التاريخ الإسلامى، أن رحلة
«الإسراء والمعراج» ستظل زاخرة
بالرسائل والفتوحات، ومن أهمها أن
الملمات والصعاب والمحن، ستزول
حتما، بقوة الإيمان بالله، والعمل النافع،
كما أنه فى البلايا تكون العطايا،
فالمنح تخرج من المحن، فهذه الرحلة
كان بها ثلاثة محاور،
وفق سورة «الإسراء».
المحور الأول هو التسبيح،
والثانى النور الإلهى،
والثالث الحمد فى نهاية السورة،
وهى محاور مقصودة منه،
سبحانه وتعالى،
فقد بُدئت السورة بتسبيح الله وتنزيهه؛
أى أن الإنسان فى معية الخالق
صاحب الحول والطول والقوة والهيمنة
والعطاء والمنع، فكل شىء بحوله وقوته،
واستمر التسبيح مصاحبا للسورة؛
لأن ما فيها خارق لما يعرفه البشر،
فإذا حاك فى عقلك شىء رددته إلى التسبيح
الذى بدأت به، وصاحبك فى السورة.
ويتابع أن المحور الثانى
هو التعرض لنور الله سبحانه وتعالى،
الذى أكرم به بعضا ممن اصطفاهم من خلقه،
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخصهم فى هذا، فلم يقترب من نور الذات
العلية أحد من خلق الله إلا محمد،
صلى الله عليه وسلم، وأراد الله سبحانه وتعالى
ألا يحرم أمته من هذا النور؛
فأوجد لهم وسيلته، وهى «الصلاة»،
إذ يقول صلى الله عليه وسلم:
الصَّلاَةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ»،
فمن أراد المعية والولاية مع الله؛
فليفر إلى الصلاة، ولا يفر منها.
ويستكمل الدكتور أبو المعاطى
أن السورة خُتمت بالحمد،
وهو متوافق مع عطاءات الله فيها لنبينا
محمد صلى الله عليه وسلم وأمته؛
لأن من أوكل أحواله وأموره لله..
فلن تنقطع عطاءاته عنه،
بل سيكون المدد بالنور الإلهى،
وهو أعلى درجات العطاء،
ومن أعطى ذلك فالحمد مآله ومنتهاه،
وهو حمد لله الذى أخذك إلى جنابه،
ولم يمنع عنك عطاءه،
فهو المعطى والموفق للحمد.
ويبين أنه بين التسبيح والحمد،
هناك رابطة بين الربوبية والعبودية؛
فالربوبية هى فى التسبيح والحمد والتنزيه
والتسليم فيكون العطاء المقتضى للحمد
والتسبيح والتنزيه، هو تذكير لعبودية الإنسان،
وأنه كلما استحق لقب العبودية لله؛ امتلأ شعورا
بالمعية بالرحمة، التى وسعت كل شىء،
إذ يقول تعالى:
«سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ».
معية الله
فى سياق متصل، يوضح الدكتور
عبدالمنعم إبراهيم عامر، من علماء
وزارة الأوقاف، أن معجزة «الإسراء والمعراج»،
تأتى لتذكرك بأنك، فى واقعك المعاصر،
إذا فقدتَ الظهير والنصير، من أهل الأرض،
وفى الوقت نفسه، تداعى الكل عليك،
فإن هذا الفقد للظهير والنصير.
لا يعنى فقد ولاية الله لك، أو معيته الخاصة بك،
لذا عليك أن تلجأ إليه، سبحانه،
بكل الوسائل التى من أهمها الصلاة،
خاصة فى العتمة، لما فيها
من الفيوضات، والكرامات.
فعَنْ أَنَسٍ، رضى الله عنه،
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِى ظُلَمِ اللَّيْلِ
إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»،
والصلاة من أعظم أسباب الولاية والمعية
والعروج بالروح الى رب البرية؛
لهذا اقتضت حكمته تعالى أن تُفرض
على نبينا فى هذه الرحلة، وفى هذا العلو..
إشارة إلى أن المسلم لا تسمو روحه إلا بها.
ويشير إلى أن هناك وسائل أخرى تعين الإنسان
على تفريج كروبه، منها الدعاء
والذكر والاستغفار والتسبيح،
وكثرة الصلاة والسلام على رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وفعل الخيرات،
وجبر الخواطر، ومثال ذلك ما حدث
مع نبى الله، يونس، عليه السلام، إذ قال تعالى:
«وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى
الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْلَا
أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ».
(الصآفات: 139- 144).
وفى ختام حديثه،
يطالب بالاستفادة من المناسبات الدينية
والتاريخية والوطنية،
فى تعليم النشء القيم والأخلاق ومواجهة
الأزمات وتحمل المسئوليات، من خلال
برامج التوعية عبر وسائل الإعلام،
ومنصات التواصل الاجتماعى،
والدراما الهادفة، ومناهج التعليم
والدروس فى دور العبادة،
وكذا الندوات فى المؤسسات الاجتماعية.
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتور علــى